مجتمع

بوعياش “تعترض” على مواد في قانون السجون فيها “تضييق” على السجناء

أعرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن اعتراضه على مواد في مشروع تنظيم وتدبير المؤسسات السجنية في ضوء المعايير الدولية لمعاملة السجناء، خصوصا فيما يتعلق بالحق في حرية الفكر، وضمان المعاملة الإنسانية للسجين، واحترام كرامته الإنسانية، وحماية حقوق بعض الفئات من السجناء.

وسجل المجلس في رأيه حول مشروع القانون المذكور مجموعة من الملاحظات، التي رغم طابعها الشكلي، إلا أنها لا تخلو من تأثير على مضمون المشروع ووضوح مقتضياته، وأكد في هذا الإطار- غياب ديباجة لنص مشروع القانون، وغياب تعارف لبعض المفاهيم الأساسية، ويتعلق الأمر بـ” المؤسسات السجنية”، و”مراكز التأهيل والإصلاح والتهذيب” ومصطلحات أخرى غير دقيقة.

في السياق ذاته، عبر المجلس عن انشغاله بالمخاطر التي ينطوي عليها استعمال عبارات من قبيل: “يجوز” “إلا عند الضرورة”، “حسب الإمكانيات المتاحة”، “في حدود الإمكان”، “حسب الإمكان”، “قدر الإمكان” “النظام والأمن”، حيث اعتبر أن هذه العبارات تمنح للإدارة سلطة تقديرية واسعة قد يساء استخدامها، مشددا على ضرورة تدقيق لغة المشروع.

وفيما يخص الحق في الرعاية الصحية والنفسية الكاملة، أشار مجلس بوعياش، إلى أن المادة 64 تضمنت عبارة “في حدود الإمكان” للدلالة على أنه لا يمكن أن يستفيد المعتقل من المساعدة والمواكبة الطبية والنفسية إلا في حدود توفر هذه الإمكانية، وفي هذا الإطار، أوصى المجلس بحذف هذه العبارة.

وانتقد المجلس، عدم تنصيص المادة 103 على حماية كاملة للمعتقلين المصابين بأمراض عقلية، حيث أوصى بضرورة التنصيص على الآجال المؤقتة اللازمة لعزل المعتقلين المصابين بأمراض عقلية، والضوابط والإجراءات الواجب اتباعها في تحويلهم من نظام العدالة الجنائية إلى نظام الرعاية الصحية الخاص بالأمراض العقلية وضمان توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم. كما أوصى بضرورة تنصيص المادة 104 على ضرورة توفير أطباء نفسيين لتتبع حالات المعتقلين المصابين بأمراض عقلية.

وفيما يخص الحق في المساعدة القانونية، طالب المجلس بحذف عبارة “قدر الإمكان” من المادة 66 التي تنص على أنه تقدم لجميع المعتقلين قدر الإمكان تسهيلات للحصول على المساعدة والاستشارة القانونية وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي”، حيث يرى المجلس أن محدودية الإمكانيات أو غيابها لا يمكن اعتباره مسوغا كافيا لحرمان المعتقل من حقه في المساعدة والاستشارة القانونية.

في سياق متصل، اعترض المجلس على مضمون المادة 68 خصوصا عبارة “وذلك بعد المراقبة المحددة”، للدلالة على أنه لا يمكن للمعتقل التوصل بالصحف والمجالات والكتب إلا بعد مراقبة محددة بنص تنظيمي، حيث اعتبر أن هذه المادة تنطوي على تضييق على حرية الفكر، وأوصى بإضافة عبارة “ويكون قرار المنع من توصل السجين بها معللا”، حفاظا على حق المعتقلين في الطعن وتعزيزا لمبدأ الشفافية.

وشدد المجلس في رأيه حول مشروع قانون السجون، على حق المعتقلين في الانفتاح على محيطهم الخارجي، دون قيد، وذلك من خلال حذف عبارة “كلما كان ذلك مفيدا لتأهيله” في المادة 69، والتنصيص على حقه في الاستفادة من زيارة أزاوجهم أو أصولهم أو فروعهم أو إخوتهم أو أي شخص آخر.

وانتقد المجلس ما نصت عليه المادة 76 من أنه “يحظر على المحامي تسليم أو تسلم أي شيء من المعتقل إلا عن طريق المؤسسة السجنية”، حيث يطرح هذا المقتضى إشكالية تقييد حرية المحامي في الحصول على المعلومات الضرورية من موكله، وأوصى المجلس بإعادة صياغة المادة على النحو الذي “يسمح للمحامي بتسليم أو تسلم أي شيء من المعتقل”.

وسجل رأي مجلس بوعياش، على أن المادتين 87 و94 تنويان على مخاطر محتملة لانتهاك الحق في الخصوصية، وأوصى بإضافة عبارة “مع ضمان احترام حق المعتقل في خصوصية المراسلات” بالنسبة للمادة 87، وإضافة عبارة “مع ضمان احترام حق المعتقلين في خصوصية الاتصالات”، للمادة 95.

وفيما يتعلق بحق الإضراب، لاحظ المجلس إغفال مشروع القانون التنصيص على ضرورة إخبار محامي المعتقل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث أوصى بتعديل الفقرتين 3 و4 من المادة 122، لضمان احترام حق المعتقل في اللجوء إلى الاضراب، ومنع وتجريم التغذية القسرية للمضرب عن الطعام.

ولاحظ المجلس في رأيه الذي اطلعت عليه “العمق”، أن بعض مقتضيات مشروع هذا القانون لا تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات بين الجنسين، خاصة فيما يتعلق بما يترتب عنها من احتياجات خاصة بالنساء.

وفي هذا الإطار أشار مجلس بوعياش إلى غياب الإشارة إلى متطلبات النظافة الشخصية للنساء والمستلزمات اللازمة لتلبيتها، وعدم الأخذ بعين الاعتبار حاجيات النساء المعتقلات في الجانب المتعلق بالصحة الإنجابية والصحة النفسية وغيرها من الأمور الخاصة بالنساء، والتي تتطلب توفير مرافق صحية خاصة ومناسبة لهن.

كما سجل المجلس أن الفرع الثالث المتعلق بالتأديب لم يأخذ بعين الاعتبار خصوصية الوضع الذي يمكن أن تكون فيه المعتقلة الحامل والمرضع والمرافقة للطفل، بشأن تعرضها لتدابير تأديبية داخل السجن. وعدم وضوح طبيعة التدبير التأديبي المتوافق مع كل وضع.

وأكد أن المادة 9 من مشروع القانون يطرح إشكالية عدم وضوح وظيفة مراكز الإصلاح والتهذيب اتجاه المعتقلين الأحداث باختلاف أعمارهم، حيث يعتبر المشرع أن مراكز الإصلاح والتهذيب هي مؤسسات سجنية مادامت تخضع لنفس الأنظمة والقوانين التي تنظم السجون.

وسجل المجلس كذلك أن المشروع لا يعتمد المقاربة الدامجة في التعامل مع السجناء في وضعية إعاقة، مشددا على ضرورة أن يعكس مشروع القانون إرادة الدولة في إعمال التزاماتها الدولية ذات الصلة بحماية حقوق الأشخاص في ذوي إعاقة دون تمييز.

فيما يخص حماية حقوق السجناء بصرف النظر عن جنسياتهم، لاحظ المجلس غياب أي إشارة في المادة 145، إلى كيفية توفير فرص عمل تتناسب مع احتياجات وخصوصيات المعتقلين الأجانب من الناحية الثقافية واللغوية. وتنطبق نفس الملاحظة على المادة 137 فيما يتعلق باستفادة المعتقلين الأجانب من برامج التكوين.

ومن الملاحظات التي سجلها المجلس، إغفال المشروع لتحديد شروط استفادة المعتقل الأجنبي من الرخصة الاستثنائية للخروج، المحددة في نص المادة 214 وهو ما من شأنه أن يعرض هذه الفئة للتمييز في المعاملة.

في غضون ذلك، اقترح المجلس توصيات تسمح بحصول المعتقلين على قدر كاف من الحقوق، وذلك من خلال إضافة فقرة إلى المادة 127 على الشكل التالي “عند إخراج المعتقلين من المؤسسة السجنية لغرض مرخص به، يسمح لهم بارتداء لباسهم المعتاد”، وإضافة العبارة التالية إلى المادة 129 “…بما فيها تلك الخاصة بالنساء والأطفال المرافقين لأمهاتهم وتتاح للذكور فرصة الحلاقة بانتظام”.

ودعا إلى التنصيص في المادة 133 على منح السجناء عناوين وهواتف الجهات المعنية، المراد تقديم الطلب أو الشكاية إليها، وإضافة فقرة إلى المادة 163 على النحو التالي: كما يحق للمعتقلين طلب الاستعانة بوسائل تسجيلات المراقبة الإلكترونية في حالة تعرضهم للعنف، وعلى مدير المؤسسة السجنية تدوين ذلك في التقارير التي ينجزها بشأن الحوادث والمخالفات المرتكبة.

كما يمكن السماح للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وآلياته الوطنية، يضيف رأي المجلس “الاطلاع على تسجيلات المراقبة الإلكترونية من أجل الاستعانة بها في حالة ادعاء أحد النزلاء بتعرضه لتعذيب أو سوء المعاملة”، كما أوصى بـ”إضافة فقرة إلى المادة 180 على النحو التالي: “يمنع على الموظف استعمال وحمل السلاح في الأماكن المخصصة للأحداث”.

ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان كذلك إلى إضافة فقرة إلى المادة 198 على النحو التالي: “ويمكن الاستعانة بكاميرات المراقبة داخل المؤسسات السجنية إذا استدعت ضرورة البحث ذلك”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *