سياسة

لكريني: خطاب الملك يكشف علمه بمعاناة المواطنين مع الإدارة

اعتبر إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية والعلاقات الدولية بكلية الحقوق بمراكش، أن الخطاب الملكي أمس أمام البرلمان، أوضح بشكل جلي أنه على علم بحجم المعاناة التي يكابدها الكثير من المواطنين أمام بعض العقليات والمسؤولين الذين لم يستوعبوا حجم المتغيرات الدستورية والقانونية والتشريعية والسياسية والاجتماعية التي حدثت بالمغرب، بما يشكل إساءة للدولة والمجتمع.

وأوضح لكريني في تصريح لجريدة “العمق” أن الخطاب الملكي ليس آلية للتواصل مع البرلمانيين، بل هو آلية للتواصل مع مختلف المؤسسات الدستورية وكذا مع المواطنين، وكذلك استحضار مختلف اهتماماته والقضايا المتصلة به وطرحها أمام البرلمان ومختلف الفاعلين حتى تكون حاضرة في عمق السياسات العمومية.

وأشار أن الخطاب الملكي طرح موضوع تواصل الإدارة مع المواطنين من زاويتين، الأولى تتعلق باستحضار الحكامة الجيدة وعلاقتها بالشفافية والتواصل والتشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة، والثانية مرتبطة بالخيار الجهوي الذي اعتمده المغرب كرهان استراتيجي والذي يقتضي انخراط مختلف المؤسسات في استحضار المواطن في عمق التدبير الإداري وفي عمق التنمية والسياسات العمومية محليا ووطنيا.

وأبرز أن الخطاب الملكي جاء ليؤكد مرة أخرى أن هذه السلوكيات التي يتورط فيها مثل هؤلاء المسؤولين تجعل المواطنين يلجأون إلى آليات مختلفة للتعبير عن المشاكل التي يعانون منها، سواء عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر طرح الملفات أمام الديوان الملكي أو الملك شخصيا، مشيرا أن ذلك تعبير عن القصور في آليات التواصل لدى الإدارة.

وتابع بالقول إن التواصل الفعال الذي يحفظ كرامة الإنسان لا يرجع بالأساس إلى غياب التشريعات، مشيرا أن هناك مقتضيات دستورية كثيرة وإصلاحات دعمت استقلالية القضاء وتم إحداث مجموعة من المؤسسات لهذا الغرض، ولكن الإشكال هو في عقليات لازالت تتعامل بمنطق متجاوز ومنغلق يسيء لها وللدولة وللمجتمع.

واعتبر أنه “عندما نتحدث عن التوجيهات الملكية للبرلمان والمؤسسات فهي توجيهات يفترض أن تكون حاضرة في عمق السياسات العمومية والتشريعات والممارسات، بالنظر إلى المكانة التي تحتلها المؤسسة الملكية سياسيا ودستوريا، وبالنظر أيضا إلى أن هذا الأمر لا يشغل المؤسسة الملكية بوحدها، بل يشغل بال العديد من المواطنين، وبالتالي فالخطاب الملكي جاء ليعكس انشغالات المواطن”، بحسب تعبيره.

واختتم لكريني حديثه بالقول إن “ما يمنح هذا الخطاب أهميته هو كونه يعبر عن إرادة ملكية حقيقية لتجاوز هذه الاختلالات، ومن كونه يجد أساسه من واقع مترد يبرز حجم الاختلالات المرتبطة بالتواصل على هذا المستوى، بالإضافة إلى كلفة بقاء هذه الممارسات المشينة والمتجاوزة من حيث التشويش على المكتسبات التي حققها المغرب في المجال السياسي والدستوري والمؤسساتي وحقوق الإنسان”.