مجتمع

باحثون يفضحون التضليل في الأفلام الوثائقية عن فلسطين

كشف باحثون أكاديميون وإعلاميون في ندوة علمية بالرباط، مساء اليوم الثلاثاء، أساليب التضليل في الإنتاج الوثائقي عن قضية فلسطين، منبهين إلى بعض الأفلام الوثائقية بالمغرب والعالم العربي التي تكرس مغالطات عن فلسطين، والتي تقلب الحقائق ليصيح الجلاد ضحية والضحية جلادا.

الندوة التي نظمها المعهد العالي مهن السمعي البصري والسينيما بالرباط، بشراكة مع إبداع للإنتاج السمعي البصري، تحت موضوع “التضليل في الإنتاج الوثائقي عن فلسطين” في الذكرى 99 لوعد بلفور (2 نونبر 1972)، شاركت فيها روان الضامن، صانعة أفلام فلسطينية والمشرفة على المشروع التفاعلي “ريمكس فلسطين”، وخديجة أولاد عدي، إعلامية بشبكة الجزيرة، وأحمد ويحمان، أستاذ جامعي ورئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، وعبد الرزاق الزاهر، باحث في سيميائيات الصورة.

نصف الحقيقة

الإعلامية الفلسطينية روان الضامن، أشارت إلى أن المشروع الصهيوني طيلة تاريخه، أنتج المئات من الأفلام الوثائقية بلغات عدة لترويج وجهة نظره حول الكيان الصهيوني، وهو ما جعل ولوج هذا الميدان بالنسبة للفلسطينيين والعرب أمر صعب، “باعتبار أننا ولجنا ملعب يسيطر عليه الطرف الآخر”.

وأوضحت المخرجة التي أنتجت أفلاما وثائقية عن فلسطيني مع شبكة الجزيرة، قالت إن من أبرز التضليلات الممارسة في الإنتاجات الوثائقية عن فلسطين، هو إبراز ربع الحقيقة أو نصفها فقط، وعرضها على أنها كل الحقيقة، سواء كان بقصد وعن غير قصد، معتبرا أن هذا الأمر يشوه الذاكرة الفلسطينية ويخرج أجيالا لا تعرف الحقيقة كما هي.

زوايا جديدة

وأضافت أن هناك من يمارس التضليل بالقول أن “التطرق للقضية الفلسطينية من زوايا جديدة هو أمر صعب وممل، نظرا لأن القضية تم تناولها من مختلف الزوايا على المستوى الإعلامي والوثائقي”، معتبرة أن هذا الطرح خاطئ ويعتبر جزءا من التضليل، مشددة على أن هناك زوايا معالجة جديدة للموضوع على المستوى الوثائقي.

وقالت روان في نفس الصدد: “إن المشاهد العربي أصبح ينجذب نحو الإنتاجات الوثائقية التي تعتمد على المعطيات الحقيقية البعيدة عن دغدغة العواطف وإثارة الحماس”، مشيرا إلى أنها أنتجت أفلاما عن حرب غزة دون أن تنقل أي مشهد للدماء، وتطرقت لجوانب الفرح والفن والتراث والأعراس الفلسطينية، لإبراز الوجه الآخر للقضية، حسب قولها.

في نفس الإطار، أوضحت المشرفة على موقع “ريمكس الفلسطيني”، أنها اكتشفت وجود عدد كبير من الوثائق الأرشيفية حول القضية الفلسطينية، لا يعرفها المشاهدون ولا حتى الإعلاميون، منها وثائق تعود إلى سنة 1915 وتكشف حقائق أخرى عن فلسطين، لكن التضليل الممارس في الإنتاجات الوثائقية يخفي تلك الحقائق، وفق تعبيرها.

التطبيع الإعلامي

الناشط المغربي أحمد ويحمان، أوضح أن من أخطر أنواع التضليل الممارس في الإنتاجات الوثائقية عن فلسطين، هو إنتاج أفلام بمعطيات مغلوطة من طرف مخرجين مغاربة وعرب، وترويجها على أنها هي الحقيقية، منتقدا بشدة فيلم “تنغير جيروزاليم”، لمخرجه المغربي كمال هشكار، معتبرا أن هذا الإنتاج يشوه الحقائق ويقلب المعطيات لصالح الكيان الصهيوني باستغلال التقنيات الحديثة، “والأدهى أن فيلمه أنتج بأموال عمومية وعُرض في وسائل إعلام عمومية وفي معاهد عليا وكليات عمومية”.

وأضاف رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أن هذا الفيلم حاول توريط القضية الأمازيغية مع الكيان الصهيوني، من خلال الترويج على أن الأمازيغ متحالفون مع الكيان الصهاينة وأن العدو هم العرب، وذلك بأخذ شهادات من كبار الصهاينة وبدعم من وسائل إعلام عامة كالقناة الثانية التي وصفها بـ”البوق الصهيوني”، وفق تعبيره.

وتابع قوله: “وقاحة البعض وصلت إلى تنظيم أمسيات لفيلم عن بروبغندا صهيونية في معاهد عليا وكليا عمومية مغربية، وعرضها في أوقات الذروة على قناة عمومية، بينما زعماء الأحزاب والنقابات والجمعيات لا يحظون حتى بـ 1 في المائة من هذا الحيز الزمني المتاح لهذا الفيلم على وسائل الإعلام”.

وبخصوص الجهود المبذولة بالمغرب لإنتاج أفلام وثائقية تعرض الحقيقة كما هي، أوضح الأستاذ الجامعي، أن هناك إنتاجات مثل من فيلم “الرباط إلى القدس” لمخرجه الطاهر العبدلاوي، و”الأقصى يسكن الأقصى” لمخرج العوان، مضيفا بالقول: “هناك محاولات لكنها في بدايتها، ومطلوب من أصحاب المال الاستثمار في هذا المجال لأنه مربح ومفيد ومؤطر لأجيال قُدِم لهم تاريخ مغلوط لقضايا أمتهم”، وفق تعبيره.

دغدغة العواطف

الإعلامية المغربية العاملة بشبكة الجزيرة، خديجة أولاد عدي، قالت في مداخلتها خلال الندوة نفسها، إن الكثيرين يخلطون بين الإعلام والنضال، مشيرة إلى أن خدمة القضية الفلسطينية إعلاميا يتم باحترام قواعد الإنتاج الوثائقي في الخطاب والشكل، بعيدا عن إثارة عواطف المشاهدين.

وأضاف الإعلامية المساهمة في إنتاج سليلة “فلسطين تحت المجهر” على قناة الجزيرة، أن هناك من يتناول القضية الفلسطيني من زاوية التمجيد المطلق، أو إظهار الحزن والضعف، وهوا ما يجعل التناول الإعلامي المبني على معطيات حقيقية يغيب عن الموضوع.

وأوضحت أنها حاولت رفقة روان الضامن في سلسلة “فلسطين تحت المجهر” على الجزيرة، تقديم قضية فلسطين للمشاهدين بدون مشاهد الدماء والحزب، واعتبرت حلقة “من الرباط إلى القدس” و”فسيفساء فلسطين”، من أبرز الحلقات التي تعتز بهما، نظرا لأنها يتناولان القضية بزاوية أظهرت الواقع الحقيقي للفسطينيين من فرح وحزن في نفس الوقت، دون أي مشاهد تثير التعاطف أو دغدغة المشاعر.