حوار في العمق

الحلقة الكاملة من”حوار في العمق” مع رئيس مجلس المنافسة.. حديث في المضاربات والغلاء والمحروقات

لغروس ورحو

متتبعو جريدة العمق المغربي الإلكترونية، السلام عليكم، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامجكم حوار في العمق.

هل ينجح مجلس المنافسة في تقليل أضرار لهيب الأسعار والاحتكار على معيش المواطن وبالتالي على كرامته؟

إلى متى سيظل المواطن حائطا قصيرا أمام المضاربين والغشاشين والمحتالين في التجارة والسلطة والسياسة؟

هل ضاعت 12 سنة على البلاد منذ دستور 2011 الذي ارتقى بمجلس المنافسة من هيئة استشارية إلى مؤسسة للحكامة؟

من المستفيد من تأخر صدور المراسيم التطبيقية لاستكمال الترسانة القانونية لمجلس المنافسة؟

وما حدود تداخل التجاري والسياسي وأثره على هيئات الحكامة؟

هل اختار المجلس المعين قبل سنتين أسلوبا خاصا في التعامل مع الملفات الحساسة أم أن أثر إعفاء الرئيس السابق واكتوائه في ملف المحروقات يشكل هاجسا في عمل المجلس؟

هذه الأسئلة وغيرها سنناقشها اليوم مع السيد أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة.

السي أحمد مرحبا بك.

ج: شكرا على الاستضافة.

  • انتظر المغاربة تدخلا صارما وحازما من طرف مجلسكم خلال مرحلة الارتفاع المهول للأسعار، ولا يزال بعضها مستمرا، إلا أنكم اكتفيتم بما وصفه البعض بالبلاغ التحسيسي، حتى أن أحد الأحزاب السياسية قالت إنكم فسرتم الماء بالماء، فما الذي كبل المجلس كي لا تكون له الكلمة الفصل في هذا الموضوع، وتظهر آثار تدخله مباشرة في الحد من ارتفاع الأسعار؟

يمكن أن نذكر بدور مجلس المنافسة، لأن القانون واضح في هذا الباب، المنافسة هي مقننة من طرف القانون 114، والقانون الذي ينظم المجلس، وهذين القانونين عرفا اصلاحا وتنقيحا في السنوات الأخيرة، وآخرها صدور المراسيم التطبيقية للإصلاح التي كانت في آخر السنة الماضية. للمجلس أن يتدخل إذا كانت هناك تضاربات أو تواطؤات في الأثمنة. في المغرب، الأثمنة حرة، فالعرض والطلب هما من يحددان الأسعار، وهذا نهج اتخذه الاقتصاد المغربي منذ الاستقلال، وليس بالجديد. كان هناك تدخل للدولة أو للإدارة العمومية في ضبط بعض الأثمنة في الستينات أو السبعينات، ولكن الملاحظ في 60 سنة الماضية أن تدخل الدولة بدأ يتراجع لفتح المجال لاقتصاد السوق، اقتصاد حر، والمغاربة يعلمون ذلك، فالأسعار ترتفع أو تنخفض حسب العرض والطلب وحسب الأثمنة في السوق العالمية، لأن بعض المنتوجات مستوردة، كما أن منتوجاتنا عندما توجه للخارج تصدر بأثمنة تلك اللحظة، حيث لا يكون هناك ثمن موحد. الهدف هو أن تتم لعبة الطلب والعرض بطريقة شريفة، والمجلس وضع ليسهر على عدم وجود تضاربات خارج القانون. ما وقع في هذه الأشهر الأخيرة، أو خلال السنتين الماضيتين هو أن الخروج من كوفيد كان له تأثير قوي على سلسلة اللوجستيك وعلى الطلب والعرض العالمي، والمادة التي كان حولها نقاش كبير هي المحروقات، فثمن البيترول ارتفع إلى حدود 110 أو 120 دولار، الآن يبلغ 70 دولار تقريبا، ما قام به المجلس هو أنه أنجز دراسة في هذا الميدان تحديدا، ونحن الآن ندرس ميادين أخرى في المواد الغذائية ومواد البناء، وستخرج إن شاء الله قرارات أو آراء في هذه المراحل بأكملها.

  • في هذه النقطة، هناك من يقول إن هناك عوامل موضوعية تسري علينا وعلى الجميع، ولكن هناك أشياء أخرى ذاتية، تتعلق بالاحتكار والمضاربة، وخير دليل هو أن البلاغين الصادرين عن المندوبية السامية للتخطيط والذي أصدرهم والي بنك المغرب، اتجها معا في منحى أن التضخم وهذه الاشكالات ترتبط بعوامل محلية.

هناك بعض المواد التي يحضر فيها العنصر الخارجي بشكل طاغ على باقي العناصر، مثل المواد المستوردة كاملة أي المحروقات، فالمغرب لا ينتج إلا نسبة ضئيلة.

  • التكرير كذلك توقف.

نحن نقول بأن التكرير ليس له تأثير في الأثمنة، وهذا كان موقف المجلس، وهذا لا يعني أن المغرب ليس له أن يكون لديه تكرير أو لا، لكننا نقول تحديدا أن البلدان التي فيها تكرير والتي ليس فيها تكرير لا تختلف فيها أثمنة المحروقات، وهذه ملاحظة يمكن أن يسجلها العام والخاص، ونقول بأن التكرير هو سياسية يمكن أن تتبناه الدولة ويمكن لا، ويوفر منتوجات أخرى، لكن لا نظن أن لديه أي تأثير على الثمن النهائي، الجزائر وباقي البلدان التي لديها تكرير تدفع نفس الكلفة كما البلدان التي ليس فيها تكرير، لأن المواد التي يستهلكها السوق العالمي الموجود في روتردام، وهذا ما وضحناه في الدراسة التي صدرت في شتنبر السنة الماضية، نجد هذه الأثمنة في جميع الدول، والفرق القائم بين الدول هو في نسبة الضرائب الموضوعة على المحروقات، حيث يكون الثمن مرتفعا في بعض الدول نظرا لكون الضرائب مرتفعة بشكل كبير، والأصل هو الأسعار الموجودة في سوق روتيردام، والدراسة التي أنجزها المجلس تقارن بين الأسعار في سوق روتيردام والأسعار كما هي في المغرب، مع الأخذ بعين الاعتبار الضرائب الموجودة مثل الضريبة على الاستهلاك الموجودة في المواد الطاقية، والضريبة على القيمة المضافة. ما لاحظناه هو أن هناك علاقة وطيدة بين أثمنة السوق العالمي وأثمنة السوق المغربي، إلا أن تطبيق الزيادات في السوق العالمي أو انخفاض الأثمنة لا يكون بنفس الوثيرة، وقد وضحنا هذه الأمور للفاعلين في هذه السوق كي تكون الوثيرة تسير بنفس الطريقة.

  • إذن، كان الحديث أستاذ رحو عن العوامل الذاتية، فالمجتمع يلاحظ أن هناك عوامل غير موجودة في الخارج، بعد حديثكم عن الأمور الموضوعية، الجانب اللوجستيكي وعملية الاستيراد… وهو مفهوم وهو بمنطق روتيردام علينا وعلى الآخرين، ولكن ما الذي رصدتموه داخليا؟ ماذا عن الاحتكار والمضاربة والتي سبق أن تحدث عنها أكثر من مسؤول سياسي؟

ما قلناه في هذه الدراسة هو أن ما لوحظ في سنة 2020_2021 هو أنه كان هناك انخفاض في الأثمنة الدولية لكن أثرها على السوق المغربي جاء متأخرا، عندما نأخذ بعين الاعتبار اقتصاد السوق، ما الذي نجده؟ نجد أن الفاعلين الاقتصاديين في تنافسية مفتوحة جدا، وعندما يكون هناك انخفاض في الأثمنة، إذا ما لم يخفض أحد الفاعلين الاقتصادين فآخر يخفض ليستقطب عددا من الزبناء، وفي هذا الميدان لم يكن ذلك، وقلنا بأن المنافسة بالأثمنة لم تكن، لم نقم بتحقيق لنتأكد كيف تمت الأمور، فهو يحتاج بحثا طويلا.

  • لكنكم تقومون بتحقيق يمكن أن تظهر نتائجه مستقبلا.

سنعود للملف فيما بعد إن أردت ذلك، لكن في هذه المرحلة نحن اكتفينا بالإشارة لأن خفض الأثمنة العالمية لم يستغل من طرف الفاعلين الاقتصاديين في الميدان لاستقطاب الزبناء كما يجب أن يكون الأمر في اقتصاد السوق المفتوح، وقلنا بأن التنافسية في الأثمنة لم تتم في هذه المرحلة، وهذه إشارة للفاعلين الاقتصاديين كي يحسنوا ويغيروا من تعاملهم في هذا الميدان، وهذا ما لاحظناه بعد صدور تقرير المجلس، حيث أصبحت وثيرة تأثير السوق العالمي على السوق المغربي أضحت أسرع، فالزيادات تطبق سريعا ونفس الأمر بالنسبة لانخفاض الأثمنة، فقد وقع تغير في التعامل. وكي أعود إلى أمر مهم جدا، دور المجلس هو تطبيق القانون، أي ضمان منافسة شريفة وتطبيق مقتضيات القانون من حيث الأثمنة، وهذا هدفنا، فليس دور المجلس العقاب، بل هو أن يعمل السوق بطريقة ناجعة، الزيادة والنقصان في الأثمنة موجود ومعروف لدى المغاربة، إذا كان التأثير من الخارج فالدولة تتدخل، لها ميكانزمات لتسقيف الأثمنة لمدة زمنية ما أو دعم مواد أو دعم المواطن. في المجلس نفضل دعم المواطن وليس دعم المواد، لماذا؟ لأن الاستفادة من دعم المواد تكون لصالح الفئة التي تستهلك أكثر، وبطبيعة الحال الاستهلاك يكون مكافئا للقدرة الشرائية، فالأغنياء يستغلون دعم المواد أكثر من الفئة الهشة والفقيرة، لذلك ندعم دعم المواطن وتترك الأثمنة لتحدد حسب السوق.

  • في بعض الدول حتى إذا ما ارتفعت الأسعار، فهناك أنظمة للحماية الاجتماعية، وهناك الدعم المباشر، وعدد من الأشياء التي تنفّس عن المواطن، في الحالة المغربية لا نزال نمضي في الحماية الاجتماعية، ولا يوجد دعم مباشر، ما يجعل المواطن أكثر عرضة للاكتواء من الأسعار، ما الذي أخر الدعم المباشر للأسر في نظركم؟ وهو موضوع نادت به العديد من الأحزاب والعديد من السياسيين.

ما يمكن أن نلاحظه الآن، هو أن الاتجاه الذي يسير فيه الاقتصاد المغربي، بطبيعة الحال تحت التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة، مثلا السجل الاجتماعي الموحد سيسمح بأن يصبح هناك دعم مباشر للمواطنين بعد الاحصاء ومعرفة تكوين الأسر المحتاجة، المغرب يمر الآن من مرحلة الدعم المباشر للمواد كي يمر إلى الدعم المباشر للأشخاص وللأفراد وللأسر، وهذه مرحلة تتطلب وقتا، المغرب بدأ يخرج من دعم المواد بشكل تدريجي، وقد ذكرت أن المواد كانت تدعم بشكل كبير، أما الآن لدينا 18 من المواد أو الخدمات مدعمة من طرف الدولة، والموجودة في لائحة حصرية، تضم صندوق المقاصة أيضا، لكنها لائحة تدخل في القانون 104.12 الذي ينظم المنافسة والأسعار، والذي يقول بأنه لا يمكن تحديد الأسعار بشكل آخر خارج أسعار السوق إلا في هذه المواد، وهي معروفة تضم السكر، الدقيق المحلي، الماء والكهرباء، الكتاب المدرسي، الغاز السائل… أما الزيت فلا، فقد خرج من الدعم في أواخر التسعينات، أي أزيد من 20 سنة، والباقي كله محرر. على الدعم المباشر أن يحل محل هذا الدعم لأننا عندما نلاحظ من يستفيد مثلا من السكر المدعوم، فهو من يستهلك أكثر، مثل المعامل والصانع أو صناع الحلاوة… أي تستهلكها فئة لا تحتاج دعما. هذه مرحلة انتقالية، المجلس يطلب من الحكومة، والتي يعلم بأنها تمضي في هذا الاتجاه، أن تسرع وثيرة المرور إلى السجل الموحد والدعم المباشر. لأننا بحاجة لها، والمغرب عمل بالدعم المباشر خلال كوفيد 19، أي أن كيفية التعامل معروفة، لأن الدولة كانت حاضرة، وكان هناك دعم مباشر لجميع الأسر والأشخاص الذين فقدوا عملهم، ولم تكن لديهم امكانيات التحرك.

  • بماذا تفسرون هذه الحالة العامة لارتفاع الأسعار؟ عكس السابق حيث كنا نشهد ارتفاعا ثم انخفاضا، أما الآن فبعد أن ارتفعت البطاطس مثلا ل 11 درهم لم تنخفض، وأصبحنا لا نتوقع رجوعها ل7 دراهم، فكل ما يرتفع ثمنه يستقر في ذلك الارتفاع ولا يعاود الانخفاض.

العالم يشهد صعودا للتضخم، ما يعني ارتفاع الأسعار، وهي مسألة عالمية. فبعد مرحلة كوفيد برزت العديد من أسباب التضخم، منها الخلل الحاصل على مستوى سلاسل الوجستيك، وأذكر مثلا الحاوية التي كان ثمنها هو 2000 او 3000 درهم لتنقل من آسيا إلى المغرب، ارتفعت إلى 20000 درهم، وهو ارتفاع مهول في اللوجستيك. بطبيعة الحال عندما تعود المياه إلى مجاريها يجب على الأسعار أيضا أن تنخفض، وهو ما نلاحظه في بعض أثمنة الخضر، ولكن في الوقت نفسه لم نعد للأثمنة السابقة. هناك مسألة أساسية تقع عندما يكون هناك تضخم، وهو ما تتخوف منه جميع الدول، هو أنه فور حصول تضخم ترتفع الأسعار، والرواتب ترفع أيضا، فكل شخص من موقعه عندما يرى ارتفاع الأسعار يقول “مثلما ارتفعت الأسعار علي، سأقوم أيضا برفع سعر عملي”، وهذا أيضا يدخل في تكلفة المنتوجات، فلما تتراجع تكلفة المنتوجات المستوردة، راتب العامل لا يتراجع، وهذا يؤثر ويسقطنا في حلقة مفرغة: ترتفع الأسعار، ترتفع الرواتب، الرواتب تؤثر على الأسعار، وندخل في سلسة من الصعب الخروج منها، وهذا تم ملاحظته خلال السبعينات والثمانينات، حيث بدأ التضخم المالي في أواسط السبعينات ولم يخرج منه العالم طيلة 15 سنة، وتأثيره كان قويا على القدرة الشرائية للمواطنين.

  • ما رأيكم في الخطوة التي اتخذها والي بنك المغرب والتي تقضي بالرفع من سعر الفائدة كأحد الأجوبة؟ هب كان قرارا في محله؟ هل كان له تأثير ما؟ هل بمقدوره أن يعالج التضخم؟

لبنك المغرب تحليله وصلاحياته، ليس لي تعليق على هذا الأمر، ما يمكن أن نراه هو أنه عبر العالم تعتبر الزيادة في سعر الفائدة وسيلة من الوسائل المعتمدة ضد التضخم المالي، وهو المعمول به في الولايات المتحدة وأوروبا، هل هي وسيلة ناجعة أو غير ناجعة، هو أمر يمكن أن يجيب عنه خبراء.

  • يمكن للزمن أن يجيب عن نجاعته.

هو وسيلة من الوسائل لمحاربة التضخم عالميا.

  • فيما يخص ملف تحرير المحروقات، هل بالفعل سبب الإشكال الذي وقع هو التواطؤ؟ والذي أجبتم عنه بشكل أو بآخر، البعض يقول بأنه لم يتم اتخاد اجراءات موازية مثل التسقيف وغيرها، كي تكون عملية التحرير عملية ناجعة.

نحن نتفق على أن الاجراءات الموازية لم تتخذ بكيفية كافية لمواكبة الغاء الدعم، ولكن نحن لا ندعم التسقيف، نقول بأن ما كان عليه أن يكون في القوانين والمراسيم والمنظومة التي تقنن القطاع هو فتح المجال لمنافسة أكثر ولحضور بعض المتدخلين الآخرين، أي لم يبق هناك انفتاح، فإذا ما رأيت الرأي الصادر عن المجلس، يتضمن بعض الملاحظات الموجهة للفاعلين الاقتصاديين، ولكن فيه أيضا بعض الاقتراحات للحكومة لأجرأة بعض القرارات التي اتخذت، ولكن بعض المراسيم لم تصدر بعد أو لإضافة حرية أكثر في هذا الميدان، نحن نظن أنه إذا ما تم فتح القطاع لمنافسة أكثر سيكون تأثير ذلك على الأثمنة أقوى مما كان عليه إلى يومنا هذا.

  • فيما يخص المشكل الذي حصل مع الرئيس السابق، سي الكراوي، هل هذا الملف حارق لهذه الدرجة؟ هل ستغيرون أنتم طريقة التعامل؟ أين يكمن المشكل تحديدا؟ لماذا اضطررنا لتعيين لجنة ثم لجنة أخرى؟ ثم توقفتم وعدتم للتحقيق من جديد، هل هناك رهانات معينة كي تمضوا فيه أبعد أم أن مربع التحرك مرسوم سي رحو؟

سنقف عند هذا الملف عبر بلاغين صادرين عن الديوان الملكي، الأول كوَّن لجنة للتحقيق فيما وقع في المجلس، والذي قال بأن هناك خللا في المجلس، والديوان الملكي توصل ببعض الرسائل من بعض الأعضاء، وكان هناك بلاغ بعد التقرير الذي وضعته اللجنة الخاصة التي سهرت على كشف ما وقع في المجلس، حيث قال البلاغ الأخير عدة أشياء، إحداها أنه في ميدان المحروقات، كان هناك ملف شهد خللا في أخذ القرار النهائي، وعلى إثره كان تغيير الرئاسة في المجلس، وطالب الديوان الملكي الحكومة بتغيير القوانين المنظمة للمجلس لإعطاء دقة أكثر، وهذا ما حصل عبر سنتين وهذا أمر عادي، إذ تطلب الأمر تغيير القوانين ومرورها عبر البرلمان، وهنا أشير أن هذه القوانين تم التصويت عليها بالإجماع في البرلمان بغرفتيه، أي كان اتفاق شمولي سياسي على ما يجب أن يغير في هذه القوانين… الآن صدرت المراسيم،  والقراءة التي أقول دائما في هذا الملف أن بلاغ الديوان الملكي الذي عينت من خلاله شخصيا والذي أشار لهذا الملف يشير لبعض الأشياء: أولا اللجنة الخاصة التي كونت للبحث في ما يجري في المجلس، لم يكن من اختصاصها هذا الملف في العمق، حيث ظل في يد مجلس المنافسة، ولا يمكن أن تنظر له جهة أخرى، نفس البلاغ يطلب إعادة النظر في الترسانة القانونية. قراءتنا التي عملنا بها هي: يجب انتظار القوانين، فإذا كان الخلل في الملف وقع بسبب القوانين فلا يجب أن نقع في نفس الخطأ ونشتغل بنفس القوانين، وهو ما حصل. فبمجرد صدور القوانين عدنا للموضوع، وأود توضيح طريقة عمل المجلس للمواطنين، للمجلس فرعين، فرع للبحث، وفرع للقرار، فرع البحث يترأسه المقرر العام، وفيه مقررين، يقومون بإنجاز بحث في موضوع ما، وهناك أيضا فرع القرار المكون من هيئة المجلس وهم 12 عضو، بالإضافة للمجلس، ويكون فيه مندوب الحكومة والأمين العام، ولكن يحضران بدون أن يصوتا، وهذا الفرع هو الذي يتخذ القرار النهائي. بحث المقرر العام لا يلزم الهيئة كي تتبعه، الهيئة مثل المحكمة، تتوصل بتقرير البحث وتنصت للأطراف الأخرى، تقول: “هذا ما يقوله المقرر العام، فما ردكم أنتم للدفاع عن نفسكم”، كما يقع في المحكمة، ثم يصدر قراره. المشكل الذي وقع أساسا يتعلق بمرحلة القرار، المجلس كهيئة تسلم ملفا آن ذاك ولم يصدر قرارا نهائيا، والطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا الملف هو ارجاعه للتحقيق لصياغة تقرير آخر يأخذ بعين الاعتبار القوانين الجديدة، لأن القوانين لم تطبق عليه. يتساءل الناس هل لهذه القوانين أثر رجعي، لا ليس لها إثر رجعي، لكن المعمول به دائما هو أنه ليس هناك أثر رجعي لملف لم يتخذ فيه قرار، اذن ما يطبق في هذا الملف هو كل ما في صالح الأطراف، ففي الجانب القانوني لا يمكن أن تطبق قرارا جديدا أصعب مما كان في القانون السابق، هذا القانون كان أكثر وضوحا، وأعطى طريقة تعامل المجلس مع الأطراف، وكيفية الصلح، إذ يمكن أن يكون هناك اعتراف ما في ملف ما، أي ما يسمى في القانون عدم المنازعة في المؤاخذات، ليس اعتراف 100%، ولكن “لا أنازعك فيما قلته”، والقانون يقول في هذه الحالة أن الغرامة يمكن أن تخفض من 10% كأقصى حد إلى 5% كأقصى حد، وهذا يسمح بالتصالحية، وهذا كله في صالح الملف. الرجوع للتحقيق يمكن أن يسمح أن نطبق عليه عند السيد المقرر العام، الآن مرحلة مهمة جدا، لأنه عندما يحال الملف للتحقيق فأعضاء المجلس وأعضاء الهيئة ليس لهم الحق في التعليق أو التدخل، إذ عندما يعود إليهم الملف يجب أن يحكموا بنزاهة، إذن الملف الآن عند السيد المقرر العام وسيظل عنده إلى أن يرسل تقريرا جديدا للهيئة التي ستجتمع بعدها وتتخذ القرار النهائي.

  • متى يمكن أن يصدر التقرير؟

إذا قلت أي كلام الآن سيعتبر ضغطا على المقرر العام.

  • لكن ستكون قد حددت لهم كرئيس أجلا معينا، إذ لا يمكن أن يبقى الآجال مفتوحا إلى ما لا نهاية.

بطبيعة الحال هناك آجال قانونية، وقد وضحها القانون، ليس لي الحق في أن أعطي المقرر العام أي أمر في هذا الجانب، والقوانين تحدد الأطر، فعندما سيرسل المؤاخذات إن كانت، هناك شهران للإجابة عنها، ويعطي تعقيبه، ثم شهر أو شهرين للجواب، والمراحل بأكملها موجودة في القانون، لا تدخل للرئيس في هذه المرحلة. نحن نتمنى أن يكون الملف، بما أنه معروف، سريعا، لكن دون أن نعطي أي إشارة للسيد المقرر العام.

  • قطاع الأبناك وشركات الاتصالات، والتكاليف الزائدة في أداء الفواتير عبر الانترنيت، والتي كانت موضوع ملاحظات قدمها المجلس، لم نشهد أي تفاعل، هل نبهتم؟ هل قدمتم مهلة؟ هل ستتخذون قرارات من شأنها أن تحد من هذه الإتاوات التي تأخذ دون وجه حق والتي وقفتم عليها؟

لقد أصدرنا بلاغا للتنبيه بأن هناك بعض التعاملات وبعض الإتاوات والممارسات الخارجة عن إطار القانون، نحن هدفنا هو أن نطبق القانون وليس العقاب، نقول إنه في شهر يونيو أو الشهر المقبل إن انتبهوا للأمور وأصلحوها فلا ضير، ما يأتينا من السوق الآن هو أن هناك تفاعل مع البلاغ. هذه الممارسات تكون على أساس عقد تجارية والتزامات، فيلزمها بعض الوقت، ما نعرفه هو أن هناك نقاشات ونقاشات مهمة جدا بين الفاعلين في الميدان والأبناك وشركات الأداءات وجميع الفاعلين. ننتظر نهاية يونيو حيث سنقوم بوقفة مرحلية، وسيكون هناك بلاغ ثان لنوضح للعموم أين وصلنا، فإذا لم يتفاعل بعض الفاعلين مع البلاغ الأول ستُتَّخذ حينها اجراءات، لكن نفضل منح بعض الوقت.

إذا سمحتم لي سأستغل هذه الفرصة وأقول المبدأ الذي نرتكز عليه: “المواطن المستهلك الذي يستهلك منتوج أو خدمة، ليس عليه أن يؤدي إلا الموجود في الفاتورة، مهما كانت وسيلة الأداء أو القناة”، وعندما يمكن أن تدفع مباشرة لصاحب الفاتورة فهو اختيار، وإذا ما فضل تسهيل الأمور عبر وسيط فعليه هو أن يتحمل مصاريف التكاليف الزائدة، فعندما لا تتوجه لمقدم الخدمة فهناك تكاليف لا يتحملها، حيث إذا أردت التوجه عنده يجب أن يوفر مكتب وموظفين واستقبال، هو ينقص عليه هذه التكالف، فليس من المعقول أن يزيد على المواطن، هذا المبدأ نود تعميمه، ليس على المستهلك أداء إلا ما في الفاتورة، يمكن أن تضاف أمور بسيطة، مثلا خدمة التسليم في البيت، فأنت اقتنيت سلعة معينة، يمكن أن تتوجه لأخذها أو أن تتوصل بها في المنزل، حينها يمكن أن يرفع الثمن، ولكن التكلفة واضحة ومعقولة، فتحصيل مبلغ الفاتورة غير مؤدى عنه من طرف الزبون، سنمضي على هذا الأساس وسنقف وقفة مرحلية ونصدر بلاغا حول ما توصلنا إليه.

  • في مجال الأبناك مرة أخرى، لوحظ في مرحلة كوفيد أنها لم تتأثر بقدر مؤسسات أخرى، فهناك نوع من الشكوى من طرف مستثمرين ومواطنين على الفوائد التي تصل 14% و15%، ألا يعرقل هذا الاستثمار؟ هل سبق للمجلس أن قام بدراسة في هذا الباب؟

كما قلت، دورنا تنظيم السوق، وفيه مسؤولية كبرى، لأن لدينا صلاحية قوية جدا وهي صلاحية جزرية، ولا يمكن أن نقدم رأيا في قطاع ما دون أن نقوم بدراسة معمقة ودون معرفة، فما دمنا لم ندرس قطاعا ما، فلا يمكن أن نقدم فيه أي رأي، سيصبح حكم قيمة. ما نقوله هو أن جميع القطاعات المهمة التي لديها تأثير مباشر على القدرة الشرائية سنقدم رأينا فيها، تطرقنا لميدان الزيوت وميدان المدارس الخاصة وميدان المصحات، سندرس جميع القطاعات، الآن نشتغل على قطاع التأمين وعلى قطاع التغذية وقطاع مواد البناء، وستصدر آراء المجلس في الشهور المقبلة، المجلس يوضح ما يحصل في القطاع، وفيه اقتراحات للفاعلين وللمنظمين سواء الوكالات أو الهيئات أو الحكومة، يمكن أن نقول إن هذا ما قمنا به في ميدان المحروقات، وسيأتي دور الميدان البنكي. بعض الأشخاص الذين يشتكون هذا التعامل في القطاع البنكي، نقول لهم لديكم مجال المنافسة، لأن الفاعلين في هذا السوق كثر، فهل كونت نظرة عن المؤسسة التي تشتغل معها فقط أم قمت ببحث كي تقارن؟ فإذا قدم الأول ثمنا أنظر لاقتراح الثاني، نحن نتدخل إذا الزبناء أينما توجهوا يجدون نفس الثمن، أما إذا وجد أثمنة متباينة فالقرار قراره. بماذا سنعاقبه؟ فإما لديه مبرر لذلك الثمن، لا نقول بأن الأثمنة يجب أن تكون نفسها، فشخص ما يقدم جودة أفضل من حقه أن يرفع الثمن. نحن نشجع الناس على أن يقارنوا بين الأثمنة، ونشجع السلطات العمومية والفاعلين الاقتصاديين على أن تنضج وتنمي في المغرب وسائل مقارنة الأثمنة، بشكل علني، كأن تدخل لموقع ما وتجد أثمنة الجميع، وهي حميدة في السوق، فبدل أن تتجه لفلان وعلان للبحث عن الثمن تجد الثمن مباشرة. نحن نشجع هذه المقارنات، إذا ما أراد أحد أن يستثمر في هذا المجال ليبع خدماته حيث ستنفع المواطنين. عندما يكون 10 أو 15 فاعل في السوق، يجب أن تقارن قبل أن تصدر الحكم، إذا كانت نفس الأثمنة، حينها مشكل.

  • فيما يخص أسواق الجملة، نلتقي عددا من الفلاحة ونعلم ثمن بيع البطاطس من المزرعة، العمليات التي يقطعها ليصل إلى المواطن تُضَاعِف الثمن أحيانا الضعف وأحيانا أكثر، وتصل إلى أثمنة غير معقولة، ومن المعروف أن أصحاب الشكارة يشترون الشحنة ويعاودون بيعها بثمن مرتفع، هناك تجارب دولية في هذا الصدد، مثل تجربة العراق حيث توجد محلات خاصة بالبيع والدولة تحمي المنتجات، ألن نصل لهذا المستوى؟

هذا من المواضيع المهمة، نحن لاحظنا، في بداية هذه السنة حتى ما بعد رمضان أنه كان هناك ارتفاع في الأثمنة، بعدها بدأت في الانخفاض، كانت هناك مبررات تتعلق بتراجع التساقطات وارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية، وبعض الفلاحين لم يزرعوا أراضيهم بأكملها، وكان هناك نقص في الإنتاج وهذا أثر على الأثمنة، لكن هذا غير كافٍ، لاحظنا بأنه من الوارد وجود تضاربات، وتم اتخاذ قرار بفتح ملف سوق الجملة، وهو في طور الدراسة، ربما بعض بضعة أسابيع سيخرج رأي المجلس حول سوق الجمل للخضر والفواكه، هو رأي، لأن القانون 104.12 يعطي احتكار لسوق الجملة في المدن لأن المواد الفلاحية لا تدخل إلا عبره، فأول نقاش هو: هل هذا القانون محترم أم لا؟ ثانيا: هل سنستمر في تفعيله أم لا؟ ثالثا: هل هو ناجع أم لا؟ عندما ننظر للأثمنة فمن الواضح هناك مشاكل، سنضع التقرير ليكون محط نقاش عمومي، لدينا قناعة بأنه لا يمكن أن نستمر في نفس النهج، وهذا يجعلنا نقول بأن هناك ميادين نظمت منذ سنوات أو عشرات السنين والتي حان الوقت لإعادة النظر فيها، سنعمل على تقديم رأينا في كيفية إعادة النظر في التأطير القانوني لبعض القطاعات، ضمنها هذا الملف، في إطار منافسة أكثر حرية وأكثر مراقبة، كي تكون الأدوار مضبوطة، ويكون الفاعلين الذين يتدخلون دون أن أشير إلى أي أحد فلكل حرفته ومهمته ويجب أن يقوم بها بكيفية جيدة وخاضعة للمراقبة.

  • ألا ترون أن المستهلك هو الحلقة الأضعف؟ في التنقل إذا لم يقم بتفعيل بطاقته يعاقب مباشرة، لكن إذا ما تأخر القطار أو ترام فحقه يهدر، كيف تنظرون لقانون حماية المستهلك؟ هل يحتاج أيضا لتطوير؟ هناك إحساس لدى المواطن أنه إذا توجه للمؤسسات يكون موضع اتهام، وإذا توجه للخدمات يتضرر.. وهناك صور عديدة لهذا

هذا الميدان مهم بالنسبة للمجلس، وسأعود لوثيقة مهمة جدا، بلاغ الديوان الملكي الذي تم فيه إعلان عبد ربه في رئاسة المجلس، والذي تطرقنا فيه للمحروقات، تضمن أيضا تعزيز استقلالية المجلس وقوته من أجل نجاعة الاقتصاد وحماية المستهلك، فهذا يعطي نوعا من المسؤولية للمجلس كي ينتبه لحقوق المستهلك، نحن نشتغل في إطار ما يسمح بن القانون، فأشياء خارج قانون 104.12 لا يمكن أن نتدخل بها. نحن نطالب مباشرة بأن تضع الحكومة إطار قانوني لحماية المستهلك ويبدو لي أن المسار القانوني يسير في هذا الخط، يجب وضع هيئة يمكن أن تكون في مجلس المنافسة أو في مجلس آخر. ولكن إذا كان مجلس آخر ستكون صيغة تعاون لابد منها لأن المجلس الآن يوقع اتفاقيات مع جميع السلطات القطاعية مثل بنك المغرب، “لاكابس” … وهناك سلطات لديها موضوع خاص مثلا حماية المستهلك أو مكافحة الرشوة حتى هذه الهيئات وقعنا معها اتفاقيات، إذن يجب أن نضع اليد في اليد من جميع الهيئات لأجل الحكامة الجيدة.

  • في نفس النقطة تصور أن تكون ذاهبا في الطريق السيار وتجد أنه قيد الإصلاح لمدة سنتين، فتجد نفسك أنك تؤدي مبلغا معينا لكن تسير بسرعة أقل من الطريق الوطنية، أو تكون جالسا في المنزل فينقطع الكهرباء بدون إخبار سابق، أو أن تكون ذاهبا في الطريق فتجد فجأة أنها مقطوعة، هذه بعض الصور العديدة التي يعاني فيها المواطنون.

نحن نتفق على أن المستهلك يجب أن تتوفر له حماية مؤطرة، وهناك قانون في طور الإعداد  يتضمن خلق هيئة خاصة ويمكن أن تكون صلاحياتها في تقاطع مع مجلس المنافسة وسنشتغل في إطار قانوني. ولكن حماية المستهلك هي مسؤوليات المجلس في إطار القانون وهذه النقطة التي تطرقنا إليها وهي الإتاوة التي تؤخذ على أساس تأدية الفواتير جاءت لأجل حماية المستهلك، لأننا نقول أن هذه المبالغ التي تضاف على الفاتورات غير مبررة هي تظهر ضعيفة (ثلاث دراهم أو خمس دراهم) لكن حين يدفعها الآلاف الأشخاص فستجد أن هناك مئات من الملايين تؤخذ من جيوب الأشخاص للشركات بدون وجه حق ونحن نقول أن هذا مرفوض ويجب منعه. وهذا من باب حماية المستهلك، وإذا كانت هناك هيئة مخصصة لحماية المستهلك فنحن سنتعامل معها وسيكون أفضل.

  • العملات الرقمية واالمشفرة (البتكوين) سبق أن أعطيتم تصريحا لأحد الصحفيين في جريدة العمق على أنكم ستشتغلون على الموضوع مستقبلا، هل بدأتم أم لا؟

هذا بطبيعة الحال ليس من الأولويات لأنني قلت بعض المواضيع التي تمس القدرة الشرائية لديها الأولوية، مثلا ميادين الكهرباء والطاقة والماء الشروب التي تمس جميع المواطنين، وخصوصا أننا دخلنا في مرحلة نقص وانعدام التساقطات المطرية في بعض المناطق. المسائل التي تمس التنمية المستدامة وتجعل المغرب في طريق انتاج الكهرباءعن طريق الطاقات المتجددة وهذه سياسة اتبعها المغرب بفضل التوجيهات الملكية منذ سنوات ولكن نحن نقول بضرورة تسريع الوتيرة ونشتغل عليها، إذن فأولويتنا هي للقطاعات التي تمس أغلب المواطنين وتمس قدرتهم الشرائية وحين ننتهي من هذا سنبدأ في الاشتغال على أشياء أخرى.

  • تأخر المراسيم التطبيقة، هل كان مبررا أم أن التجاذبات السياسية كانت السبب في تأخرها كل هذه المدة؟

هو في الحقيقة حين نكون في قلب المعمعة سيظهر الوقت طويل لكن حين نرى الفترة بين بلاغ الديوان الملكي وصدور قوانين وقوانين تطبيقية في الجريدة الرسمية مرة 24 شهرا، وحين ترى الوتيرة التي تخرج بها القوانين بالنصوص المنظمة لها ستجد أن سنتين ليست طويلة جدا، لأن المسار التشريعي أصلا طويل، عدا قانون المالية الذي يلزم خروجه في كل سنة وفي وقت محدد والمقنن من طرق القانون نفسه؛ القوانين الأخرى تتطلب عاما أو عامين إلى ثلاث سنوات للخروج هذا ما يمكن أن نسميه أننا “on est dans la bonne moyenne ”  فلا نقول تأخر كثيرا، الأهم أنه صدر حاليا والباقي نشتغل عليه. الذي يمكنني أن أشير إليه هو أن هذا لم يجعل المجلس مكتوف الأيدي في هذه المرحلة كلها، بل قدمنا أراء وكانت هناك عقوبات لبعض الممارسات مثلا الإدلاء برأي المجلس في بعض الملفات الخاصة بالتركيز، سأعطيك رقما مثلا في 2022 فرضت سبعين مليون درهم عقوبات، فيها ممارسات غير المنافسة وأيضا عدم تبليغ المجلس ببعض العمليات، إذن المجلس كان في الصورة وكانت لديه بعض الآراء التي أصدرها المجلس في بعض الميادين، وبعض المواقف التي اتخذها أيضا مثلا الفواتير…الخ. حاليا سوف يتحسن عمل المجلس وسيكون سريعا عبر التدقيق في الأمور، فتحنا الملف القديم للمحروقات لأجل الطي النهائي لهذا الملف وهناك ملفات أخرى والمجلس سيكمل عمله فيها.

  • بعض الباحثين يناقشون باب الحكامة عموما لكنهم يعتبرون أن هذه المؤسسات ولدت بدون أنياب ولا تمتلك قدرة كبيرة على التدخل والزجر، هل تتفقون مع هذه الفكرة أم تعتبرون أنكم أصبحتم الآن أكثر قوة وعلى استعداد للتدخل؟

إذا اطلعنا على الإطار القانوني، فكل مؤسسة لديها إطار قانوني يسمح لها بالعمل، سنجد تفعيلا لبعض النصوص ولو أنها تأخرت، لكن الذي أفضله شخصيا هو عدم اتخاذ صورة معينة للحكم على موقف معين، لننظر الآن إلى المغرب كيف كان قبل عشر سنوات أو عشرين سنة ونقارنه بالوضع الحالي. سنلاحظ من أول وكالة للتقنين التي كانت وكالة لتقنين المواصلات، والآن تم خلق مجلس للمنافسة وخلق عدة هيئات، ودستور 2011 أتى بتقوية كبيرة. بعد ذلك، خرجت القوانين المنظمة نحن فقط بداية لمسار جديد بدأ بدستور 2011، هناك مؤسسات تم تقويتها ونصوصها خرجت أو بعض النصوص خرجت مؤخرا مثلا   هيئة محاربة الرشوة..الخ. الصوة التي يمكن أخذها الآن غير كافية، يجب أن ننظر إلى المسار الذي مررنا به، وننتظر بعض الوقت للحكم وليس أن نحكم بطريقة نهائية، ورأيي الشخصي في الميدان أن الترسانة القانونية والقوة الدستورية لهذه المؤسسات كافية لتسيير الاقتصاد في إطار نظام يحترم المستهلك والمستثمر والمواطنين آرائه في المسائل الاقتصادية، لأن هذا كله يسير الاقتصاد، والمسائل السياسية تناقش في البرلمان ونحن لسنا طرفا فيها ولكن في الميادين الاقتصادية وميادين المعاملات والحكامة، المغرب ظهر أن لديه ركائز، ومن طبيعة الحال هذه الأشياء يجب أن تفعل لكي يراها الناس وهذا ما نشتغل عليه، وأقول للناس مزيدا من الصبر لأن هذا عمل مشترك، ما يمكنني أن أؤكد عليه هو أن هدف المجلس بالنسبة إلي ليس هو عقاب هذا الشخص أو ذاك، بل تطبيق القانون وأن تكون هناك منافسة شريفة. يعني إذا وصلنا للأمر بطريقة حبية عبر البيداغوجية والشرح  واستجاب الناس فنحن لا نلجأ للعقوبات وهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار كذلك، والأمر أشبه بكرة القدم، حين ندخل للمباراة الكل يريد الربح، في السوق الاقتصادي هناك عدد من الفرق وليس فريقين كما في كرة القدم، وكل واحد يعرف اللعبة ويعرف قوانينها ولكن كل فريق يحاول استغلال مناسبة ما مثلا عدم رؤية الحكم … لكن رأي الناس حين يشاهدون مقابلة يديرها حكم نزيه وقوي يقولون أن هذا الحكم جيد، هذا ما يطمح إليه في مجلس المنافسة حيث يصير هذا الأخير حكما معترفا به من طرف الفاعلين ويكسب مصداقية الناس، وهذا ما نشتغل عليه، ولا يأخذ رأي معين إلا بعد البحث والتأكد والتأني وإذا كانت هناك أمور معينة مخالفة سيعاقب وإذا كان هناك تفاعل للفاعلين الاقتصاديين فسنقوم بطي الصفحة والمرور لصفحة أخرى.

  • أثناء التعيين الملكي هل أحسستم أن هناك دعم قوي للتحرك في هذا المجال كي تذهبوا فيه بعيدا؟

من طبيعة الحال، هناك دعم وحرية واستقلالية تامة للمجلس لا يتدخل أحد والمجلس يعمل، من طبيعة الحال هناك قراءة للقانون وللصلاحيات، بالإضافة إلى صلاحيات المتدخلين الآخرين لأن أحيانا تكون هناك وكالة أو هيئة مكلفة للتدخل كذلك فنشتغل معا.

  • سؤال الاستقلالية يطرحه بعض الباحثين، علاقتكم بالسلطة التنفيذية، كيف يمكن الحديث عن الاستقلالية وأنت معين غير منتخب، الدولة هي المكلفة بالأجور، ألا يشوش هذا على استقلاليتكم؟

أولا نحن لدينا منحة كاملة تعطى للمجلس لأجل تغطية مصاريفه، وهذه المنحة يتصرف فيها المجلس بحرية، وهناك تنظيم للمستخدمين ولا يجب أن يكون مخالفا، لكن طريقة تحديد الأجور نمتلك فيه الحرية التامة. هناك مأجورين من الدولة، ويجب أن نصوغ نظام داخلي يكون فيه موافقة القانون، وهناك تنظيم المستخدمين الذي لا يجب أن يكون مخالفا للقانون، لكن طريقة تحديد الأجرو نمتلك فيها الحرية التامة.

ثانيا: في الملفات لا يوجد هناك تدخل، وسبق أن قلت أنه حتى في المجلس حين يكون هناك بحث فرئيس المجلس وأعضاء الهيئة لا يتدخلون في البحث، ليس من حقهم التدخل لأجل أن تظل النزاهة في أخذ القرار النهائي وإذا رئيس المجلس لا يستطيع التدخل فكيف تستطيع سلطة خارجة التدخل في الملف، وهذا من المسائل التي وضحها القانون لأن تضارب المصالح وخروج عضو أو بعض الأعضاء من ملف لأن هناك تضارب المصالح فيه، هذا وضحه القانون الآن، بالتالي لدينا طريقة عمل وإذا اتضح أن شخصا معينا لديه تضارب مصالح لا يمنح له الملف وهذا وضحه القانون.

  • هل تحسون أن هناك ما هو سياسي وتجاري واستغلال النفوذ وتضارب المصالح في التسيير بين المسؤولين في السلطة والتجارة، هل لديكم مؤشرات في هذا الاتجاه؟ وهل لديكم رغبة في البحث فيه؟

نظرة المجلس هي نظرة محايدة لأننا عندما ننظر للملف ننظر إليه من منطلق هل القانون مطبق أم لا؟ أما الدوافع وراء هذا التطبيق فتلك مسائل أخرى. نحن ليس لدينا حكم قيمة على كل شخص، من أراد أن يمارس السياسة أو أي شيء فهذا شأنه، القانون يسمح بأن يكون التاجر عضوا في البرلمان هذا لم يمنعه القانون وبالتالي ليس لدينا أي تدخل، ما نشتغل عليه هو هل في الواقع هناك تصرفات مخالفة للقانون أم لا، والحرية تكون في عدم الأخذ بعين الاعتبار الشخص في دراسة الملفات، وهذه هي النزاهة التي نشتغل بها، فنحن نحكم بتطبيق القانون أو عدمه في هذا الباب.

سي أحمد رحو وصلنا لآخر فقرة في البرنامج وهي أسماء وتعليقات، سأعطيك أسماء لعدد من الشخصيات العمومية مرفوقا بتعليق مقتضب.

  • ادريس الكراوي: الرئيس السابق لمجلس المنافسة.

سي ادريس اشتغلنا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي وكان أمينا عاما، بينما كنت انا عضوا ورئيس اللجنة الاقتصادية، واشتغلنا بكل صدق وأمانة، كانت لديه مرحلة في المجلس، وتم تمرير السلط بيننا بطريقة حبية.

  • شكيب لعلج: رئيس الاتحاد العام للمقاولات المغرب.

أولا سأتكلم عن المؤسسة أكثر من الشخص، لأن بالنسبة للمجلس المؤسسة هي الأهم، هي مؤسسة مهمة وأنا كنت عضوا فيها لمدة طويلة في تحسين مناخ الأعمال، ولله الحمد المغرب اكتسب عدة نقاط، حيث مررنا من الرتبة مئة….للرتبة 60 أو 55 في آخر تصنيف لأنه كان هناك عمل ما بين الاتحاد ورئيسته مريم بنصالح، ظهر لي بأن رئاسة CGEM يجب أن تكون لأجل تقوية الفاعلين الاقتصادين. لديهم رأي، وكل واحد يلعب دوره بما في ذلك سي شكيب لعلج.

  • كريم التازي: فاعل في مجال الأعمال والسياسية.

ليست في علاقة مباشرة معه، هو فاعل اقتصادي كجميع الفاعلين.

  • بوعزة خراطي: المسؤول عن جمعيات حماية المستهلك.

سي بوعزة الخراطي عضو في المجلس ويساهم معنا في اتخاذ القرار

  • نجيب اقصبي: المحلل والخبير الاقتصادي

يمكن القول أنا سي اقصبي لديه آراء ولا أتفق مع رؤيته فأنا ليبرالي وهو لا ينتمي إليه ولكن هذا نقاش فكري.

 

الأستاذ أحمد رحو رئيس مجلس المنافسة شكرا جزيلا لك على تلبية الدعوة في: حوار في العمق

هل كان حوارا في العمق أم مجرد حوار في العمق؟ الكلمة والتعليق لكم متابعينا ومتابعاتنا.

أودعوكم إلى حلقة جديدة وضيف جديد في برنامجكم حوار في العمق، ترقبوه مساء كل جمعة على الساعة السادسة، إلى اللقاء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *