حوارات، مجتمع

العلوي يعلق على تقرير العدوي والحوادث بالمستشفيات ويقيم تنزيل الحماية الاجتماعية (حوار)

تمر المنظومة الصحية بالمغرب من فترة انتقالية مهمة لتنزيل الورش الملكي الخاص بتعميم الحماية الاجتماعية، رغم أن عددا من المستشفيات تعاني من اكتظاظ وقصور في الخدمات ونقص حاد في الموارد البشرية والإمكانات اللوجيستيكية.

كما أفاد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2021، أن العجز في عدد الأطباء يرجح أن يرتفع إلى حوالي 47.000 طبيبا سنة 2023 وإلى أزيد من 53.000 طبيبا في أفق 2035، وبالمقابل، فمن المرجح أن يسجل انخفاض في عجز عدد الممرضين وتقنيي الصحة، والذي قد يتراجع من حوالي 56.000 ممرضا وتقني صحة إلى 54.000 خلال نفس الأفق.

وحسب مجلس العدوي أيضا فإن هدف تغطية كاملة للسكان بالعاملين الصحيين لا يمكن بلوغه إلا على المدى الطويل (في أفق سنة 2035 تقريبا)، مبرزا أن هذه التغطية تستوجب تحقيق فرضية الحفاظ على كافة الخريجين من أطر طبية وتمريضية ضمن المنظومة الصحية الوطنية طيلة هذه المرحلة، مما يستدعي وضع آليات مناسبة للحد من ظاهرة هجرة الأطباء التي أصبحت أكثر حدة في السنوات الأخيرة.

كما شهدت الأسابيع الأخيرة حالات ولادة خارج المستشفيات لأسباب متعددة، حيث وضعت سيدة مولودها أمام باب المستشفى الجهوي “محمد الخامس” بطنجة، لتقوم لجنة مختلطة مشكلة من مسؤولين بوزارة الصحة ومسؤول بولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة بزيارة ميدانية من أجل الاطلاع على حيثيات الواقعة.

كما اضطرت سيدة أخرى إلى وضع مولودها بحديقة المركز الاستشفائي الإقليمي “الأميرة لالة حسناء” بمدينة اليوسفية، حيث طلبت منها إدارة المستشفى العودة لاحقا بمبرر أن موعد الوضع لم يحن بعد، غير أن المخاض اشتد عليها، ما دفعها إلى وضع مولودها بحديقة المستشفى.

وتستضيف جريدة “العمق” في هذا الحوار، المنتظر العلوي، الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، لمناقشة ما صدر عن المجلس الأعلى للحسابات والتطرق لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية وغيرها من المواضيع المرتبطة بالمنظومة الصحية بالمغرب.

1/ المجلس الأعلى للحسابات أكد أن المغرب بحاجة لـ47 ألف طبيب وأن خطة تكوين الأطباء بعيدة على هذا الهدف.. كيف تعلق على هذا الأمر ؟

حاجة المغرب للأطر الصحية لمختلف مكوناتها وخاصة الأطباء من مختلف التخصصات هو أمر جلي وواضح للجميع، وهي فرصة للمسؤولين على الشأن الصحي بوضع خطط وسياسات تنطلق من هذه المشاكل التي يعاني منها القطاع، فمنذ 2018 والإحصائيات الرسمية تقدر حاجة المغرب بحوالي 32 ألف طبيب و57 ألف ممرض، كما يجب الإشارة إلى أن تكوين الأطباء ليس بالأمر الهيّن لأنه يدوم لسنوات، وبالتالي لن نلبي هذه الاحتياجات بسهولة، والوصول للرقم المذكور يبقى بعيد المنال في كثير من التخصصات.

ورغم أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وضعت مجموعة من الاستراتيجيات لمواجهة هذا النقص في الموارد البشرية بالقطاع، إلا أن هذا الأمر مازال يشكل حجرة عثرة أمام تطور المنظومة الصحية، فرغم بناء العديد من المستشفيات والمراكز الصحية إلا أن النقص الهائل في الموارد البشرية بالقطاع هو أهم إشكال يواجه المنظومة الصحية بالمغرب.

كما أن المجموعات الصحية الترابية ستعمل في ظل برنامج صحي جهوي مع وضع نظام لحركية الموارد البشرية لتغطية العجز الحاصل في بعض النقط، مع ضرورة اعتماد نظام فعال للأجور محفز لمهنيي الصحة.

2/ شهدت الأسابيع الماضية مجموعة من “الكوارث الصحية” بالمغرب مثل وفاة ثلاث مرضى بعد نفاذ مخزون الأوكسجين وحالات ولادة خارج المستشفيات. لمن تحمل المسؤولية في هذه الحوادث ؟ وما سبل مواجهتها ؟

لا يجب تضخيم مثل هذه الحوادث، فالمغرب لا يعاني، كغيره من دول الجوار، من هذا النقص الكبير في الأوكسجين الذي قد يؤدي إلى هذا الكم من الوفيات، فقد يعاني بعض المرضى من تأخر طفيف في الحصول على الأوكسجين، لكن ليس إلى درجة أن يؤدي ذلك إلى هذا النوع من الكوارث الصحية، ويجب القيام بخبرة تقنية قبل إصدار مثل هذه الأحكام.

وبخصوص حالات الولادة خارج المستشفيات، فمن الصعب أن نحمل المسؤولية للأطر الصحية، على اعتبار أن مثل هذه الحوادث تحصل في مختلف دول العالم بدرجات متفاوتة، وقد تكون السيدة الحامل هي المسؤولة أحيانا عن هذا الأمر في حال وصلت متأخرة للمستشفى، رغم ضرورة العمل على التقليل من هذه الحالات وتوفير جميع الإمكانيات لمواجهتها والحد منها.

3/ كيف تقيم تنزيل ورش الحماية الاجتماعية حتى الآن ؟

ورش الحماية الاجتماعية يتقدم ببلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة، ولا يسع المغاربة إلا أن يكونوا سعداء ومتفائلين بهذه الورش، حيث سيخدم هذا الأخير جميع شرائح المجتمع من مهنيين وحرفيين وطلبة وخاصة الطبقات المعوزة، وجميع المؤشرات الحالية تدل على أن المغاربة سيستفيدون من ورش الحماية الاجتماعية، وهو بمثابة صندوق تضامني يعزز من قيم التكافل الاجتماعي.

ويجب أن يرافق هذا الورش تحفيز مادي ومعنوي للأطر الصحية، على قلة عددها، نظرا للمجهودات الكبيرة التي يبذلونها خدمة للقطاع الصحي بالمغرب، مع ضرورة الاهتمام بالنصوص التشريعية لتكون في حجم الانتظارات والتطلعات.

4/ عدد من النقابات أكدت أن الحوار الاجتماعي عاد لمرحلة الجمود.. إلى أي حد تم تفعيل مضامين اتفاق 30 أبريل 2022 ؟

على اعتبار أننا نقابة فئوية قطاعية فإن الاتفاق الذي نعود إليه دائما هو 24 فبراير 2022، الذي منحنا الاعتراف بالمؤشر 509 كاملا، وقد بدأ تنفيذه على مدى سنتين كما تم الاتفاق، ونحن كنقابة مستقلة لأطباء القطاع العام لا يعنينا إلا هذا الاتفاق.

ومازالت حواراتنا مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية متواصلة ومفتوحة بخصوص المراسيم التطبيقية، ولا نعتمد أبدا على سياسة التراجع أو الكرسي الفارغ، وكلما استدعت الضرورة لحوارات مستعجلة نقوم بذلك، والوزارة بدورها فتحت ذراعيها لهذا الأمر، حيث استجابت الوزارة لعدد من مطالبنا كما تواصلنا مع عدد من الفرق البرلمانية بالغرفتين من أجل شرح وجهات نظرنا وتبني التعديلات التي اقترحناها، وقد قوبلت مقترحاتنا من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بما يناهز 96 بالمائة.

5/ بعد إعادة انتخابكم.. ما هي رهاناتكم رفقة النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام ؟

على اعتبار أن نقابتنا تمثل اللجنة رقم 1 المكونة من الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان بالقطاع العمومي، فإن رهاننا الأساسي يتمثل في تحسين ظروف اشتغال الهيئة الصحية والظروف المادية والمعنوية، والدفاع عن حقوق هذه الفئة، رغم أننا لسنا نقابة مركزية بل نقابة قطاعية فئوية ومستقلة عن أي جهة نقابية.

المؤتمر الرابع الذي عقدته النقابة يومي الجمعة والسبت 3 و4 مارس الجاري، كان محطة هيكلية تنظيمية مهمة، حيث تم جرى تجديد الهياكل الوطنية من لجنة إدارية ومكتب وطني، وتبقى شروط الاستمرارية مضمونة ومتوفرة عبر تجديد الدماء من خلال الاعتماد على العنصر الشبابي مع الحفاظ على المناضلين القدماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *