مجتمع

وهبي بجبة المقاصدي: الحديث في الدين ليس حكرا على أحد وعلى الفقهاء الابتعاد عن السياسة

في لقاء ارتأى فيه عبد اللطيف وهبي أن يحاضر بجبة الحقوقي بدلا عن موقعه كوزير للعدل، قال إن الحديث عن الدين ليس حكرا على أحد، وأن مطلب بعض الفقهاء من السياسيين الكف عن الحديث في الدين، يقتضي كفهم هم الآخرون عن الحديث في السياسية.

وأضاف وهبي في محاضرة طبعها الفقه المقاصدي، أكثر من الخطاب السياسي، ‘‘أن ما يجري وسمه بل ووصمه بالقوانين الوضعية غالبا ما لا يتعارض مع المرجعية الشرعية، ليحقق بذلك مصالح الناس انطلاقا من مطابقته لروح الإسلام ومقاصد الشريعة‘‘.

جاء ذلك في كلمة لعبد اللطيف وهبي، ضمن لقاء حول موضوع، “لا أحل ما حرم الله ولا أحرم ما أحل الله؛ بين الدلالة الشرعية والتوظيف الإيديولوجي‘‘، نظمته مؤسسة الفقه التطواني‘‘، اليوم الثلاثاء.

وشدد على أن ‘‘ما يعرفه العالم اليوم من تطورات سريعة، ومقتضيات وتحديات وإكراهات متواصلة غير محدودة، وحوادث ومستجدات غير متناهية، تلزم بضرورة استيعابها ضمن المنظومة الدينية، وتقوية قدرات التجاوب معها بفعالية وإيجابية، حِرْصًا على الانخراط في مسارات التحديث القانوني والمؤسسي، وابتغاء لما فيه مصلحة الفرد والجماعة‘‘.

وقال، ضمن كلمة مطولة استشهد فيها بالشاطبي وابن عاشور وابن القيم، أن الشريعة ليست مجرد قانون أو فقه، وإنما هي مصدر لهما معا، معتبرا أنه من الممكن أن يتغير الفقه دون انزياح أو خروج عن الشريعة. وأنه ليس من اللازم أن يكون لكل قانون مستند نصي في الشريعة ليغدوا قانونا إسلاميا، ليضيف بعد ذلك أن أي قانون عادل يحقق مصلحة عامة، ولا يناقض نصوص الشريعة ومقاصدهَ فهو من الشريعة.

ونبه إلى أن الحديث عن الاجتهاد والتجديد ضمن مقاصد الشريعة الإسلامية، ‘‘لابد فيه من الحسم في طرق التعامل مع النص الديني، وتجديد الآليات والأدوات اللازمة لفهمه واستنباط الأحكام من منطوقه ودلالاته، والتمييز فيه بين ما هو ثابت وما هو قابل للتغير بتغير الأزمان والأماكن والأحوال والعادات والأعراف، باستحضار المقاصد العامة للشريعة، والأخذ بقاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد‘‘.

وخلص وهبي إلى أن مبدأ الشرعية المتمثل في قول الملك: “لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله”، يؤكد صلاحيته الدستورية كسلطة تحكيمية شرعية عليا تدرا الخلاف بين مكونات الأمة، ويشير بعد ذلك إلى أن التحكيم لا يكون بداهة إلا بالتوفيق والتشاور والاجتهاد سعيا لما فيه المصلحة اعتبارا لمقولة ‘‘أينما كانت المصلحة فتم شرع الله، أينما كان العدل فتم شرع الله‘‘.

وفي حديثه عن مبدأ الشرعية وعلاقته بواجب التحكيم لولي الأمر استشهد بما أورده المؤرخ والمفكر عبد الله العروي في أطروحته التأسيسية حول “الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية..” بالقول، “السلطان إِمام، وتفرض عليه وظيفته إِقرار وضمان سمو الأحكامِ الشرعية، وهو من موقعه هذا أعلى سلطة فقهية وقضائية في البلاد، يبث ويفصل في القضايا المستعصية”.

وشدد على أن وورد نظرية المقاصد في الخطاب الملكي، ‘‘يؤكد أن الالتزام بمبدأ الشرعية لا يتم على وجهه الشرعي الأمثل إلا من خلال الالتزام بعملية الاجتهاد والتجديد وفق رؤية مقاصدية، انطلاقا من مقاربة تشاورية قائمة على الحوار وإشراك جميع القوى والهيئات المعنية، في إطار من الاعتدال والاجتهاد المنفتح‘‘.

ونبه إلى أنه قد يجري رفع مبدأ الشرعية بشكل ‘‘مغرض يعيق تطور المجتمع وتحرر مواطنيه، في تعارض صارخٍ مع فلسفة ختمِ النبوة، وما تقتضيه من تمكين لسيادة العقل والإرادة الحرةِ والمبدعة للجماعة كأساس للاجتهاد، بحثا عن المصلحة بما يتوافق مع مقاصد الدين وروحه التقدمية في التحرر والانعتاق والتكريم الإنساني‘‘.

وشدد على أنه لتحقيق مصالحة يكون الدين فيها صالحا لكل زمان ومكان، ومستوعبا لكل تغيرات التاريخ وتحولاته، ‘‘لابد من إعادة مفهوم وتصور الدين، واعتباره منظومة قيم إنسانية كونية، أكثر مِنْ كونه جملة من الأحكام النصية المرتبطة بسياقات تاريخية وثقافية مخصوصة‘‘.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمدو
    منذ سنة واحدة

    الحديث عن الدين ليس حكرا على أحد، و الحديث عن السياسة حكر عليكم تفعلون ما تشاؤون تقسمون الكعكة كما تريدون