أخبار الساعة، مجتمع

ميدلت ..”قصر تعكيت” تاريخ شاهد على مقاومة الاستعمار آيل للسقوط

صر تعكيت

التشييد

تم تشييد قصر “إغرم ن تعكيت” في نهاية القرن التاسع عشر على تلة تطل على وادي “أوضاض”، وهو من روافد مياه منابيع جبل العياشي الملقب بالدب الأبيض، نظرًا لكثافة الثلوج التي تعتلي قممه في وقت سابق، فأصبحت مياهه رياً لزراعة المحاصيل المعاشية التي تتضمنت القمح والذرة والخضروات.

يضم القصر منازل طينية بسقوف من خشب شجر الصفصاف، ومحاطة بسور يحتوي على بوابتين. البوابة الأولى توجد في الاتجاه الشرقي وتدعى “إمين عقا”، أما البوابة الثانية فتدعى “إمين إغرم”. هذه الأخيرة تفتح على ساحة تُعقد فيها اللقاءات والاجتماعات القبلية، وتسمى “تَنْصريت”. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي القصر على ممرين أو شارعين بتشكيلة حرف “T” ومسجد ومرفق للوضوء، ويحتوي على بئر يستخدم لاستمداد مياه الشرب.

تاريخ إستيطان “إغرم ن تعكيت”ومرحلة الاستعمار

توضح يطو موحى نايت وبان، معمرة وأحد أقدم سكان القصر، أن البحث عن الموارد المائية كان العامل الرئيسي الذي دفع الوافدين الأوائل إلى القصر، والذين كان معظمهم رحالًا، لاختيار هذا الموقع على تلة. وذلك بسبب موقعه المطل على الوادي والأراضي الزراعية الخصبة، وكونه مصدرًا للأمان والاستقرار.

وأضافت بلغة أمازيغية بحرارة حول التاريخ الماضي المنسي: “هذا ما أدى إلى ضرورة بناء قصر أكثر أمنًا وتحصينًا وأقرب إلى مصدر الماء، وتم بناء هذا القصر الذي استوطنه أكثر من 15 عائلة في ظروف صعبة للغاية وقاسية، حيث كانت هناك معارك حول الماء واحتلال الأراضي الغنية بالمياه والأراضي الزراعية السهلة والتلال للحماية.

لذلك تم اختيار هذا الموقع الحيوي والآمن”، وتقول يطو موحا نايت وبان: “صعب أن نرى هذه البنايات تتراجع يومًا بعد يوم، وهي التي كانت مركزًا للنزاعات والقتال بين “إيت الحزب”، الذين كانوا يدعمون حزب الاستقلال ويطالبون بعودة الملك محمد الخامس من المنفى، و”إيت الشورى” الذين كانوا في خدمة المستعمرة وفقدوا الأمل في عودة الملك”.

وتؤكد في روايتها الشفوية أيضًا أن انتماء عائلتها للمجاهدين كان سببًا في اعتقال زوجها في أكثر من مناسبة من قبل جنود الاحتلال عساكر عدي وبيهي، الذي كان أحد سماسرة المستعمرة في منطقة ميدلت، والتي تم تركيز المستعمرة فيها بشكل كبير بسبب احتوائها على مناجم الذهب والفضة في “ميبلادن” و”أحولي”.

المطالبة بالترميم وإعادة إحيائه

مازالت شوارع القصر تنبض بالحياة، ومازالت حيطانه تشهد على فن العمارة الأمازيغية. وهو ما يرجع، حسب أحد أبناء يطو موحا نايت وبان، إلى أن هناك أشخاصًا “لا يقدرون على إيجاد مساكن في محيط القصر فيلجؤون إليه”، بالإضافة إلى احتفاظ بعض الأسر بمساكنها داخله. كما يشعر الناس الداخلون إلى قصر “ن تعكيت” ببهيبة المكان وهدوئه وتميزه عن باقي القصور المجاورة.

إلا أن بعض المنازل المكونة لهذا الموروث المادي للمملكة، والتي تشهد على رغبة ساكنتها في عودة الاستقلال إلى جميع ربوع المغرب، قد تهدمت أو سقطت بالفعل، رغم الترميمات والمبادرات الفردية من السكان الذين يحملون غيرة عن هذا القصر الذي كان مسقط رأس العديد من الأطر والكفاءات في شتى المجالات.

ونذكر بخصوص هذا الأمر عائلة الرياضي والبطل العالمي خالد السكاح، التي نشأ أبناؤها داخل أسوار “إغرم”. وللأسف، لم تكن هذه الجهود كافية لإعادة تاريخ قصر “إغرم ن تعكيت”، الذي كان شاهدًا على التلاحم القوي بين العرش والشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *