سياسة

المرزوقي في رسالة لماكرون: دستور فرنسا لا يسمح لك حتى بمخاطبة برلمانكم

وجه أستاذ القانون الدستوري، بن يونس المرزوقي، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خلفية تصريحه الأخير الذي خاطب فيه المغاربة “بدون وجه حق أو صفة، في سابقة وخرق سافر للأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها”.

وعبر المرزوقي عن استغرابه ودهشته من الخروج الأخير للرئيس الفرنسي ومخاطبته للشعب المغربي، وقال بهذا الخصوص: ” لقد اندهشت كغيري من باقي المغربيات والمغاربة ومن باقي المتمسكات والمتمسكين بحرفية وروح النص الدستوري، إن موقفي هذا ليس مبنيا على أي اعتبار سياسي، بل يعود أساسا إلى موقفي من تصريحكم الأخير الموجه للشعب المغربي”.

وأضاف المتحدث ذاته مخاطبا ماكرون: “اسمحوا لي أن أنبهكم -ومن خلالكم الطاقم الدستوري والقانوني الذي يقف وراءكم أو الهيئة الاستشارية التي تحضر مشاريع تصريحاتكم- إلى أنني تصفحت دستوركم بشكل دقيق باحثا عن أية إشارة تسمح لكم بمخاطبة شعب دولة أخرى”.

وشدد الأستاذ الجامعي في رسالته على أن دستور الجمهورية الفرنسية لا يسمح للرئيس الفرنسي حتى بمخاطبة البرلمان إلا وفق مقتضيات صارمة، حيث تنص الفقرة الأولى من الفصل 18 من الدستور الفرنسي على ما يلي: “يخاطب رئيس الجمهورية المجلسين بواسطة رسائل يعهد بها إلى من يتلوها أصالة عنه ولا تتبعها أي مناقشة”.

وتابع المرزوقي: “ليس من حقكم إلقاء خطاب على مجلسي برلمانكم (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، هذه دولتكم وتلك مؤسساتكم ومع ذلك ليس لكم إلا حق الخطاب عن طريق رسائل، وحتى هذه الرسالة ليس لكم حق تلاوتها بنفسكم بل تعهدون بها لغيركم”.

وزاد متسائلا: “كيف منحتم لأنفسكم حق مخاطبة شعب دولة أخرى.. في الوقت الذي لا تملكون حتى حق مخاطبة برلمانكم، واضح أنه يلزمكم ““ساعي بريد” لمخاطبة ممثلي شعبكم، فتجاهلتم ذلك وخاطبتم شعب دولة أخرى”.

وأوضح المرزوقي أن الفصل 18 من دستور فرنسا كان رؤوفا بالرئيس الفرنسي في الفقرة الثانية حيث سمح له فقط بـ”تناول الكلمة”، إذ نص على ما يلي: “يمكنه أن يتناول الكلمة أمام البرلمان المجتمع في مؤتمر لهذا الغرض، ويمكن أن يتبع تصريحه هذا بمناقشة تجرى دون حضوره ولا تعقبها مناقشة”.

وأشار أستاذ القانون الدستوري إلى أن الدستور الفرنسي يحرم رئيس الجمهورية من حق الخطاب إلا عن طريق “الوساطة” ويمنحه حق “تناول الكلمة” في شكل “تصريح”” حضوريا، لكن مع مناقشة التصريح دون حضوره.

وتابع: أتصور أن الغرض هو تفادي إحراجكم مما يمكن أن تتلقونه من ملاحظات من ““أغلبيتكم” ومن انتقادات من قبل معارضتكم”.

ودعا المرزوقي ماكرون لإقاء نظرة على الدستور المغربي: “كان عليكم أن تلقوا نظرة -ولو خاطفة- على مقتضيات الدستور المغربي، على الأقل لمعرفة كيفية التعامل مع مفهوم “الخطاب”، إن الفصل 52 يعطي للملك حق مخاطبة الأمة والبرلمان، كما أن الفصل 68 المنظم لعقد البرلمان للجلسات المشتركة، حدد حالات هذا الاجتماع ووضع ضمنها “الاستماع إلى خطب رؤساء الدول والحكومات الأجنبية”.

وأضاف: “دستورنا ليس إقصائيا كما قد تتصورون، بل سمح لكم بإلقاء خطاب باعتباركم رئيس دولة  لكن أمام مجلسي البرلمان، يبقى عليكم فقط “طلب تأشيرة دخول للمغرب” يوقعها لكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس”.

وختم المرزوقي رسالته بالقول: “لا أثر ولا تأثير لتصريحكم الموجه إلى شعب لا يستمع ولا تستهويه إلا الخطب التي يلقيها الملك.. والتي اعتاد على مقدمتها العظيمة: شعبي العزيز”، وحتى بلغتكم فقد ميز دستورنا بين خطب صاحب الجلالة.. التي سماها (Messages)، أي أنه لملكنا حصريا حق توجيه رسائل وبالتالي تعليمات وتوجيهات، أما خطب رؤساء الدول الأجانب فقد اكتفى بتسميتها (Discours) أي كلام والسلام”.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وجه كلمة مصورة إلى الشعب المغربي، حول الزلزال الذي ضرب البلاد، حيث طالب إعلام بلاده بوقف جدل عدم سماح المغرب فرنسا بالمساعدة في أعمال إغاثة ضحايا الزلزال حيث قال إنه “ما كان يجب أن يكون”.

وأضاف الرئيس الفرنسي، أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس، دولة ذات سيادة لها كل الحرية في قبول مساعدة من يشاء، مضيفا أن فرنسا ستساعد في المجالات التي ترى السلطات المغربية والشعب المغربي أنها ستكون مفيدة فيها.

وأثار توجيه الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” لخطاب إلى الشعب المغربي، غضب عدد من المغاربة، والذين اعتبروه “تطاولا على سيادة المغرب”، و”خرقا لحدود اللباقة والبروتوكول”، مؤكدين أنه “لا صفة له لمخاطبة الشعب المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • AZIZ
    منذ 8 أشهر

    وا المحرزوقي تكلم عن كاريكاتور شارلي إيبدو الصحافة الدولية الحرة فضحت النظام وحاشيته