سياسة، مجتمع

هل تحول برنامج “أوراش 2” إلى أداة يستغلها السياسيون بأزيلال؟

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات تستنكر عدم وضوح المعايير التي تم اعتمادها لاختيار المستفيدين من برنامج “أوراش 2” بإقليم أزيلال وخاصة ببعض الجماعات التابعة للإقليم.

وسجل اختلاف في طريقة اختيار المستفيدين من جماعة إلى جماعة دون التقيد بمعايير موحدة وواضحة، إذ اعتمدت بعض الجمعيات التي حظيت بمشاريع “أوراش” في جماعات بالإقليم على “القرعة” بعد تلقي الطلبات، في حين اختارت أخرى المستفيدين بطرق غير معلنة وغير معروفة.

وقال نشطاء إن السرية التي تم بها اختيار بعض المستفيدين من برنامج أوراش ينافي دستور المملكلة وقوانينها، إذ ينص الفصل 27 من الدستور المغربي على أنه: “للمواطنين والمواطنات الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.”

أما قانون الحق في الحصول على المعلومات 31.13 فقد ضمن مبدأ مهما خاصا بالنشر الاستباقي، ويتعلق الأمر بالمعلومات التي يجب على المؤسسات والهيئات المعنية نشر الحد الأقصى منها، بشكل استباقي وتلقائي، حتى في حال عدم وجود أي طلب، وذلك عن طريق وسائل النشر المتاحة لديها، ولا سيما الإلكترونية منها بما فيها البوابات الوطنية للبيانات العمومية.

وحول الموضوع، قال عضو بجماعة دمنات، عبدالعالي العوفير في تدوينة مطولة على حسابه بالفيسبوك، إن إقليم ازيلال الذي يضم 44 جماعة، منها جماعتان حضريتان (دمنات وأزيلال) خصص له 1424 فرصة شغل في إطار أوراش 2، خصص منها لجماعة أزيلال 110 فرصة شغل، و100 فرصة لجماعة دمنات.

وأشار العوفير إلى أن بعض الجمعيات بالجماعات الترابية باقليم أزيلال قد اختارت إجراء عملية القرعة في انتقائها للفئة المستهدفة (أزيلال ،تلوكيت، تباروشت) كأرقى آلية ديمقراطية منصفة للجميع واحتكمت في اختياراتها إلى منطق تكافؤ الفرص ونشرت لوائح المستهدفين من اوراش 2 بكل شفافية ووضوح مراعية حق المواطن في المعلومة كما فعلت جمعية التواصل بامليل.

في المقابل، يضيف المصدر ذاته، أن أوراش دمنات احتكمت إلى منطق “باك صحبي” واستفاد منها ذوو القربى من السياسيين والمنتخبين والمسييرين للشأن المحلي بعد تدخلات علنية وسرية لبعض هؤلاء “الكائنات الانتخابية والسياسية” في غياب تام لمنطق تكافؤ الفرص والمعايير المحددة للاستفادة من هذا البرنامج.

وقال إن ذلك أغرق هذا البرنامج الطموح لتقليص معدل البطالة في مستنقع العبث، عبث لا يدفع بعجلة التنمية إلى الأمام بقدر ما يكبحها ويفرمل سيرورتها في مجموعة من الأوراش.

ودعا العضو الجماعي ذاته الجهات المسؤولة إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية للقطع مع هذه الممارسات التي وصفها بـ”البائدة” في الانتقاء والاختيار على أساس الولاءات السياسية والانتخابية والقرابة العائلية.

وقال ضمن تدوينته إنه يؤكد ويلح على نشر لوائح المستفيدين بشكل دوري في إطار الشفافية والوضوح وحق المواطن في المعلومة، والحرص على استفادة أكبر عدد من الشباب العاطل بالتناوب، وكذا إعطاء الاولوية لمقاربة النوع والفئات الأكثر هشاشة تحقيقا لأهداف البرنامج الحكومي.

وأضاف العوفير أنه لوضع حد لهذه “الفوضى” وهذا “العبث الممنهج والأنانية المفرطة” لابد من فتح تحقيق عاجل حول أوراش 2 وتشكيل لجنة مستقلة للوقوف على ما تم رصده من خروقات، والوقوف أيضا على سير الأشغال على أرض الواقع، فهناك بعض المحظوظين الأشباح لا يلتحقون بأوراش العمل.

من جانبه، قال عضو المجلس الجماعي بدمنات، عبداللطيف بوغالم، إن مجموعة من أعضاء المجلس كانوا قد عقدوا اجتماعا تقييميا مع باشا المدينة حول “أوراش 1” ، والذي كان مناسبة للإشارة إلى اختلالات عرفها تنزيل  هذا البرنامج من أجل تدارك الأمر وعدم تكرار نفس الأخطاء في “أوراش 2”.

وأشار الاستقلالي بوغالم ضمن تصريح لجريدة العمق إلى أن الأعضاء شددوا خلال اللقاء على ضرورة نشر أسماء المستفيدين لقطع الطريق أمام بعض الممارسات التي تسيء لأهداف البرنامج.

وأضاف المتحدث أن اللقاء الاستباقي مع باشا المدينة كان فرصة أيضا للتأكيد على ضرورة استفادة جميع أحياء المدينة.

ولمعرفة رأي المجلس الإقليمي بأزيلال، والذي أعلن عن طلب عروض مشاريع “أوراش 2″، حاولت جريدة “العمق” الاتصال بالأرقام التي وضعها المجلس في بلاغه للراغبين في معرفة تفاصيل البرنامج إلا ان الهواتف ظلت ترن دون مجيب.

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قد أصدر منشورا يروم تنزيل برنامج “أوراش 2″، الذي يهدف إلى إحداث 250.000 فرصة شغل مباشرة في غضون سنتين، في إطار أوراش عامة صغرى وكبرى مؤقتة، بعد الحصيلة الإيجابية لبرنامج “أوراش” برسم سنة 2022.

ووفق بلاغ لرئاسة الحكومة، فإن البرنامج يندرج في إطار السياسة المتكاملة للحكومة في مجال التشغيل، التي تأخذ بعين الاعتبار مختلف الفئات العمرية والخصوصيات المجالية، وتواكب المقصيين من سوق الشغل وتيسر إدماجهم الاقتصادي، عبر برامج مبتكرة غايتها تحسين قابلية التشغيل وتعزيز حظوظ الإدماج المهني على الصعيد الترابي، دون اشتراط مؤهلات.

ورصدت الحكومة لهذا البرنامج غلافا ماليا يقدر بـ 2.25 مليار درهم برسم سنة 2023، حيث سيتم تنزيله بشراكة بين القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والسلطات المحلية والجماعات الترابية، وكذا جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية، بالإضافة إلى مقاولات القطاع الخاص.

وبحسب المنشور فإن برنامج “أوراش 2” يتكون من شقين؛ الأول شق يتعلق بـ “أوراش عامة مؤقتة لحوالي 6 أشهر في المتوسط تستهدف الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الإدماج في سوق الشغل، والأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب الجائحة الصحية المرتبطة بكوفيد – 19 أو لأسباب أخرى”، والثاني يهم “أوراش لدعم الإدماج المستدام، وتستهدف خاصة الأشخاص غير حاملي الشواهد، الذين يتم تشغيلهم من طرف المقاولات والتعاونيات والجمعيات، والمقاولات الصغرى التي لا يتعدى رقم معاملاتها السنوي 10 مليون درهم خلال 3 سنوات الأخيرة، عبر تشغيل الباحثين عن شغل الذين لم يصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لأكثر من 6 أشهر”.

وأكد بلاغ رئاسة الحكومة أن برنامج “أوراش 2” قدم عدة مزايا بالنسبة للمستفيدين من الأوراش العامة المؤقتة، على غرار تأطير المستفيدين داخل الورش بهدف تطوير المهارات والكفايات، وتعزيز التكوين الهادف إلى تحسين قابلية التشغيل (التقنية منها وكذا المهارات الحياتية) من خلال انخراط مختلف القطاعات الوزارية المعنية ومؤسسات التكوين التابعة لها، إضافة إلى تسليم وثيقة من المشغل عند نهاية الورش لتعزيز حظوظ الإدماج لاحقا في إطار أنشطة اقتصادية مماثلة، على أن تتحمل الدولة المصاريف المتعلقة بالأجر والتكوين وحصة المشغل والتأمين عن حوادث الشغل بالنسبة للتغطية الاجتماعية.

كما يقدم البرنامج مزايا أخرى للمستفيدين من أوراش لدعم الإدماج المستدام؛ فبالنسبة لغير حاملي الشواهد الذين يتم تشغيلهم من طرف المقاولات أو الجمعيات أو التعاونيات، سيتم إدماجهم لمدة لا تقل عن 12 شهرا. إضافة إلى تعزيز قدراتهم من خلال تكوينات تأهيلية ممولة من طرف الدولة في إطار برامج النهوض بالتشغيل. كما ستمنح الدولة للمشغلين منحة للتحفيز على التشغيل في حدود مبلغ 1500 درهما شهريا، لمدة 09 أشهر عن كل مستفيد.

بالإضافة إلى ذلك سيتمكن المستفيدون من برنامج “أوراش” في شقيه، من الحصول على دخل شهري لا يقل عن الحد الأدنى للأجر خلال مدة الورش، والاستفادة من التغطية الاجتماعية بما فيها التعويضات العائلية وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

وبموجب منشور رئيس الحكومة، ستعمل اللجنة الاستراتيجية على تحديد حصيص كل جهة وإقليم وعمالة من العدد الإجمالي السنوي للمستفيدين من برنامج “أوراش” في شقيه، وسيخصص 20% من العدد الإجمالي للأوراش ذات الأولوية على المستوى الوطني، التي لها أثر إيجابي على الساكنة وعلى محيطها، والتي تساهم في بلوغ أهداف السياسات العمومية كالصحة والتعليم والتنمية المجالية وتمكين المرأة والنهوض بالفئات ذات الاحتياجات الخاصة.

ودعا رئيس الحكومة من خلال المنشور، أعضاء الحكومة كلا من موقعه، إلى اتخاذ التدابير اللازمة قصد تنزيل مضامين المنشور، عبر قيام القطاعات الوزارية المعنية بتجنيد المصالح الخارجية والمؤسسات العمومية تحت الوصاية لتقديم الدعم التأطيري واللوجيستي اللازمين لضمان إنجاز الأوراش المعنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *