مجتمع

مشروع اجتماعي بالجديدة يواجه الغموض.. 26 مليون درهم تبتلعها اختلالات وصفقات على المقاس

كشفت المفتشية العامة لوزارة الداخلية، في تقرير لها عن مجموعة من الاختلالات والتجاوزات المتعلقة بمشروع بناء مجمع اجتماعي جهوي موجه لاستقبال الأشخاص في وضعية هشاشة، والذي يشرف على تنفيذه جمعية “APOS” التابعة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH).

ويبلغ حجم المشروع حسب تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، حوالي 26.5 مليون درهم، ويتضمن بناء أربعة مراكز اجتماعية تتنوع بين استقبال
المسنين، مراكز طبية (SAMU)، مراكز لعلاج الإدمان، إلى جانب مرافق للتعليم والتكوين، على مساحة إجمالية تقدر بـ7283 متر مربع.

ويعود تاريخ انطلاق المشروع إلى 2018، لكنه عرف تأخيرات كبيرة حيث لم تبدأ الأشغال إلا في 2021، وهي متوقفة حاليا عند مرحلة الأعمال الكبرى غير المنجزة، مع وجود كتلة رئيسية في حالة حفر فقط.

وأبرز التقرير تعديلات عدة على مكونات المشروع، منها إضافة مركز لعلاج الإدمان لم يكن مبرمجا في البداية، كما لوحظ توسيع غير مبرر لمساحة المشروع التي تجاوزت حدود قطعة الأرض الأصلية، مما أثار تساؤلات بشأن المخطط المالي ومدى توافقه مع شروط المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تحظر بناء مشاريع ضخمة وتؤكد على ضرورة التركيز على البنية التحتية الوظيفية.

الجانب الإداري للمشروع أثار قلق المفتشية، خاصة بعد تعيين جمعية “APOS” لتولي مهمة تسيير المشروع دون إجراء مناقصة عامة، مع العلم أن الجمعية لا تتوفر على الهيكلة الإدارية اللازمة أو الكفاءات المطلوبة لإدارة مثل هذا المشروع المعقد.

وأفاد التقرير أن الجمعية تتكون من سكرتيرة واحدة وعدد من الأعضاء الذين لا يحملون المؤهلات اللازمة، مما يهدد بعرقلة استمرارية خدمات المراكز الاجتماعية المرتبطة بالمشروع.

ونبه التقرير إلى ضرورة احترام النصوص القانونية المنظمة للطلبات العمومية والابتعاد عن التعديلات غير المدروسة التي يمكن أن تؤثر على جودة الخدمات المقدمة للفئات الهشة.

كما يدعو إلى ضرورة مراجعة الهيكلة الإدارية للمشروع وإعادة النظر في كيفية تمويله، خاصة مع وجود فكرة إدماج مدرسة خاصة داخل المجمع كمصدر تمويل، الأمر الذي يثير تساؤلات حول أهداف المشروع الحقيقية.

وسجل التقرير أن غياب الدقة في تحديد جدول صرف المساهمات المالية، إذ حددت مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 9 ملايين درهم، بينما بلغت مساهمة مجموعة OCP 13 مليون درهم، موزعة على ثلاث دفعات مرتبطة بمراحل تقدم الأشغال (25 في المائة بعد توقيع اتفاقيات الدراسات، 25 في المائة بعد إسناد صفقة الأشغال، و50 في المائة بعد إنجاز نصف حجم المشروع).

وفي ما يتعلق بمرحلة الدراسات، أبرز التقرير أن الدراسة الجيوتقنية المنجزة بتاريخ 25 نونبر 2020 شابتها عدة نواقص، أبرزها غياب تحليل بيئي شامل للموقع، وعدم تحديد إحداثيات مواقع الحفر الاستكشافية أو المسافات الفاصلة بينها.

وقد اكتفى مختبر S2G المنجز للدراسة بسبع حفر استكشافية جرفَت آليا، في حين تنص المعايير على إجراء نقطة استكشاف كل 200 متر مربع على الأقل، مع عدم تجاوز 20 مترا بين نقطتين متتاليتين.

كما أشار التقرير إلى أن أعماق الحفر تراوحت بين 3,40 م و3,60 م، وهي أقل من العمق الأدنى المطلوب (5 أمتار) حسب المعايير، رغم أن الحفريات الميدانية للأساسات وصلت فعلياً إلى أعماق بين 3,68 م و4,20 م.

وبين التقرير أن الطبقة الأرضية المكتشفة غير متجانسة (مَارن، وكالكارينيت، وكالكارينيت مارني) ذات خصائص غير مستقرة، خصوصا بوجود المياه. ورغم اكتشاف منسوب المياه الجوفية على عمق 2,80 م، لم تجر أي حسابات هيدرولوجية لتتبع سلوك هذه المياه عبر فترات زمنية مختلفة.

كما انتقد التقرير تثبيت إجهاد التحمل المسموح به للتربة في 1,80 بار للأساسات المستمرة، دون عرض الفرضيات الحسابية أو المنهجية المعتمدة للوصول إلى هذه القيمة.

توصيات التقرير ذهبت نحو ضرورة مراجعة مساطر تحديد الكلفة، وإجراء الدراسات الجيوتقنية وفق المعايير المعمول بها، مع إشراك المصالح التقنية المختصة منذ المراحل الأولى للمشاريع، تفاديا لأي مخاطر إنشائية أو مالية قد تواجه التنفيذ مستقبلا.

وأثارت دراسة جيتقنية أعدها مختبر “S2G” جدلا واسعا، بعد أن كشف تقرير تقني عن وجود ثغرات كبيرة في تقييمه لأساسات مشروع بناء، وعدم استنفاد جميع الحلول الممكنة، ما تسبب في تعقيدات أثناء التنفيذ ورفع الكلفة المحتملة.

التقرير أشار إلى أن المختبر لم يحدد المعطيات الأساسية للتربة، مثل التماسك وزاوية الاحتكاك، رغم اعتماده على صيغة “تيرزاجي” التي تستوجب توفر هذه البيانات بدقة قبل أي حساب هندسي.

كما اكتفى المختبر باقتراح حل وحيد، يتمثل في اعتماد أساسات على شكل سميلات مستمرة بعمق 3,40 أمتار، دون دراسة بدائل أكثر جدوى اقتصادية، رغم أن المواد اللازمة لهذا الخيار ستكون بكميات كبيرة.

ومن الملاحظات البارزة، أن المختبر تجاهل تأثير المياه الجوفية، رغم إقراره بوجودها، وقلّل من أهمية الهبوطات المحتملة، رغم أن تربة الأساس ضعيفة البلاستيكية، وفوقها ردم غير مدمك بسمك 2,80 متر.

التقرير أكد أن الحل الأمثل كان يقتضي عزل الأساسات لمواجهة تأثير المياه الجوفية أو حتى اقتراح نظام نزح مياه.

كما شدد التقرير على أن المختبر لم يدرس خيار الأساسات على آبار بعمق يصل إلى 7 أمتار، وهو حل أقل تكلفة وأكثر أمانا في مثل هذه الظروف.

التدخلات الثلاث التي قام بها المختبر بين فبراير وأبريل 2021 كشفت بدورها عن ارتباك في التوصيات، إذ جاء التدخل الأول باقتراح إزالة 2,30 متر فقط من الردم، مع الإبقاء على 50 سم دون إجراء اختبارات كافية، بينما بينت اختبارات لاحقة أن هذه الطبقة المتبقية غير مدمكة والتربة أسفلها غير متجانسة، ما يجعل الحل المقترح غير كافٍ للوصول إلى تربة صالحة للارتكاز.

ففي الجانب التقني، لفت التقرير إلى أن المقترحات الأخيرة التي اعتمدها صاحب المشروع، والمتضمنة لأشغال إضافية غير مدرجة في التقديرات الأولية، لم تكن تمثل الحل الأمثل، خاصة وأن خيار الأساسات العميقة على شكل آبار أو ميكروبيلات كان الأكثر أمانا والأقل تكلفة.

كما نبه التقرير إلى أن خيار الحفر على عمق 3,60 أمتار كان يستدعي إعادة النظر في التصميم المعماري للاستفادة من طابق سفلي يوفر المساحة ويقلص التكاليف الإضافية الناتجة عن الردم وإعادة التسوية.

التقرير رصد أيضا قصورا في الدراسة التقنية التي خضعت لتعديلات أثناء التنفيذ، من بينها اعتماد قيم متضاربة لمقاومة التربة، وإغفال أخذ مياه الجوف في الاعتبار رغم رصدها على عمق 3,80 أمتار، إضافة إلى أخطاء في وضع فواصل التمدد، واستعمال طبقات عازلة وتصريفية غير فعّالة لغياب أنظمة تصريف مرتبطة بها، فضلا عن وجود فروقات بين الكميات المبرمجة والمنجزة.

أما على صعيد مساطر الصفقات، فقد وقف التقرير على غياب تام للمنافسة في إبرام العقود الخاصة بالخدمات المعمارية والدراسات التقنية والجيوتقنية، حيث لجأت الجهة صاحبة المشروع إلى أسلوب التفاوض المباشر مع المهندس المعماري (يوسف.أ) ومكتب الدراسات B.T.Z، رغم أن القانون يفرض المرور عبر مسابقة معمارية للمشاريع التي تتجاوز قيمتها 20 مليون درهم.

كما تبين أن عقد الدراسة التقنية أُسند إلى B.T.Z دون معايير واضحة، فقط بناء على مذكرة حول منهجية التنفيذ، في حين لم يمنح باقي المنافسين المعلومات الكافية لتقديم عروض متكاملة.

وتؤكد المعطيات أن صاحب المشروع (PAPOS) أبرم عقدين مع نفس مكتب الدراسات BET2A، الأول بتاريخ 8 يوليوز 2020 والثاني بتاريخ 25 دجنبر من السنة نفسها، دون المرور بمسطرة منافسة حقيقية، رغم قيامه شكليا بإجراءات فحص عروض ثلاثة مكاتب استُشيرت عبر رسائل دورية.

الأتعاب حددت بنسبة 2,5 في المائة من الكلفة التقديرية للأشغال، وهي نسبة غير مطابقة للمادة 90 من مرسوم الصفقات العمومية التي تحدد النسبة في مجال يتراوح بين 1 في المائة و5 في المائة.

الأخطر أن عقود المهندس المعماري ومكتب الدراسات أُبرمت قبل توقيع الاتفاقية الرسمية بين الشركاء بتاريخ 28 دجنبر 2020، بل إن الدراسة الجيوتقنية أنجز أول تقرير لها قبل توقيع الاتفاقية. كما تم أداء مصاريف هذه الدراسة مباشرة عبر فاتورة دون أي منافسة.

تقرير المفتشية أظهر وجود اختلافات صارخة بين عقد المهندس المعماري وصفقة الأشغال، سواء في مدة التنفيذ أو في التقديرات المالية. ففي حين حدد العقد مدة الإنجاز في 12 شهرا، نصت الصفقة على 15 شهرا، كما اختلف التقدير المالي الأولي بين 20,88 مليون درهم و23,8 مليون درهم.

الوثائق سجلت أيضا غياب بنود تفرض غرامات على المهندس المعماري في حال تجاوز التقديرات المالية أو الغياب عن زيارات الورش، وهو ما يُعد ثغرة تمنح هامشا للتلاعب.

تشير المعطيات إلى وجود فارق بلغ 27 في المائة، أي ما يعادل 5,63 ملايين درهم، بين تقدير المهندس المعماري وقيمة الصفقة الممنوحة، وهو فارق يثير الشكوك حول مدى دقة الدراسات وشفافية المساطر.

وأوضح أن كلفة الدراسات تجاوزت السقف المحدد في الاتفاقية عند مليون درهم، حيث بلغت قيمة التجاوز 178.520,70 درهم. هذا المبلغ توزّع بين عقدي المهندس المعماري ومكتب الدراسات التقنية، اللذين أبرما بمبلغ 1.044.000 درهم (522 ألف درهم لكل منهما)، وأتعاب أخرى مرتبطة بطلبات غير مدعومة بميزانية، تمت تسويتها عن طريق الشيكات، همّت خدمات المراقبة التقنية والدراسة الجيوتقنية والرفع الطبوغرافي.

كما بيّن التقرير أن الكلفة التقديرية للأشغال، وفق الإعلان عن طلب العروض، بلغت 23.8 مليون درهم، متجاوزة المبلغ المنصوص عليه في الاتفاقية والمحدد في 22 مليون درهم، أي بفارق 1.8 مليون درهم.

غياب التخطيط المناسب لتقسيم الصفقة
ومن بين الملاحظات البارزة، عدم تقسيم الصفقة إلى أربعة حصص منفصلة تهم كل مركز على حدة، رغم أن ذلك كان سيتيح مرونة أكبر في الإسناد والتنفيذ، مع إمكانية إعطاء الأولوية للمراكز الأكثر إلحاحا، مثل مركز استقبال المسنين، خاصة وأن هذه الفئة تعيش حالياً في المستشفى الإقليمي القديم في ظروف وصفت بـ”المتردية”.

كما سجل التقرير غياب بند يلزم الشركة المنفذة بتقديم جدول زمني للأشغال للمصادقة عليه، بالإضافة إلى إسناد مهمة “التنظيم والقيادة والتنسيق” للشركة، في حين أن هذه المهمة تدخل ضمن اختصاصات المهندس المشرف على المشروع.

ولفتت المعطيات إلى إشكال في تحديد الجهة التي تتحمل أتعاب مكتب المراقبة التقنية، مع تسجيل تحمل غير مبرر لمبلغ 109.200 درهم لفائدة مكتب “4G Ingénierie”، رغم أن مهامه كانت مكررة مع مكتب مراقبة آخر سبق التعاقد معه على نفقة مكتب الدراسات التقنية.

وجاءت أبرز التجاوزات في إقصاء إجراء طلب العروض المفتوح واللجوء إلى طريقة طلب عروض مقيد، رغم أن قيمة الصفقة تقتضي تطبيق آليات شفافة ومفتوحة تضمن تكافؤ الفرص لجميع المقاولات المتخصصة في مجال الأشغال. كما أن القرار لم يكن مبررًا، خاصة وأن هذا النوع من الأشغال متاح للكثير من الشركات العاملة في القطاع.

وقد شملت الصفقة دعوة خمس شركات محددة فقط، من بينها أربع شركات قدمت عروضا تجاوزت التكلفة التقديرية بنسبة تتجاوز 50 في المائة، الأمر الذي أدى إلى استبعادها، والتوجه نحو شركة خامسة تحمل اسم “R.BAT”، رغم أن هذه الشركة لم تكن تملك الوسائل المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ مشروع بهذا الحجم، كما أن شهادات إنجازاتها السابقة تخص مشاريع بناء سكنية وليست مبانٍ عمومية ذات طابع اجتماعي.

ولم تقتصر المخالفات على هذا الحد، حيث تم منح الصفقة لهذه الشركة دون تقييم دقيق لعروضها المالية، التي تضمنت أسعارا منخفضة بشكل غير مبرر في بعض البنود ومرتفعة في أخرى، ما استدعى ضرورة طلب توضيحات ومراجعة للعروض التي قد تهدد جودة التنفيذ وسير المشروع.

وأبرزت الوثائق أيضا وجود أخطاء فنية وإجرائية في محضر فتح الأظرفة، الذي لم يتضمن التقدير المالي للمشروع بصورة واضحة، كما أغفل ذكر كافة الأحداث التي وقعت خلال فترة تزيد عن 40 يوما بين فتح الأظرفة وإعداد المحضر، مما يشير إلى نقص في ضبط وتوثيق جلسات لجنة طلب العروض.

وفي رسالة بتاريخ سبتمبر 2022، طالبت شركة “R.BAT” جهة الإشراف على المشروع بإعادة النظر في أسعارها بسبب انخفاضها المفرط، مما يؤكد وجود خلل في عملية تقدير العروض الأولية.

هذا وأشار التقرير إلى أنه تم الإفراج عن الكفالة المؤقتة للمقاول بمبلغ 300,000 درهم قبل تقديم الكفالة النهائية، مخالفا بذلك أحكام العقد التي تنص على ضرورة الاحتفاظ بها حتى تقديم الكفالة النهائية، والتي تأخرت بدورها لأكثر من 50 يومًا عن الموعد المحدد.

كما بدأت الأشغال قبل الحصول على رخصة البناء الرسمية، حيث مضى أكثر من عام على بداية التنفيذ قبل منح الترخيص، مما يشكل مخالفة للإجراءات القانونية المنظمة.

وقد توقفت الأشغال عند مرحلة الإنجاز بنسبة لا تتجاوز 30 في المائة، مع تدهور واضح في حالة موقع العمل، إذ ظهرت مواد بناء تالفة ومعدات تم إزالتها من الموقع، إلى جانب سهولة دخول الغرباء بسبب ضعف التأمين، في حين أن المقاول ترك العديد من المستحقات المالية العالقة للعمال والموردين.

ويعود جزء من التأخير إلى توقفات متعددة بأوامر من صاحب المشروع بناء على طلبات المقاول المتعلقة بتعديل النظام الإنشائي وارتفاع الأسعار، رغم غياب تقارير فنية مبررة لهذه التوقفات، مما تسبب في تأخير طويل للأشغال.

وشهد مشروع تنفيذ أعمال شركة “رانيم بات” سلسلة من التوقفات المتكررة والتأخيرات التي أثرت بشكل كبير على وتيرة إنجاز الأعمال، حيث سجلت توقفات تمتد لحوالي 12 شهرا، في حين تجاوزت مدة التنفيذ الفعلية للمشروع أكثر من 12 شهرا دون إنجاز ملموس يذكر.

وقد لوحظ أن هذه التوقفات تمت الموافقة عليها بشكل سريع، وغالبا ما كانت تمنح في اليوم التالي لتقديم طلبات الشركة، ما يثير تساؤلات حول مدى الرقابة والمتابعة من قبل الجهات المسؤولة.

كما تقدمت الشركة خلال فترة التوقف، وتحديدا في 15 يوليو 2021، بطلب لتمديد مدة العقد بدلا من طلب توقف الأعمال، في حين سبق لها أن طالبت بسلفة مالية قدرها 2,641,892 درهم، تمثل 10 في المائة من قيمة العقد، بعد أقل من ثلاثة أشهر من بدء العمل، رغم أن دفتر الشروط لم ينص على منح هذه التسهيلات.

وأظهرت الوقائع الصعوبة التي واجهتها “رانيم بات” في المضي قدما بأعمالها، حيث قام صاحب المشروع (APOS) في أكتوبر 2022 بمراسلة الشركة من أجل استئناف العمل، في ظل غياب أي أمر توقف رسمي خلال فترة زمنية طويلة بين يوليو 2021 ويونيو 2022، مما يشير إلى وجود توقفات فعلية دون توثيق أو أوامر خدمة واضحة. ولم يتخذ صاحب المشروع الإجراءات اللازمة إلا في ديسمبر 2022 بإرسال إنذار للشركة، التي كانت قد تخلّت عن الموقع بالفعل.

وفي سياق متابعة سير المشروع، كشفت مراجعة الوثائق وجود عدة إخلالات: بدء العمل في 4 مارس 2021 دون أن يمر على إشعار أمر الخدمة 10 أيام على الأقل، مخالفة بذلك أحكام المادة 40 من CCAGT، ودون وجود حالة طارئة مبررة، مع عدم تقديم وثائق التأمين اللازمة لتغطية مخاطر العمل في الموقع قبل بدء التنفيذ، رغم تنبيه فريق المتابعة، ما يعد مخالفة صريحة للمادة 25 من CCAGT، بالإضافة إلى تقديم الشركة جدول أعمال يمتد لـ20 شهرا رغم أن مدة العقد الأصلية 15 شهرا فقط، مع توقف غير مبرر يمتد لخمسة أشهر خلال مرحلة الحفر، وعدم تقديم توضيحات من الشركة حول هذا التناقض.

وسجل التقرير أن صاحب المشروع تجاهل طلبات توضيح الجدول الزمني وعدم اتخاذ أي إجراء، وتعيين الشركة لمختبر S2G لإجراء الفحوصات والتحاليل على حسابها، رغم أن صاحب المشروع كان قد أبرم عقدا للدراسة الجيوتقنية مع نفس المختبر، مما يضعف إمكانية المراقبة المتبادلة، إلى جانب غياب توثيق تفصيلي للأعمال في الأساسات، حيث كشفت التقارير عن تنفيذ أعمال حفر كبيرة مع تعويضها بأعمال رصيفات منفصلة وأقدام شريطية مجوفة مع ردميات وطبقات خرسانية، لكن دون تقديم وثائق فنية واضحة.

وشهد أحد مشاريع التأسيسات الهندسية الأخيرة مجموعة من التجاوزات الفنية والمالية التي أثارت تساؤلات حول مدى جدية متابعة جودة العمل والتقيد بالمواصفات الفنية.

فقد أظهرت المعطيات أن الجمع بين نوعي الأساسات، الرادير العام والأساسات الشريطية، قد تم بطريقة غير مدروسة، رغم أن الرادير يشكل أساسا عاما بحد ذاته، مما أدى إلى هدر واضح في الموارد.

وأبرزت التقارير أن تقنيات أقل تكلفة وأكثر فاعلية كانت متاحة، مثل الأساسات بواسطة الآبار مع قواعد معزولة مرتبطة بسلسلة من الشدات، وهي تقنية معروفة بقدرتها على تقليل التكلفة، تنظيم الوقت، وتقليل مخاطر التنفيذ. إلا أن المشروع اختار أساليب أكثر تعقيدا وكلفة، ما أدى إلى زيادات غير مبررة في حجم الأعمال والتكاليف.

من الناحية التقنية، أظهر مكتب الدراسات BETZA عدم التزامه بمبدأ التحسين الاقتصادي، حيث تبين أنه اعتمد قيمتين مختلفتين لمقاومة التربة، ما تسبب في زيادة في الكميات المطلوبة من الخرسانة والحديد، وتأثير سلبي على التصميم الهيكلي ككل. كما لوحظ غياب وثائق مهمة توثق تنفيذ الأعمال والاختبارات، مما يشير إلى ضعف الرقابة الفنية خلال التنفيذ.

وفي جانب الرقابة المالية، تم تسجيل مدفوعات لعدة أعمال غير منجزة فعليا، مثل دفع مبالغ لخرسانة النظافة التي لم تُستخدم، وأخرى لأعمال وضع طبقات جيوتكستايل وطبقات تصريف لا داعي لها وغير مزودة بأنظمة تصريف مناسبة.

وتكشف الصور الموثقة للموقع عن تناقضات بين ما تم تنفيذه وما هو مدفوع، ما يفتح الباب أمام فرضيات حول سوء إدارة الموارد المالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *