مجتمع

اجتماع صندوق النقد والبنك الدوليين بمراكش.. هل سيتكرر خطأ صفقات “كوب22″؟

المسرح الملكي بمراكش

أثارت الأشغال المفاجئة التي تعرفها مدينة مراكش على مستوى الشوارع الكبيرة والرئيسية، مباشرة بعد زيارة رئيس الحكومة رفقة وفد وزاري لمكان عقد الاجتماع السنوي لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، جدلا كبيرا لدى الرأي العام المراكشي، بين من ثمن وأشاد بتلك الأشغال التي ستعيد للمدينة بهجتها المفقودة، وبين من له نظرة أخرى للموضوع، ونبه للتعتيم الذي يطال هذه المشاريع واللجوء للصفقات التفاوضية عوض طلبات العروض.

من بين صور الارتجال الواضحة في هذه الأشغال، هي عدم وضوحها سياقها، فهل هي مشاريع تنموية مخطط لها مسبقا ضمن برنامج جماعة مراكش أم جاءت في سياق الاستعداد للاجتماع السنوي العالمي المذكور.

كما أن اللافت أيضا في الموضوع، هو وقت إصدار بلاغ إخباري عن مجلس مدينة مراكش، الذي جاء بعد أسبوعين من انطلاق هذه المشاريع، نتيجة استنكار الساكنة إغلاق بعض الشوارع دون الإخبار بذلك.

واكتفى البلاغ المذكور، الذي اطلعت عليه جريدة “العمق” بالقول إن مشاريع تأهيل شوارع مراكش ومساحاتها الخضراء والعمومية، تم في إطار سلسلة من الاتفاقيات المبرمة،  تمت بين جماعة مراكش ووزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية، دون تحديد تاريخ وسياق إبرامها.

أشغال بدون إخبار ولا صفقات

في تعليق على ما يقع، قال الناشط الحقوقي بمدينة مراكش، محمد الهروالي، إن الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي “ليس ضيفا جاء على غفلة من أمر أهل البيت حتى يتم العمل بهذه السرعة”، وذلك لأن قيمته الدولية، وفق الهروالي “تبين أنه مخطط لاحتضانه بشكل مسبق وبتنسيق قبلي دقيق”.

وذهب الهروالي إلى القول أن طلبات العروض وإعطاء انطلاقة الأشغال “يجب أن تتم منذ الوقت الذي عرف المسؤولين أن احتضانه سيكون بمدينة مراكش، تجنبا لمشاكل السير والجولان في المدينة، والضغط في العمل الذي لا محال أن نتائجه لن تكون جيدة”.

كما أشار المتحدث، إلى أن الجهات المكلفة بهذه المشاريع، “والتي لا يعرفها الرأي العام إلى اليوم”، وفق تعبيره، كان عليها الإعلان عن صفقات هذه المشاريع في المواقع الإخبارية وفي موقع الصفقات العمومية من أجل اطلاع العموم عليها، وأن يتم تدارس طلبات العروض بشكل متأني من أجل الظفر بخدمات أحسن في إطار تكافؤ الفرص والشفافية.

الصفقات التفاوضية “غنيمة” أم “حل”

ما تزال رفوف محكمة مراكش لم تنتهي إلى يومنا هذا، النظر في قضية الصفقات التفاوضية التي تم إطلاقها من أجل تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، المعروف اختصارا بـ”كوب 22″، والتي يتابع فيها عمدة المدينة السابق، محمد العربي بلقايد رفقة نائبه الأول، يونس بنسليمان.

وتمت متابعة العمدة ونائبه بعد شكاية تقدمت بها جمعية حقوقية لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في فبراير من سنة 2017، تطالب من خلالها التحقيق في “50 صفقة تفاوضية أشرف عليها يونس بنسليمان، وأشر عليها بالموافقة محمد العربي بلقايد بصفته آمرا بالصرف، واعتبرت الشكاية أن الصفقات “طالتها خروقات وتجاوزات”.

محمد الهروالي، في تصريحه لجريدة “العمق”، عبر عن تخوفه من إعادة نفس السيناريو، معتبرا أن هذا الوضع اليوم إن “لم يخلف فسادا ووساطة، سيؤدي إلى الارتباك في الأشغال”، مضيفا أن مطلب الإعلان عن الشركات الحائزة على الصفقات ما يزال مطروحا حتى لا نقع من جديد في كوارث نهب المال العام.

ناهيك عن ذلك، يشير الهروالي، إلى أن الأشغال “تتم وسط غياب كبير للمعلومات والمعطيات وعدم الوضوح”، مردفا أنه “بقوة التعتيم؛ الرأي العام المراكشي لايعرف هل هذه المشاريع مدرجة ضمن مشاريع مجلس مدينة مراكش، أو إحدى مقاطعاتها، أو وزارة معينة، أو من طرف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي”.

الشفافية لا تقبل التعتيم

استبعد رئيس المرصد الجهوي لمحاربة الرشوة وحماية المال العام بمراكش، محمد الهروالي، أن تكون الاعتمادات المالية هي السبب في تأخر الأشغال، لأن الوقت “كان كافيا” من أجل رصدها بالعديد من الطرق والآليات.

وأوضح الهروالي أن، الزمن بين إعلان العروض مرورا بوضع الطلبات وصولا إلى ظفر الشركة الكفء، “كافي للبحث على اعتمادات، أو التفكير الأداء عبر أشطر أو عن طريق اللجوء إلى الدين الداخلي، هذا إن لم يكن منظموا الاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي مساهمين في هذه المشاريع.

كما لفت المتكلم إلى أن التعتيم الحاصل في هذه المشاريع جعل المهتمين والفاعلين الحقوقيين والسياسيين ومعهم متتبعي الشأن المحلي والوطني، لا يدرون الجهات التي تتحمل مسؤولية هذه الأشغال، مردفا أن “الشفافية لا تقبل التعتيم”.

ماذا ستستفيد مراكش؟

وعن استفادة مراكش، من هذا المؤتمر الدولي، خاصة بعد الجمود التي عاشته المدينة منذ بداية جائحة كورونا، لارتباط نشاطها الاقتصادي بالسياحة، أكد الهروالي في البداية، أن الجائحة تسببت في إتلاف وتشويه البنية التحتية للمدينة، وأنها لم تعد مؤهلة لاستقبال التظاهرات العالمية، ولعل هذا الاجتماع العالمي، جاء في ظرفية تحتاجها المدينة من أجل إيقاظ الضمائر للتفكير من جديد في بنيتها وجماليتها.

لكن يبقى السؤال، وفق كلام الناشط الحقوقي المذكور، هو ماذا ستستفيد مراكش من الاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي من غير البهرجة وما هي البنيات التحتية التي سيتركها لتستفيد منها ساكنة المدينة؟

وعاد المتحدث ليؤكد على أنه لو تم الإعلان من قبل عن صفقات المشاريع المرتبطة بالتظاهرة العالمية، من نظافة وبستنة وطلاء وتجهيزات وأشغال وغيرها من الأمور على بساطتها، والتي يحتاجها المؤتمر، وتم توزيعها على الشركات الصغيرة والناشئة، عوض منحها للشركات الكبيرة لكان الوقع إيجابيا على أبناء المدينة وعائلاتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *