وجهة نظر

إن شانئك هو الأبتر

الحمدلله والصلاة والسلام على  رسول أفضل الخلق وأشرفهم وأكرمهم على الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد .

 لقد كان يخرج علينا من الكفار الممتنعين  بدولهم بين الفينة والأخرى من يسب نبينا وحبيبنا محمدا فداه أبي وأمي ونفسي وصلى الله عليه وسلم ،وهذا شيء نتوقعه من كافر لا يؤمن به نبيا ورسولا، وإن كان الله جعل للمسلمين  عليه سبيلا بسبه للنبي صلى الله عليه وسلم  إن طالته أيديهم ، ولكن المصيبة التي لا يقبلها عقل ولا إيمان أن يخرج من ينتسب إلى الإسلام و يعيش في بلاد المسلمين و ينتسب إلى حزب سياسي  يتنافس على حكم المسلمين فيكتب المقالات الآثمة و يسود -ما سود وجهه -في جريدة أثيمة موجهة لعموم المسلمين في بلدنا؛ فيعرض هذا الشانئ الأبتر بخير البشر صلوات ربي وسلامه عليه ،بل ويصرح بتنقيصه و السخرية به فداه أبي وأمي ، فعندما يكتب من ينتسب إلى الإسلام  مقالا يسخر ويتنقص  فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أمر يدعو للدهشة والعجب، والتساؤل عما جرأهم و هم بين أظهرنا ؛كيف لم يبال هؤلاء بملايين المسلمين حكاما ومحكومين ، ما هو المتكؤ الذي يعولون عليه في حمايتهم و الذي هو فوق هذا الشعب وملكه ..؟؟!!

إن هذا الأمر لا ينبغي أن يسكت عنه بحال ولا خير فينا إن سكتنا وعرض رسولنا يستباح من الطغاة اللئام.
هذه الجريدة التابعة للحزب العلماني (الأصالة والمعاصرة) قد آذت المسلمين في هذا البلد و حاربت عقيدتهم ودينهم، وهي اليوم تتجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و العلمانيون بالمغرب كغيرهم لا يألون جهدا في هذا إذا وجدوا فرصة وبرودة في حمية الناس لدينهم ومقدساتهم  ،وقد فوجئ وفجع المسلمون في مصر قبل مدة بمثله ،فالعلمانيون نحلتهم واحدة أينما وجدوا وحلوا ، و قد أشرت في مقالة سابقة أن علمانيي المغرب يقتدون بإخوانهم المصريين في كثير من المواقف والسهام التي يوجهونها إلى الإسلام والمسلمين .
  وقد أثارت هذه الإساءة إلي حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه غضب المغاربة و سخطهم  الكبير على مسود المقال (لقمش) الذي أوتي من اسمه أوفر نصيب، وعلى جريدة (آخر ساعة) التي نشرت ما قاءه هذا الأثيم ، وهب كثير من الفضلاء والدعاة إلى استنكار هذا المنكر العظيم و تبصير الناس بخطورته 

وبالمناسبة نناشدهم أن يستمروا في غضبتهم لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وألا يهادنوا هؤلاء الطاعنين المستهزئين بسيد الأولين والآخرين وألا يجاملوا أحدا  في عرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليعلموا أنه يغلب على الظن  أن هذا نوع من جس النبض حرَّكَتْه أيدٍ خفية، أوعزت هذا السفيه ليفعل فعلته ، فإن لم تقف الأمة بحزم أمام هذه المحاولة أوشك غيره من السفهاء أن يكررها أو يأتي بما هو أكبر منها ،،، إن لم نذب عن عرض نبينا صلى الله عليه وسلم و نغضب له حتى ينال هذا الأفاك الأثيم جزاءه فلا خير فينا .

ويجب أن نسلك كل السبل المشروعة في سبيل ذلك ،و على المؤسسات والجهات المعنية بمثل هذه القضايا أن تقوم بواجبها وعلى رأسها :

ملك البلاد باعتباره أميرا للمؤمنين و حامي حمى الدين ، فنرجو من جلالة الملك سدده الله أن يتحرك في هذا الملف ويتدخل بقوة لينال هذا الجاني عقابه و يرتدع من وراءه  .
كما أننا نطالب الحكومة بالتدخل لوقف مثل هذه الممارسات و حل هذه الجريدة و معاقبة المسؤول عن هذه الجريمة .

كما نطالب المجلس العلمي الأعلى أن يقوم بواجبه باعتباره أعلى هيئة شرعية بالبلاد ،و يقول حكم الله في النازلة و يضغط بكل قوة لمعاقبة الجاني و ردع غيره ممن تسول له نفسه استباحة عرض نبينا صلى الله عليه وسلم .

كما أنه على الجهات المعنية في مؤسسات الدولة  استصدار قوانين صارمة تفرض على هذه الصحف احترام دين المغاربة عموما، وتمنع من تكرار ما حصل. 
إن من  سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تنقصه فقد  اجتمع له تعد على الله وعلى رسوله وعلى قريب من  ملياري مسلم يؤمنون به ويوقرونه و يفتدونه بالنفس وما دونها ..

و ليعلم هذا الشانئ الأثيم ومن وراءه فداحة جرمه وأنه إيذان بسقوطه و حلول النقمة بساحته ،سنذكر حكم الله في حق من تلبس بمثله وعقوبته سبحانه لمن تعرض لجناب النبي صلى الله بشيء  من التنقيص أو السب أو الاستهزاء ..   ..

وقبل ذكره أشير أن عقوبة المجرمين منوطة بولي الأمر ومن أنابه  لذلك ،والحكم على المعين بالأحكام المغلظة كالكفر والردة منوط بالقضاء والهيئات الشرعية الرسمية . 

ليعلم هذا الأثيم الأبتر أن الله كفا نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزءين قال الله تعالى : ” إن كفيناك المستهزءين ” (الحجر : 95) قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان (3/182) : بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه كفى نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزءين الذين كانوا يستهزئون به وهم قوم من قريش وذكر في مواضع أخر أنه كفاه غيرهم كقوله في أهل الكتاب : فسيكفيكهم الله . وقوله : أليس الله بكاف عبده .ا.هـ.

وقال تعالى : ” إن شانئك هو الأبتر ” (الكوثر : 3) 

قال ابن كثير في تفسيره (8/504) : إن مبغضك – يا محمد – ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره . ا.هـ.
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال ؛ قدم كعب بن الأشرف مكة فقال له قريش : انت سيدهم ألا ترى هذا المُصنبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدنة وأهل السقاية فقال : أنتم خير منه قال : فنزلت : إن شانئك هو الأبتر . رواه البزار وقال ابن كثير إسناد صحيح وذكره الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند من أسباب النزول (ص175) .

وقال تعالى : ” إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ” (الأحزاب : 57) .

فهذه الآيات تبين ما للرسول من منزلة ومقام عظيم عند الله  وما لمنتقصه من عقوبة في الدنيا والآخرة .
لقد نص العلماء على أن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به من نواقض الإيمان التي توجب الكفر ظاهرا وباطنا سواء استحل ذلك أو لم يستحله قال تعالى : ” ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ” (التوبة : 64-65) .
روى ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن عبدالله بن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما : ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء لا أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء فقال رجل في المجلس : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن قال عبدالله : فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبالله ورسوله كنتم تستهزئون .

قال ابن حزم عند هذه الآية في الفصل (4/244) : فنص تعالى على أن الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسول من رسله كفر مخرج من الإيمان ولم يقل تعالى في ذلك إني علمت أن في قلوبكم كفرا بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء ومن ادعى غير هذا فقد قول الله تعالى ما لم يقل وكذب على الله .ا.هـ
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : أن أعمى كانت له أم ولد – أي غير مسلمة – تشتم النبي صلى الله عليه وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر قال : فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وتشتمه فأخذ المعول – وهو سيف قصير – فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم فلما أصبح ذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال : انشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل – يعني يتحرك – حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها إبنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الا اشهدوا : إن دمها هدر 
رواه أبو داود وصحح إسناده الألباني . 

قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول على شاتم الرسول (2/145) عند هذه القصة : 
وهذه المرأة إما أن تكون زوجة لهذا الرجل أو مملوكة له وعلى التقديرين فلو لم يكن قتلها جائزا لبين النبي صلى الله عليه له أن قتلها كان محرما وأن دمها كان معصوما ولأوجب عليه الكفارة بقتل المعصوم والدية إن لم تكن مملوكة له فلما قال : اشهدوا أن دمها هدر – والهدر الذي لا يضمن بقود ولا دية ولا كفارة – عُلم أنه كان مباحا مع كونها كانت ذمية فعلم أن السب أباح دمها لاسيما والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أهدر دمها عقب إخباره بأنها قتلت لأجل السب فعلم أن الموجب لذلك والقصة ظاهرة الدلالة في ذلك .ا.هـ.

ومما جاء في السنة أيضا قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله فقام محمد بن مسلمة فقال : أنا يا رسول الله أتحب أن أقتله ؟ قال : نعم . وقصة قتله في الصحيحين .
وهذه النصوص وغيرها هي التي جعلت العلماء يجزمون بأن عقوبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم  أو تنقصه هي القتل : 

قال محمد بن سحنون المالكي :” أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المتنقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل”. 
و قال ابن المنذر:” أجمع عوام أهل العلم على أن حدّ من سب النبي صلى الله عليه وسلم”  .   
و قال الخطابي: “لا أعلم أحدًا من المسلمين اختلف في وجوب قتله”.

فهذا بيان لحكم سب النبي صلى الله عليه وسلم وقد يقول قائل المقال فيه تعريض وليس سبا صريحا فالجواب أن التعريض بسب النبي -صلى الله عليه وسلم- كَسبِّه تمامًا، وحكمها واحد ، وإن كنت أرى كما يري كثير غيري أن ما تضمنه المقال تنقيص وسخرية واضحة بجانب النبي صلى الله عليه وسلم  .
بل يحرم على المسلم استعمال اللفظ الذي عُرِّض فيه بشتم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو بمعناه الحسن، تعظيمًا لمقام النبي -صلى الله عليه وسلم-،قال الله تعالى عن المنافقين: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ } [التوبة:58]، فجعل اللمز -وهو: الطعن الخفي- نفاقًا، والسياق في ذكر النفاق الأكبر كما هو ظاهر.
ومنه: لعن الله لليهود لما فعلوا ذلك مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا} [النساء:46].

وذلك أن اليهود كانوا يقولون للنبي -صلى الله عليه وسلم-: { اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ } لتفهم أنها بمعنى: “اسمع غير مأمور”، فيكون ظاهرها المبالغة في الأدب، و هم إنما أرادوا بها -قبحهم الله-: “اسمع لا أسمعك الله”، وكانوا يقولون: “رَاعِنَا” ليفهم منها  الرعاية، وإنما أرادوا بها -لعنهم الله-: “الرعونة” وهذا ما كان يبيتونه بينهم و يتكون به ، وقد نقل لي بعض من تاب الله عليه ممن كان علمانيا يغشى هؤلاء في مجالسهم أنهم يتفكهون في كثير من الأحيان بالطعن في الله ورسوله ودينه بما لو سمع المسلم لوقف شعر رأسه،، “تشابهت قلوبهم ”   

فهذا  التعريض بالسب ينبغي أن يعلم صاحبه أنه ملعون عند الله إن أراد به السب، وأما في حكم الظاهر فيقال لهم ما قاله سعد بن معاذ -رضي الله عنه- لما فهم مقصود اليهود من هذا الكلام: “عليكم لعنة الله، والذي نفسي بيده يا معشر اليهود لئن سمعتها من أحد منكم يقولها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأضربن عنقه”، فقالوا: “ألستم تقولونها؟”، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة:104]، لكيلا يتخذ اليهود ذلك سبيلاً إلى شتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. “ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في “الصارم المسلول” نقلاً عن بعض أهل التفسير”.

و نبشر كل من سولت له نفسه النيل من رسول الله صلى الله بتنقص أو سب أو استهزاء بهوان في الدنيا والآخرة إن لم يتب ويرجع ويصلح فإن لقي الله بعد فالله يتولاه وهو أرحم الراحمين ..
وفي من مضى عبرة لمن اعتبر 

ومن ذلك :
” قصة كسرى وقيصر المشهورة مع النبي صلى الله عليه وسلم فهي جديرة بالتأمل، فقد كتب إليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فامتنع كلاهما من الإسلام، لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأكرم رسوله، فثبت الله ملكه، أما كسرى فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتله الله بعد قليل، ومزق ملكه كل ممزق، ولم يبق للأكاسرة ملك”. (الصارم المسلول: 144)

وكان من أثر ذلك ما ذكره السهيليُ أنه بلغه ” أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيمًا له، وهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة، ثم كان عند سبطه، فحدثني بعض أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب، فلما رآه استعبر، وسأل أن يمكنه من تقبيله فامتنع، ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب، فأخرج منه مقلمة ذهب، فأخرج منها كتابًا قد زالت أكثر حروفه، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير، فقال: هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا”.

وذكر الكتانيّ في ذيل مولد العلماء (1/139) أنه ظهر في زمن الحاكم رجلٌ سمّى نفسه هادي المستجيبين، وكانوا يدعون إلى عبادة الحاكم، وحُكيَ عنه أنّه سبَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصحف، فلما ورد مكة شكاه أهلها إلى أميرها، فدافع عنه، واعتذر بتوبته، فقالوا: مثل هذا لا توبة له! فأبى، فاجتمع الناس عند الكعبة وضجوا إلى الله، فأرسل الله ريحًا سوداء حتى أظلمت الدنيا، ثم تجلت الظلمة وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة الترس الأبيض له نور كنور الشمس، فلم يزل كذلك ترى ليلاً ونهارًا، فلما رأى أمير مكة ذلك أمر بـ”هادي المستجيبين” فضرب عنقه وصلبَه.

وذكر القاضي عياض في الشفا (2/218) قصة عجيبة لشاعر  وكان يسخر  بالنبي صلى الله عليه وسلم! فأفتى فقهاء القيروان وأصحابَ سحنون  بقتله وكان اسمه  إبراهيم الفزاري وكان شاعرًا متفننًا في كثير من العلوم، ولكنه كان يستهزئ بالله وأنبيائه ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأمر القاضي حيى بن عمر بقتله وصلبه، فطُعن بالسكين وصُلب مُنكسًا، وحكى بعضُ المؤرخين أنه لما رُفعت خشبته، وزالت عنها الأيدي استدارت وحوَّلته عن القبلة فكان آيةً للجميع، وكبر الناسُ، وجاء كلبٌ فولغ في دمه!!
وحكى الشيخ العلامة أحمد شاكر أن خطيبًا فصيحًا مفوهًا أراد أن يثني على أحد كبار المسئولين لأنه احتفى بطه حسين فلم يجد إلا التعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال في خطبته: جاءه الأعمى فما عبس وما تولى!!

قال الشيخ أحمدُ: ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي ـ بعد بضع سنين، وبعد أن كان عاليًا منتفخًا، مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء ـ رأيته مهينًا ذليلاً، خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار!!

ومن أغرب وأعجب ما يذكر في هذا الباب ما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلفه المشهور (الصارم المسلول على شاتم الرسول) (ص: 134)، قال رحمه الله: وقد ذكروا أن الجن الذين آمنوا به، كانت تقصد من سبه من الجن الكفار فتقتله، فيقرها على ذلك، ويشكر لها ذلك!
ونقل عن أصحاب المغازي أن هاتفًا هتف على جبل أبي قبيس بشعر فيه تعريض بالنبي صلى الله عليه وسلم، فما مرت ثلاثة ايام حتى هتف هاتف على الجبل يقول:
نحن قتلنا في ثلاث مسعرا== إذ سفه الحق وسن المنكرا
قنّعتُهُ سيفًا حسامًا مبتـرا ==بشتمـه نبينـا المطهـرا .
ومسعر ـ كما في الخبر ـ اسم الجني الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن العجائب أيضا ما ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه النفيس الدرر الكامنة :
“كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول طمعاً في تنصيرهم وقد مهد لهم الطاغية هولاكو سبيل الدعوة بسبب زوجته الصليبية ظفر خاتون، وذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير عقد بسبب تنصر أحد أمراء المغول، فأخذ واحد من دعاة النصارى في شتم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هناك كلب صيد مربوط، فلما بدأ هذا الصليبي الحاقد في سب النبي صلى الله عليه وسلم زمجر الكلب وهاج ثم وثب على الصليبي وخمشه بشدة، فخلصوه منه بعد جهد .. 
فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في حق محمد عليه الصلاة والسلام، 
فقال الصليبي : كلا بل هذا الكلب عزيز النفس رآني أشير بيدي فظن أني أريد ضربه، ثم عاد لسب النبي وأقذع في السب، عندها قطع الكلب رباطه ووثب على عنق الصليبيي وقلع زوره في الحال فمات الصليبي من فوره، فعندها أسلم نحو أربعين ألفاً من المغول} الدرر الكامنة جزء 3 صفحة 202 .

وحتى لا يصطاد أحد في الماء العكر أؤكد على أن ما ذكر من العقاب  لمن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تتم عن طريق الحاكم لا عن طريق الأفراد كي لا تشيع الفوضى ويُرمى أبناء الإسلام بالتهم الباطلة، وهذه مصلحة راجحة لا تخفى على عاقل.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .

يا رب صلِّ وسلِّمْ دائماً أبداً = = على حبيبك خيرِ الخلقِ كلهمِ. 
وأهله وعلى أصحابه السُّعدا = = أولي الهدى والتُّقى والمجدِ والكرمِ.