أخبار الساعة، مجتمع

خبراء يناقشون التقائية العلوم وتكاملها

احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي بالرباط، أمس الخميس فعاليات ندوة وطنية حول، “التقائية التخصصات، وتكامل المعارف والمناهج؛ محاولة لفهم دينامية السياسة والمجتمع”، المنظمة بشراكة مع مركز روابط للأبحاث ودراسة السياسات.

منسق أشغال الندوة الوطنية، ورئيس مركز روابط للأبحاث ودراسة السياسات، طه لحميداني، في استعراضه لأهمية موضوع الندوة، وأبعادها، اعتبر أن السياق العلمي، أصبح يستدعي الاشتغال على بلورة توجه متكامل لمبدأ التكامل المعرفي من خلال، تحديد الدلالة المباشرة لمفهوم التكامل وضبط العائلة المفاهيمية التي تدور حوله (تداخل/تعاون/تجاور) العلوم).

وقال، في حديث لـ”العمق” إن التوجه المتكامل، يتم كذلك من خلال “التأسيس للمنطلقات الإبستمولوجية والنظريات المؤطرة لهذا المبدأ، وتقعيد المقومات المنهجية التي توجه إعماله في الممارسة العلمية، وتحديد مختلف المعايير والترتيبات التي ترشّد توظيفه وتحيد به عن التوظيفات غير العلمية”.

ويشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، في حديثه إلى ما أكد عليه ستيفن جاي جولد (Stephen Jay Gould)، بشأن “حتمية تجسير الفجوة وإصلاح العلاقة التاريخية المتوترة بين العلوم الاجتماعية والإنسانيات والعلوم الطبيعية بعبارة صارمة : إما أن نتعلق ببعضنا البعض، أو سيعلق كل منا على حدة”.

ويذهب إلى اعتبار أن “التطور العلمي المشهود له لا سيما على الصعيد التكنولوجي، ورغم تمكين التخصصية للمجتمع العلمي الحديث من ضبط مختلف الحقول المعرفية والعلمية، لم يحل دون ظهور إشكالات وأزمات تاريخية وإبستمولوجية ومنهجية وأخلاقية. من أبرزها الإيغال المفرط في المنطق التجزيئي الذي يقسم العلم إلى مجموعة تخصصات غاية في الدقة والتفرّع”.

وفي سياق موضوع الندوة كذلك، أوضح أنه “مع تطور الحقول العلمية وتنامي التخصصات الدقيقة بها، بدأ العديد من المهتمين بتاريخ وفلسفة العلوم يتوقفون عند ظاهرة اتساع فجوة التواصل بين المتخصصين في العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الطبيعية والتقنية. حتى باتت كل مجموعة مختصة بثقافة مفصولة عن الثقافة الأخرى، مشيرا إلى أن هذا التباعد الجنيني شكل لحظة إلهام للمفكر البريطاني س. ب. سنو( Snow.C.P) ليدعو إلى ضرورة تكامل الثقافتين في كتابه The two cultures”.

وأكد على أنه بات واضحا أن العديد من “مشكلات العلوم وألغازه عصيّة عن الحل في ضوء شيوع المنطق التخصصي الذي لا يُقدم حلا كافيا ولا جوابا مستوفيا. وشيئا فشيئا بدأ العلماء والباحثون يضعون صيغا ومقاربات لتفعيل مبدأ تكاملية العلوم وتداخلها في الحياة العلمية. فشرع الحديث عن المقاربات فوق تخصصية أو متعددة التخصصية أو ما بين تخصصية أو ما عبر تخصصية”.

ونبه إلى أن “العلوم الاجتماعية والقانونية، كما كل العلوم الإنسانية، لم تشذ بدورها عن هذا المسار، على اعتبار ان الظواهر التي تتصدى لها هي أكثر تعقيدا وتشابكا، وهو الأمر الذي يقتضي حسب المتحدث إعمال مقاربات مركبة في مختلف علومها لفهم طبيعة تفاعلاتها وديناميتاها الإنسانية والاجتماعية والسياسية”.

وفي السياق ذاته، أوضح أنه لا يمكن اختزال دراسة الحياة الاجتماعية والسياسية إلى بعد واحد أو بعدين، لأن تداخل الأبعاد والمستويات والعوامل والفاعلين يقتضي تكامل المعارف لاستيعاب وإدراك التفاعلات السياسية والدولية واستجلاء قوانينها وارتياد مآلاتها المحتملة راهنا ومستقبلا.

وخلص، إلى أن “العديد من الوضعيات التي تخترق مادة الدراسة في العلوم السياسية والاجتماعية تأكد الحاجة إلى المقاربة التكاملية، ومن ذلك الطابع المبهم وغير المتوقع للمتغيرات السياسية والاجتماعية، وصعوبة إدارة بعض الأزمات أو تسويتها أو التحكم في حركيتها، أو الحاجة إلى الحفر أعمق وراء الأبعاد الجوانية للظواهر والديناميات وعدم التوقف عند أبعادها البرانية المعنية بالأشكال الظاهرة والقابلة للتكميم والحساب”.

يشار إلى أن أطوار الندوة الوطنية، تناولت ثلاثة محاور أساسية، ناقشة أولها “العلوم الاجتماعية الحاجة للتكامل وسلطة التحرر الإبستيمي” بمشاركة كل من مصطفى اليحياوي، وجمال فزة، ومحمد ياقين، وخصصت الثانية منها لـ “البيئة الابستمولوجية والتداولية القانونية”، وقد أطرها، حسن أحجيج، وبثينة القروري، وعبد الكريم غالي،  فيما عنونة الثالثة بـ “تكامل التخصصات والنظريات  حالات تطبيقية”، بمشاركة كل من أحمد بوز، وفؤاد مسرة، وفاطمة الزهراء الطالبي العلمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *