مجتمع

تقرير رسمي يكشف لائحة المعادن الحرجة بالمغرب ويسجل ارتهان المملكة لاستيراد معظمها

سجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مجموعة من الإكراهات التي تعيق تطوير منظومة المعادن الاستراتيجية والحرجة بالمغرب، خاصة فيما يتعلق بالتوريد والتثمين.

وأوضح المجلس، في تقرير تتوفر “العمق” على نسخة منه، أن أبرز الإكراهات المرتبطة بالقطاع المعدني بالمغرب الارتهان القوي بالواردات بالنسبة لمعظم المعادن الحرجة، مع وجود نموذج يعتمد على تصدير المواد الخام أو المركزة (باستثناء الفوسفاط والكوبالت أساسا)، مع ضعف الروابط البعدية مع قطاع الصناعة.

وأبرز التقرير ذاته التركيز الجغرافي لموردي المعادن الحرجة، ولاسيما من البلدان التي تعرف تقلبات سياسية وجيو-استراتيجية، مع تسجيل ضعف حصة إعادة تدوير وتثمين النفايات المعدنية والصناعية.

كما استعرض المجلس إكراهات أخرى ذات صبغة عرضانية لها تداعيات على منظومة المعادن الاستراتيجية والحرجة، من بينها محدودية حجم مناجم مختلف المعادن، باستثناء الفوسفاط وغياب تحفيزات جبائية خاصة بالأنشطة المنجمية، مع بطء وتعقيد المساطر المتعلقة بتدبير المخزون المعدني،إضافة للصعوبات المرتبطة بالولوج إلى التمويل الملائم، لا سيما بالنسبة للمقاولات المنجمية الصغيرة.

ونبه المجلس إلى كون السلطات العمومية الوصية لم تعلن بعد عن اللائحة الرسمية للمعادن الاستراتيجية والحرجة ببلادنا، ما استدعى منه تحديد لائحة من 24 معدنا حرجا يتوفر منها المغرب على 7 معادن.

واقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لائحة أولية ذات طبيعة استكشافية تضم 24 معدنا استراتيجيا وحرجا بالنسبة للمغرب، موضحا أن هذه اللائحة جرى إعدادها ارتكازا على منهجية تتلاءم مع السياق الوطني، والإمكانات المنجمية، وتأخذ بعين الاعتبار التوجهات والخيارات القطاعية المستقبلية لبلادنا، لاسيما في إطار النموذج التنموي الجديد.

ومن بين المعادن الحرجة المهددة بانقطاع عمليات التوريد أكثر من غيرها، حسب درجة تركيز الإنتاج وتراجع درجة عدم الاستقرار، ذكر المجلس الغرافيت والجرمانيوم والقصدير والتنغستن والمغنيسيت والأتربة النادرة (العناصر الأرضية النادرة) والألمنيوم والتيتانيوم.

وحسب المصدر ذاته، فيعتمد توفر المعادن بشكل أساسي على القدرات المحلية للإنتاج والتثمين، وكذا على الولوج إلى سلاسل التوريد العالمية للمعادن التي يمتلك المغرب موارد محلية لها أو التي يملك القدر الكافي منها، وخلال السنوات الأخيرة، يضيف المجلس، عرف الإنتاج الوطني من المعادن، باستثناء الفوسفاط، ركودا بل إنه سجل تراجعا.

وأوضح مجلس الشامي أن هذا الوضع يعزى، حسب الفاعلين في هذا القطاع، إلى نفاد احتياطيات المناجم التي يتم استغلالها وعدم تسجيل اكتشافات مهمة على مدى العقود الثلاثة الماضية،وهو أمر يرتبط أيضا بضعف الاستثمارات في مجال الاستكشاف المنجمي، علاوة على غياب إطار ضريبي محفز خاص بهذه المراحل المحفوفة بالمخاطر بعد إلغاء مخصصات المؤن الممنوحة لمستثمري القطاع الخاص من أجل إعادة تكوين المناجم سنة 2009.

وبخصوص المعادن الاستراتيجية والحرجة التي لا ينتجها المغرب ولا يثمنها محليا سواء بشكل أولي أو ثانوي، أوضح التقرير أن التوريد عن طريق الاستيراد يظل البديل الوحيد في هذا الشأن، حيث يكشف استعراض لائحة المعادن الحرجة بالمغرب، عن العديد من مكامن الهشاشة التي تهدد استدامة عمليات التوريد.

وفي هذا الإطار، أكد مجلس الشامي أنه بالنسبة لمعظم المعادن الحرجة بالمغرب، والتي تم تحديدها في 24 معدنا، يعتمد المغرب بشكل كلي على استيراد نحو 17 معدنا منها، أي بنسبة 74 بالمائة، معتبرا أن هذا الارتهان القوي بالخارج من شأنه أن يضعف القطاعات الوطنية التي تعتمد على هذه المعادن في حالة وقوع صدمات على الصعيد الجيوسياسي أو اللوجستيكي أو الاقتصادي.

كما اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن ما يزيد ارتهان المغرب هو المستويات العالية من التركيز الجغرافي لموردي العديد من المعادن الحرجة، حيث إنه من أصل 17 معدنا حرجا يسجل أزيد من 70 بالمائة منها، أي 12 معدنا، درجة عالية من التركيز الجغرافي للمنتجين العالميين، خاصة في بلدان تعرف مستويات متدنية من الاستقرار السياسي.

من جهة ثانية، سجل المجلس ضعف حصة إادة تدوير النفايات المعدنية والصناعية وتثمينها من أجل توليد إنتاج ثانوي وطني، ومن تم التخفيف من الارتهان بالواردات، حيث أنتج قطاع المعادن ما يقرب 3.5 مليار طن من النفايات بين سنتي 1968 و2015، كما قد تصل لأزيد من 6 مليارات طن بحلول سنة 2030.

انعزال القطاع المعدني عن الصناعي

سجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن القطاع الوطني لاستخراج المواد المنجمية، باستثناء الفوسفاط، يتسم بطابعه المنعزل وضعف روابطه مع القطاع الصناعي، حيث يؤثر التثمين المحلي غير الكافي للمعادن الاستراتيجية والحرجة، حسب التقرير، سلبا على التسريع الصناعي لبلادنا وعلى الميزان التجاري، كما يؤثر هذا الوضع على السيادة الصناعية فضلا عن أنه لا يساهم في تنويع مصادر النمو والتشغيل والدخل وتطوير مستوى الإنتاج والصادرات.

فمن بين المعادن الاستراتيجية والحرجة التي تم تحديدها، تدخل 6 معادن فقط في عمليات التكرير أو إنتاج مركبات كيماوية، كما يلاحظ من خلال تحليل الميزان المبادلات التجارية للمعادن الحرجة التي لا يتوفر فيها المغرب على إنتاج محلي هام، أنه يأتي ما بين 90 و100 في المائة من الواردات من 14 معدنا في شكل منتجات مكررة أو معالجة أو محولة وليس في شكل مواد خام أو مركزة.

كما يتبين، حسب التقرير، من خلال دراسة خصائص الواردات أن جهود الاستثمار التي يبذلها المغرب تبقى غير كافية، ولا يساعد هذا الوضع، حسب المجلس، على تعزيز السيادة الوطنية للبلاد، كما أنه يفصح عن وجود عجز يمكن تداركه إذا ما اعتمد المغرب على نموذج اقتصادي قائم على استيراد المعادن الخام بتكلفة أقل ليتم بعد ذلك معالجتها أو تكريرها.

من جهة ثانية، سجل المجلس أنه باستثناء الفوسفاط، فإن معظم المناجم المعروفة صغيرة الحجم، إضافة إلى إكراهات تتعلق ببطء المساطر الإدارية المتعلقة بتدبير المخزون المعدني وطابعه المعقد، مع غياب تحفيزات جبائية والصعوبات المرتبطة بالولوج إلى التمويل الكافي، فضلا عن الخصاص من حيث الكفاءات في المهن المرتبطة بقطاع المعادن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *