منتدى العمق

بائع السمك.. من طحنك ؟

كان محسن فكري شابا يضرب في الارض يبتغي من فضل الله دارهم معدودة ليسد بها رمق عائلته واسرته، ليدخل عليهم بالمساء مبتسما ضاحكا وقد اكمل يومه رغم كل الشقاء والعناء الذي لقيه من اخطبوط البحر الادمي .

محسن فكري لم يعد يوم الجمعة الماضي وعلى غير عادته الى منزله والى محضنه، لم يعد متعبا ولم يعد باي دراهم .بل طحن قبل ان يصل الى منزله او بالاحرى قبل ان يوصل بضاعته الى المستهلك لياخذ ثمنها .

محسن فكري بائع سمك اختار هذا المجال ليكون تجارة له تقيه من صروف الدهر وأنواء الزمان، لكن يد السلطة امتدت اليه في ساعة من ساعات يوم الجمعة لتلقي باسماكه في النفايات بشاحنة الازبال .

محسن اختار ان ينقذ اسماكه مهما كلفه ذلك، فرمى بنفسه وسطها كما يحن السمك الى مياه البحر، انه اختار ان يموت مع رزقه وتجارته التي اختارها.

محسن فكري لم يكن سياسيا، ولا منتخبا ،ولا اخطبوطا بحريا ،ولا مستثمرا يصيد في اعالي البحار، لم يكن يملك مركبا بحريا حتى يحاسب على سلعة كان يطمع في ان تكون تجارة رابحة له .
محسن فكره طحن وفرمل في شاحنة النفايات فمن طحنه ؟
محسن فكري طحنه من كان مسؤولا على الصيد البحري وسمح للمفسدين بالصيد في وقت غير مسموح به

من طحنه هو من لم يحترم القواعد والضوابط القانونية للحجز على السلع ان لم تحترم القانون
من طحنه هو من دفع به الى شراء سلعة يراها انها غير قانونية ليرضي فساده وجشعه .
من طحنه هو من أعطى الأوامر لحظة الحجز على سلعته برميها في النفايات بطريقة مهينة ومشينة .

المطلوب

الواجب الان هو التحقيق مع كل من كان سببا في هذه الحادثة المأساوية،ومحاسبة المتورطين في ذلك . والقطع مع منطق التحقيقات التي تبدا وتغلق في حينها او تبقى مفتوحة الى اجل غير مسمى من دون نتائج ،فامثال محسن فكري كثر بيننا يبحثون عن لقمة العيش ولا يبتغون اكثر من ذلك.

واللحظة اليوم هي اللحظة الفارقة التي ينبغي أيضا ان تظهر فيها قوة الاحزاب ودورها في تاطير المواطنين سياسيا وليس فرصة للركوب على مثل هذه القضايا وتسييسها .

التضامن مع محسن فكري هو واجب والاحتجاج أيضا واجب لكن بحذر شديد، فمثل هذه القضايا تحتاج منا الى اعمال القانون وتجسيده على ارض الواقع في التحقيق حلقة حلقة حتى لا يضيع المواطن ومعه الوطن، فالأحداث التي سبقت اظهرت ان القانون لم ياخذ مجراه في التعاطي مع قضية مي فتيحة وفاجعة اطفال طانطان.

فهل ستمر هذه الحادثة مرور الكرام كالتي سبقتها؟ ام ان الايام كفيلة بان تظهر لنا عكس ما أبدت لنا في الاحداث السابقة لتجلي لنا من طحن بائع السمك ؟