منتدى العمق

الأمانة العامة للحكومة خارج التغطية القانونية

أصدرت الأمانة العامة للحكومة مؤخرا، فتوى تقضي بوجود مجموعة من الوزراء في حالة تناف، بين المقعد البرلماني الذي فازوا به في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبين منصبهم كوزراء في حكومة تصريف الأعمال، التي يقودها عبد الإله ابن كيران. وقد أثارت فتوى الأمانة العامة للحكومة جدلا كبيرا وانتقادات واسعة، لعدم ارتكازها على سند قانوني واضح، وتجاوز اختصاصات المحكمة الدستورية. وفيما يلي بيان فتوى الأمانة العامة للحكومة المجانبة للصواب، والخارجة عن التغطية الدستورية والقانونية، وهل وزراء حكومة تصريف الأعمال تنسحب عليهم المقتضيات المتعلقة بحالات التنافي؟

تنص الفقرة الأخيرة من الفصل 47 من الدستور على أن الحكومة المنتهية مهامها، تواصل تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل حكومة الجديدة. وهذا ما أكدته أيضا المادة 36 من القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، التي نصت على استمرار الحكومة المنتهية مهامها، لأي سبب من الأسباب في تصريف الأمور الجارية وذلك طبقا لأحكام الفصلين 47 و87.

ويراد بعبارة تصريف الأمور الجارية، حسب المادة 37 من القانون التنظيمي رقم 065.13، “اتخاذ المراسيم والقرارات والمقررات الإدارية الضرورية والتدابير المستعجلة اللازمة لضمان استمرارية عمل مصالح الدولة ومؤسساتها وضمان انتظام سير المرافق العمومية، ولا تندرج ضمن تصريف الأمور الجارية التدابير التي من شأنها أن تلزم الحكومة المقبلة بصفة دائمة ومستمرة، وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية وكذا التعيين في المناصب العليا.”

ويستشف من المادة 37، أن حكومة تصريف الأمور الجارية، تضمن استمرارية المرفق العام بنظام وانتظام، ومصالح الدولة ومؤسساتها، وأنها لا تصدر ما يلزم الحكومة المقبلة، وبعبارة أدق فحكومة تصريف الأمور الجارية، هي حكومة ضمان استمرارية المرفق العام.

هذا من جانب، من جانب اخر، تنص المادة 14 من القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم 27.11، على أنه تتنافى العضوية في مجلس النواب مع صفة عضو في الحكومة، وفي حالة تعيين نائب بصفة عضو في الحكومة، تعلن المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس النواب داخل أجل شهر شغور مقعده. وتنص المادة 35 من القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، على أنه يتعين على عضو الحكومة الذي يوجد في حالات التنافي تسوية وضعيته داخل أجل لا يتعدى ستين يوما من تاريخ تنصيب مجلس النواب للحكومة أو من تاريخ تعيين عضو الحكومة المعني حسب الحالة.      

إن استنطاق مضمون هاتين المادتين يهدينا إلى القول، أن حالات التنافي مع الوظيفة الحكومية المنصوص عليها قانونا، لا تنطبق على حكومة تصريف الأمور الجارية، فهي تشمل الحكومة الجديدة المنصبة من لدن مجلس النواب من خلال تصويته على برنامجها الحكومي، أكثر من ذلك فالمادتين تتحدث عن تعيين النائب عضوا في الحكومة، والتعيين يهم أعضاء الحكومة الجديدة، وليس أعضاء حكومة تصريف الأمور الجارية التي لا تحتمل مصطلح التعيين. وتكون بذلك مراسلة أو فتوى الأمانة العامة للحكومة خارج التغطية الدستورية والقانونية، كما أن الوزراء الذين بادروا إلى وضع استقالتهم ضربوا النص الدستوري والقانوني، ومبدأ استمرارية المرافق العام عرض الحائط، واستنادوا على أسس لا أساس لها من الصحة القانونية. 

إن الحكومة المنتهية مهامها، لا يمكن أن تقدم استقالتها لأي سبب كان، إلى حين تشكيل حكومة جديدة وتسليم المهام، لأنها تجسد مبدأ استمرارية المرفق العام، بنص الدستور والقانون، علاوة على ذلك فإن التأويل والاجتهاد الدستوري يؤول إلى المحكمة الدستورية، وما دون ذلك يعد ردة على الأعراف الدستورية والقانونية والقفز على المقتضيات المنصوص عليها في قانونا.