سياسة

بلاغ الديوان الملكي.. تقريع لحزب المصباح أم رسالة تنبيه إلى كافة الفرقاء السياسيين؟

في تعليقه على بلاغ الديوان الملكي الأخير الذي أشار إلى أن استغلال البيجيدي لملف العلاقة مع إسرائيل لأغراض حزبية سابقة خطيرة، قال المحلل السياسي بلال التليدي إن جوهر البلاغ جاء ليؤكد على رسائل مهمة، وإن كان توجهه العام الذي يقرأ منه أنه تنبيه لحزب العدالة والتنمية للخوض في موضوع العلاقات المغربية الإسرائيلية أو في موقف المغرب من القضية الفلسطينية.

وأولى هذه الرسائل، يشير التليدي، هي التأكيد على حصرية وسيادية السياسة الخارجية وكونها اختصاص حصري للملك، وقال إنه لأول مرة يتم الحديث عبر بلاغ للديوان الملكي على أن هذه الحصرية ليست مجرد تقليد وانما هو اختصاص دستوري.

أما الرسالة الثانية فهي عبارة عن تنبيه ليس فقط لحزب العدالة والتنمية بل لكافة الفرقاء السياسيين على أن  المرحلة التي يمر بها المغرب على مستوى العلاقات الدولية هي مرحلة معقدة أي يصعب على أي مكون سياسي لا يمتلك المعلومات الكافية والمعطيات المتغيرة أن يخوض فيها أو أن يكون له رأي يدعي فيه أنه يخدم مصلحة الوطن. وأن الملك قائم على هذا الشأن ويتخذ مواقف بناء على قراءة لمجمل التطورات ضمن هذه الوضعية المعقدة.

وأضاف المحلل السياسي ذاته أن الرسالة الثالثة وهي أقل أهمية مقارنة مع الرسالتين السابقتين، ترتبط بالتذكير بالموقف المغربي السياقي من العلاقات المغربية الإسرائيلية، وهذا التذكير موجه للفرقاء السياسيين  والذي يؤكد على أن هذا الموقف ينبغي أن يفهم في سياقه.

وأضاف التليدي أن ما جاء في الفقرة الأخيرة من بلاغ الديوان الملكي حول إخبار القوى الحية للأمة والأحزاب السياسية وبعض الشخصيات القيادية وبعض الهيئات الجمعوية التي تهتم بالقضية الفلسطينية بهذا القرار، يؤكد على أن هذه الرسالة الثالثة كانت مقصودة.

واستبعد المتحدث أن يكون البلاغ قد جاء لتقريع حزب العدالة والتنمية لأن الملك يأخذ نفس المسافة من جميع الأحزاب، إلا أنه جاء لتذكير الجميع من خلال رده على بيان “المصباح” أن المغرب في حرب ديبلوماسية، وأن المواقف ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الظرفية المعقدة وأن تنأى بنفسها عن أي اشتباك أو تفاعل يمكن أن يؤثر سلبا على الديناميات الدبلوماسية المغربية.

وقال بلاغ للديوان الملكي، إن البيان الذي أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، مؤخرا يتضمن بعض التجاوزات غير المسؤولة والمغالطات الخطيرة، في ما يتعلق بالعلاقات بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل، وربطها بآخر التطورات التي تعرفها الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأكد البلاغ أن “موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، وهي تعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، الذي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة. وهو موقف مبدئي ثابت للمغرب، لا يخضع للمزايدات السياسوية أو للحملات الانتخابية الضيقة”.

وشدد الديوان الملكي أن السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص الملك، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية.

وأبرز أن “العلاقات الدولية للمملكة لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز من أي كان ولأي اعتبار، لاسيما في هذه الظرفية الدولية المعقدة. ومن هنا، فإن استغلال السياسة الخارجية للمملكة في أجندة حزبية داخلية يشكل سابقة خطيرة ومرفوضة”.

وأوضح البلاغ أن “استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل تم في ظروف معروفة وفي سياق يعلمه الجميع، ويؤطره البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بتاريخ 10 دجنبر 2020، والبلاغ الذي نشر في نفس اليوم عقب الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك نصره الله، والرئيس الفلسطيني، وكذلك الإعلان الثلاثي المؤرخ في 22 ديسمبر 2020، والذي تم توقيعه أمام جلالة الملك”.

وقد تم حينها، يضيف الديوان الملكي “إخبار القوى الحية للأمة والأحزاب السياسية وبعض الشخصيات القيادية وبعض الهيئات الجمعوية التي تهتم بالقضية الفلسطينية بهذا القرار، حيث عبرت عن انخراطها والتزامها به”.

وكان بيان للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قد عبر عن استهجانه لما وصفه بـ”المواقف الأخيرة لوزير الخارجية الذي يبدو فيها وكأنه يدافع عن الكيان الصهيوني في بعض اللقاءات الإفريقية والأوروبية”، وذلك تفاعلا مع آخر الخرجات الإعلامية لناصر بوريطة وهو يتحدث في لقاء جمعه بالمفوض الاتحاد الأووروبي لسياسة الجوار أوليفر فارهيليعن، الأسبوع الماضي، عن أفق التعاون الثلاثي إقيليمي وما يتيحه من فرص التطور بين المغرب والمفوضية وإسرائيل.

وقال الحزب في بلاغ له، إنه في الوقت الذي يواصل فيه “الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الاجرامي على إخواننا الفلسطينيين ولا سيما في نابلس الفلسطينية”، يبدو وزير الخارجية المغربي وكأنه يدافع عن إسرائيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *