مجتمع

العطاتري عن الإعلام والبحث العلمي: الأكاديميون في جزر معزولة والمشهد الإعلامي في أزمة  

العطاتري

سجل الصحافي والباحث في العلوم السياسية عزيز العطاتري وجود بون شاسع بين الإعلام والبحث العلمي بالمغرب، معتبرا أن الأكاديميين “يؤذنون لوحدهم في جزر معزولة”، وأن المشهد الإعلامي يعرف تحولات كبيرة تدفعه إلى أزمة قيمية بسبب تناقص خريجي الجامعات في صفوف الفاعلين في الإعلام المغربي.

واعتبر صاحب أطروحة الدكتوراه “الإعلام وصناعة الرأي العام.. الفرص والمخاطر في السياسات العمومية”، أن “البعد الإعلامي أصبح بعيدا عن فضاء الجامعة، وأن البعد العلمي أصبح غائبا عن الممارسة الإعلامية”.

وجاء كلام العطاتري خلال مداخلة له في ندوة علمية بعنوان “الإعلام والبحث العلمي”، نظمتها السبت بمراكش حركة بوصلة ومبادرات مواطنة بشراكة مع كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة.

وقال العطاتري إن “الحديث عن الإعلام باعتباره سلطة رابعة والحديث عن سلطة المعرفة يدفع إلى استخلاص وجود تكامل بين السلطتين، غير أن تأمل الواقع والفضاء العمومي، خصوصا العربي والإسلامي، يظهر أن هناك بونا ساشعا بين الجامعة والمعرفة وبين المعترك الميداني الذي هو الإعلام”.

وأرجع التباعد بين المجالين إلى “سوء الفهم الكبير بين الإعلاميين والباحثين”، حيث أن “أهل العلم يرون أن الإعلاميين يبخسون الخطاب بسبب مناقشة الأحداث بدل الأفكار” في حين أن “الإعلاميين يرون أن الأكاديميين جعلوا من الجامعة فضاء منعزلا ومنفصلا عن الواقع”.

وتابع العطاتري “الباحثون يناقشون الأفكار في حين يناقش الإعلاميون الأحداث، وهو ما خلق الهوة بين عالم الأفكار ومن يرى أن الإنتاج الإعلامي يبخس مستوى النقاش، وبين من يرى أن المشاهدين والقراء سينفرون من الإعلام إذا بقي في نقاش الأفكار بعيدا عن الأحداث من الواقع المعاش”.

ومن بين الإشكالات التي طرحها العطاتري في علاقة الإعلام بالبحث العلمي، هي إشكالية “حضور البحث العلمي في الممارسة الإعلامية”، في ظل التحول في طبيعة الجمهور الذي “انتقل من جمهور قارئ إلى جمهور مشاهد ذو عين ماسحة وليست قارئة”.

وسجل في السياق ذاته، وقوع تحول في الجسم الصحافي المغربي حيث انتقل من الإنتاج التحريري إلى الإنتاج التقني الذي فرضته تطور التكنولوجيات والتحول في طبيعة الجمهور”، وكذلك بروز فاعلين إعلاميين من خريجي المعاهد بدل خريجي الجامعات الذين كانوا الممارسون الأوائل للإعلام في المغرب، مشيرا إلى أن خريجي الجامعات كانوا يتملكون أدبيات وآليات البحث العلمي ويخضعون الإنتاج الإعلامي لضوابط وشروط البحث العلمي.

وأبرز المتحدث أنه من الناحية النظرية، تتجسد وظائف الإعلام في مجموعة من القيم النبيلة، “غير أن تأمل المشهد الإعلامي يظهر أنه يعاني من أمراض تلغي هذه القيم مثل الأخبار الزائفة والتشهير والمس بالحياة الخاصة والمس بقرينة البراءة وهي أمور جعلت ما يسعى أهل العلم المعرفة إلى تأسيسه من قيم غالبا لا يلتزم بها أهل الإعلام”.

ودعا العطاتري الذي جمع بين الممارسة الإعلامية والبحث العلمي في مجال الإعلام والعلوم السياسية إلى التقارب بين المجالين، بحكم أن الإعلام قادر على إيصال خلاصات البحث العلمي بآليات متاحة للجميع لا يملكها الأكاديميون والباحثون، خصوصا في ظل التطور الذي تعرفه صحافة البيانات والصحافة الاستقصائية وقدرة الإعلام على توظيف التقنيات الجديدة التي تقدم المعلومة في وقت وجيز ومبسط.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *