مجتمع

“جيلي صفر” ينغص فرحة المغاربة بعطلة الصيف.. ونشطاء يؤسسون إطارا قانونيا لردع الظاهرة

ارتفع تذمر المواطنين وشكواهم من حراس السيارات بالشوارع والفضاءات العمومية، تزامنا مع عطلة فصل الصيف، وصل حد ذلك إلى القسم بعدم إعادة زيارة بعض الأماكن السياحية مرة أخرى، بعد بلوغ غطرسة واستفزازات أصحاب “جيلي صفر” مداََ غير مطاقِِ.

الاستمرار في هذا الوضع وتفاقمه، أدى بعدد من المواطنين إلى تأسيس إطار قانوني من أجل الترافع مدنيا من أجل، فيما قام مجموعة من المواطنين بالاجتماع في مدينة الدار البيضاء، من أجل تقديم دعوى قضائية جماعية لدى المحكمة الإدارية.

إطار قانوني للحد من الظاهرة

في هذا الإطار، قال رئيس الجمعية الوطنية لحماية الملك العام، عبد العالي السولالي، إن فكرة اجتماع النشطاء الرافضين لما يسمى خطأ “حراس السيارات”، جاءت بعد الوعي بأن مُلاك “الباركينغ” منظمين في إطارات مهنية ويصعب التدافع معهم دون هيئة منظمة.

وأضاف عبد العالي السولالي، في تصريح لجريدة “العمق”، إن فكرة الاجتماع بدأت منذ سنة 2019، بعد تأسيس مجموعة فيسبوكية، يشارك فيها المواطنين تعرضهم للظلم والاعتداءات اللفظية والجسدية من طرف أصحاب البدلات الصفراء، وقد حققت هذه المجموعة تفاعلا كبيرا، من جميع مدن المملكة.

لوبيات لن تتنازل بسهولة

وعند اكتشافنا أن أصحاب “الباكينغات” يعيشون حياة رفاهية كبيرة، يقول عبد العالي ذلك، ويضيف أنهم يتحصلون على مداخيل خيالية، تصل إلى 2000 درهم في نقطة واحدة، و10 آلاف درهم عند الشواطئ والمناطق السياحية، تبين لنا أن هناك لوبيات مستفيدة من هذا الوضع ولا يمكنها التنازل بسهولة.

وعن تسميتهم بـ”حراس السيارات”، اعترض المتحدث عن ذلك، وأوضح أنهم أشخاص يسيطرون على الشوارع العامة، ويقومون بذلك دون أن يطلب منهم، عكس الحراس الليليين أمام العمارات السكنية، الذين يطلب منهم ذلك باتفاق مع أصحاب السيارات.

وعن خطوة اللجوء إلى القضاء، كشف عبد العالي السولالي، أنه بالاستشارة مع أحد المحامين، فضلوا رفع شكاية جماعية، عوض رفعها باسم الجمعية، وأنه من المرتقب أن يتم وضعها الأسبوع المقبل، بعد تجميع ملفات أخرى للمشتكين، مردفا أن عدد المتقدمين بشكايتهم وصل 30 فردا لحدود الساعة.

ووصلت تعرفة ركن السيارات لبعض المدن أرقاما كبيرة جدا، خاصة المدن السياحية والساحلية، نظرا للتوافد الكبير عليها. ففي مراكش على سبيل المثال، 20 درهما نهارا، و70 درهما ليلا، رغم وجود إعلانات تحدد مبلغ الركن.

وفي مدينة سلا، سجل مواطنون متذمرون من انتشار أصحاب “جيلي صفر”، من أداء 5 دراهم مقابل ركن سيارتهم، في حين أن إعلان جماعة سلا حدد مبلغ درهمين فقط مقابل الخدمة نهارا، و3 دراهم ليلا.

وما يزيد من فظاعة الأمر، هو استغلال حراس السيارات لمراكن، إما تعود ملكيتها للخواص دون كرائها منهم، أو فضاءات خاضعة للملك العمومي دون الحصول على رخصة كرائها. وتطور الوضع في بعض المناطق السياحية لوضع حواجز على طرق وممرات عمومية، قصد استخلاص الأموال من كل الوافدين.

وتوضح الصورة أعلاه، وضع حاجز على رأس ممر يؤدي لولوج أحد شاطئ المضيق.

مطالب برلمانية

في كل مرة يتقدم نائب برلماني لمراسلة السلطات الوصية من أجل التدخل وإيجاد حل لهذه المعضلة، ومراقبة الشوارع العامة بالمغرب لتخليص المواطنين، من استفزازات وتحرشات أصحاب السترات الصفراء.

كان آخر هذه الخطوات، تقدم  النائب البرلماني، عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أحمد العبادي، سؤال كتابي، وجهه لوزير الداخلية، يقول فيه إن مختلف مدن المملكة، لا سيما في فصل الصيف، تعيش على وقع مضايقات واستفزازات من طرف أشخاص يرتدون سترات صفراء، ويسمون أنفسهم حراس السيارات، ويفرضون إتاوات، بشكل عشوائي وقسري.

وأضاف العبادي في معرض سؤاله أن المواطنين “يضطرون إلى ركن عرباتهم بعدد من الأماكن العمومية التي من المفروض أن يخضع تدبيرها لمجالس الجماعات الترابية، حيث من المعلوم أنه لا يمكن فرض أي مقابل مادي عن هذه الخدمة إلا بمقتضى القانون”.

واستفسر النائب البرلماني، وزير الداخلية، عبد الوافي الفتيت، عن التدابير والإجراءات المتخذة، والتي يمكنكم اتخاذها، لحماية المواطنات والمواطنين من هذه السلوكات الخارجة عن القانون حسب تعبيره.

وأوضح، إلى أن هذه “الظاهرة السلبية أصبحت تثير استياء عارما لدى المواطنات والمواطنين، جراء ما يتعرضون له من سوء المعاملة والابتزاز الذي يتحول أحيانا إلى التهديد والسب والشتم”.

ونبه إلى أن الظاهرة تطورت إلى استغلال بعض الأشخاص لـ “لظروف الاجتماعية الهشة والمزرية لحاملي السترات الصفراء، ودفعهم نحو ابتزاز وتهديد مستعملي الأماكن العمومية ومنعهم من ركن عرباتهم، إن هم رفضوا أداء الإتاوات غير المشروعة التي يحددونها بشكل مزاجي ومتعسف في غياب اي مراقبة أو تدخل من الجهات المعنية”.

إعلان للمجانية وجدل قانوني

وقد أعلنت بعض المجالس الجماعية، منها جماعة أكادير في وقت سابق، وجماعة الوالدية بإقليم سيدي بنور، وجماعة المنصورية بإقليم سيدي قاسم، مجانية مواقف ومرابد السيارات، بسبب عدم إطلاق صفقات التدبير المفوض لاستغلال الملك العمومي.

فيما يدافع أصحاب مجانية هذه المواقف، متحججين بالمادة الخامسة من قانون الأملاك العقارية للجماعات الترابية، والتي تشير إلى أنه “لا يقبل الملك العام للجماعات الترابية التفويت أو الحجز عليه أو تملكه بالتقادم. ولا يمكن أن يكون وضوع حقوق عينية عقارية أو أية حقوق أخرى. لا سيما الحق في الكراء التجاري والأصل التجاري”.

وإذا كانت المادة الأولى تمنع الكراء والتفويت الأملاك العمومية، فإن مجالس الجماعات تقوم بإطلاق صفقات لكراء الأرصفة والشوارع، وتذهب إلى اعتبار الشوارع العمومية “ملكا خاصا” لها، وليس مكانا عموميا.

وتنص المادة 94 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية 113.14، والتي من ضمن ما نصت عليه هو أن رئيس الجماعة “يباشر أعمال الكراء والبيع والاقتناء والمبادلة وكل معاملة تهم ملك الجماعة الخاص”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *