منوعات

طارق يكتب: هل ينقذ بنكيران ما تبقى من الحركة الوطنية؟

في هذه اللحظة من تاريخ القوى الوطنية الديمقراطية ليست المسألة ،مسألة موقف سياسي تكتيكي حول المشاركة من عدمها ،في حكومة بنكيران الجديدة ، بل هي في العمق جواب عن تقدير سياسي عام حول المرحلة ،وحول الاختيار الواضح للانحياز لصف دعم الإرادة الشعبية ،أو الاستمرار في خدمة أجندة الإرتدادات السلطوية ،بنفس التبعية المهينة ،أو بالتردد الطويل وغير المفهوم بين الاختيارين .

يمكن لهذه القوى ،أن تختار المشاركة أو لا تفعل ذلك ،لكنها بغض النظر عن هذا الموقف ،إن هي استطاعت تحصين ما تبقى من قرار مستقل لقياداتها ،مطالبة بالضرورة بالقيام بنقد ذاتي حول تدبيرها لمرحلة مابعد 2011،عندما تحولت في آدائها السياسي اتجاه قضية الديمقراطية ،إلى أدوات طيعة في خدمة مشروع محاصرة الهامش الديمقراطي .

لم يكن المطلوب قطعا، بعد 2011،أن تتموقع القوى الوطنية والديمقراطية حتما إلى جانب العدالة والتنمية في حكومة مابعد الربيع العربي .فكرة المعارضة كانت تملك الكثير من الحجج :إحترام قرار صناديق الاقتراع ،التجاوب مع طلب متزايد من الرأي العام على توضيح تمايز المرجعيات داخل المشهد الحزبي ،إعادة بناء الذات.

في الأصل ،كان يمكن لمعارضة وطنية ديمقراطية ،بالطريقة التي فعلها الراحل السي أحمد الزيدي ،أن تكون داعمة لنجاح التناوب الثاني ،وأن تكون شريكا جديا في تحول ديمقراطي كان عنوانه المشترك هو تفعيل الدستور .

الذي كان مخيبا للأمال ،هو” قتل” هذه المعارضة الوطنية الديمقراطية ،وتحويلها إلى معارضة للإرادة الشعبية بإسم قوى الارتداد السلطوي،أو في أحسن الحالات الى مجرد مقاومة اوتوماتيكية للإصلاح.

التلاميذ السحرة ،للمرحلة ،قرصنوا الاحزاب الوطنية ،و نصبوا قيادات موالية للتحكم ،تحت شعار المعارضة الصدامية ،ذات النبرة الشعبوية القادرة على مواجهة العدالة والتنمية.

باقي الحكاية تعرفونها : انطلق موسم معارضة الصراخ ،و تم استقدام “الحداثة “و”الأخونة”و “الأيديولوجيا “إلى خطابها الطارئ ،تماما كما تم استقدام “الحمير”الى شارع محمد الخامس ،للاحتجاج على الحكومة ،وهنا بالضبط أطلق بنكيران رجليه، وأخدته غفوة لم يستيقظ منها والا وصناديق إقتراع2015 تمنحه مفاتيح كل مدن المملكة .

اليوم ، تواجد هذه الأحزاب إلى جانب بنكيران في حكومة ما بعد 7أكتوبر ،لا يحمل أي قدرة سحرية على تدارك عجزها الفادح في المصداقية ، ذلك أنها يمكن أن تشارك معه كامتداد للتحكم ،كما سبق لها ان عارضته بإسم “التحكم”.

في المقابل يمكنها أن تسانده نقديا على أرضية تقديرها للوضع السياسي العام ،أو تعارضه بمسؤولية و وطنية على أرضية إختلاف في السياسات الإجتماعية و منظومة القيم ،أو تشاركه سياسيا تحالف الأغلبية على أرضية أولوية معركة تعميق الهامش الديمقراطي ،لكن قبل أن تفعل واحدا من الخيارات الثلاث الممكنة ،عليها أن تعلن قطيعتها الواضحة مع مغامرات الإرتداد السلطوي ،وأن تعمل على طي صفحة “قيادات” مرحلة الصراخ والمعارضة الصدامية “كذا ..” و الحسم مع رموز فقدان الاستقلالية .

دون ذلك فالمعارضة أو المشاركة ،سيان وكلاهما مجرد طريق قصير نحو الإندثار.

أما بنكيران فهو يدرك في النهاية ، أن أحزاب “الإدارة” قد تكون أكثر مدعاة للثقة من أحزاب” التحكم” !.