اقتصاد، مجتمع

تقرير رسمي يدعو إلى تقليص التفاوتات الاجتماعية عبر تحقيق الإنصاف الضريبي

دعا تقرير رسمي حديث إلى تسريع الإصلاح الجبائي وجعل النظام الضريبي المغربي أكثر إنصافا، وتعزيز دوره كأداة لإعادة توزيع الثروة والتقليص من التفاوتات الاجتماعية والمجالية.

واعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي، أن إنجاح السياسات العمومية ذات الصلة بالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية، يتطلب تعبئة موارد مالية استثنائية خلال المرحلة المقبلة، مضيفا أنه، وفي ظل مناخ اللايقين الذي يطغى على توقعات تطور الاقتصاد العالمي الذي أصبحت الأزمات المتعاقبة تشكل أحد أهم معطياته الهيكلية، إضافة إلى العوامل الداخلية الضاغطة على الاقتصاد الوطني، فإن الحاجة تبدو ملحة إلى تسريع الإصلاح الجبائي وجعل النظام الضريبي المغربي أكثر إنصافا.

وسجل مجلس بوعياش تحسنا ملحوظا خلال سنة 2022 في الموارد الضريبية، غير أن القانونين الماليين لسنتي 2022 و2023 يسجلان، وفق التقرير، بطئا واضحا في تفعيل مقتضيات القانون الإطار للإصلاح الجبائي.

وجدد المجلس دعوته إلى الانكباب بشكل أسرع وأكثر فعالية على معالجة العوائق التي لازالت تحول دون تحقيق مبدأ الإنصاف الجبائي، خاصة أن النظام الحالي يقوم على تضريب فئات دون أخرى، حيث “لا تتجاوز مساهمة فئة غير الأجراء 5 بالمائة من مجموع الضريبة على الدخل، في حين يؤدي الأجراء والموظفون 95 بالمائة منها”.

كما أن النظام الجبائي، يضيف المجلس، لازال يواجه صعوبات في تحقيق مساهمة كل النسيج المقاولاتي في ميزانية الدولة، إذ أن “33 بالمائة فقط من الشركات هي التي تعلن عن تحقيق أرباح، و73 بالمائة من هذه النسبة تؤدي الحد الأدنى”.

ومن جهة أخرى، اعتبر التقرير ذاته أن آلية التحفيز الجبائي المعتمدة لم تحقق النتائج المرجوة، حيث إن بعض القطاعات التي استفادت من تحفيزات جبائية لم تنجح في تطوير وعصرنة نفسها وبقيت، حسب المجلس، في وضعية اتكالية ومساهمة ضعيفة في عملية خلق الثروة.

أما على مستوى الحكامة، فاعتبر التقرير أن السياسة الضريبية تعاني من تعدد المخاطبين، ومن تأخر إصلاح الإدارة الضريبية ورقمنتها وضعف مواردها البشرية وتعقد المساطر الإدارية، ويؤدي ضعف مستوى الحكامة إلى فشل الإدارة الضريبية في تطبيق مقتضيات القانون الإطار 69.19 وعجزها عن تفعيل مقتضيات الإصلاح الجبائي.

وأكد المصدر ذاته على أن تمويل السياسات العمومية المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتقليص التفاوتات، على غرار ورش الحماية الاجتماعية، يتطلب إصلاحا آنيا وعميقا للسياسة الضريبية الحالية.

ونظرا لصعوبة الظرفية الاقتصادية، وطنيا ودوليا، في سياق الأزمات المتعددة الأبعاد التي يعرفها الاقتصاد العالمي، فقد أكدت الهيئة الدستورية ذاتها على على الطابع الاستعجالي والحيوي لتسريع إصلاح السياسة الجبائية الوطنية وجعلها أكثر إنصافا وقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية.

ويقتضي تحقيق هذا الهدف، وفق المجلس، العمل على تسريع تفعيل توصيات مناظرة الصخيرات، بعد 4 سنوات من انعقادها، وتنزيل القانون الإطار رقم 69.19 بشكل كامل غير متجزأ، وتوفير الإمكانيات المالية والبشرية الضرورية لذلك.

كما شدد المجلس على أهمية العمل على جعل توسيع الوعاء الضريبي أداة لتحقيق الإنصاف الجبائي عن طريق إدماج القطاع غير المهيكل والمهن الحرة وتحفيزها للمساهمة في تمويل مجهودات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للبلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *