وجهة نظر

قراءة في نتائج الانتخابات

ان الانتخابات التشريعية لسابع أكتوبر حملت مفاجآت عديدة لما كان يترقبه الجميع ، مواطنون وأحزاب ، لم يكن يملك أي حزب إمكانيات التكهن ،رغم القراءة الواقعية التي كان يقوم بها كل واحد ، حيث كان كل حزب يضع يده حول قلبه ، وكنا أشبه بمباراة لكرة القدم حيث رغم المعطيات حول الفرق إلا أن الكرة على أرض المباراة يمكن أن يأتي بأي جديد .

كان هناك تخوف كبير من نتائج السابع من أكتوبر ، تخوف نراه عند حزب العدالة والتنمية الذي كان يتخوف من ارتداد قوي وانقلاب ناعم عليه بعد التحالف الظاهر بين الداخلية وحزب البام الذي كان يراها في مؤشرات عدة أعلنه في بياناته وخطاباته من قييل دعم بعض ولاة وقياد ومقدمين لحزب الأصالة والمعاصرة ، وكذا المسيرة الأخيرة بالبيضاء التي تم التسهيل لها التي خرجت للاحتجاج ضد الحزب ، والتضييق على حملة الحزب عبر منع مهرجانات لعدد من القياديين . حزب الأصالة والمعاصرة هو الآخر رغم الإنزال الكبير للأعيان والأصحاب المال و تواطؤ الداخلية حيث ربما كان يهيء لاحتلال المرتبة الأولى، كان هناك الاحساس بالتوجس في نفس الوقت من أن يخيب مسعاه .

كما كان هناك تخوف من نوع آخر وهو تخوف أن تأكل العتبة من مقاعد الأحزاب الكبيرة وتتراجع تمثيلياتها وتظهر أحزاب في المشهد مثل توقع تطور نوعي لحزب فيدارلية اليسار للوصول الى حوالي عشرة مقاعد ، أما بالنسبة للأحزاب المتواضعة فالتقدم والاشتراكية كان بين الرهان على أداء وزرائه في الحكومة و مواقفه المبدئية في القفز الى مافوق العشرين وبين التخوف من أن يكون من بين المتأثرين بتنزيل العتبة. في حين أن أحزاب أخرى كالاتحاد الاشتراكي والأحرار والدستوري والاستقلال فكان رهان “أين تستقر” صعبا للغاية تنتظرنتيجة أداءها في المعارضة الذي طبعه دخولها في صراعات غير موضوعية مع رئيس الحكومة وما اعتراها من مشاكل داخلية وعدم تدبير المرحلة بنجاح من طرف زعمائها في عدد من القرارات التي تم اتخاذها والخرجات التي كانت غير موفقة . كلها أسباب جعلت التكهن بالنتائج صعبا في انتظار تفاعل صوت المواطن مع كل هذا .

بعد ظهور النتائج ، زكت الكثير من هذه المخاوف باستثناء تخوف الحزب الاول حزب العدالة والتنمية حيث كانت العملية الانتخابية في رمتها تمت في جو من النزاهة وأبانت الداخلية على الحياد ، وهنا يمكن أن نجمل بالنسبة لنتائج الانتخابات أربع ملاحظات : الملاحظة الاولى هو أن العدالة والتنمية الذي أضاف حولي 18 مقعدا استطاع الحصول على شرعية جديدة بعد الانتقادات التي كانت توجها الأحزاب والنخب له حول فقدان الشعب الثقة فيه ووضعية الأزمة ، وهو خطاب تم الرهان عليه تم كشف زيفه . وماعلى الأحزاب إلا العمل الجاد والابتعاد عن الجدل العقيم و الاحتجاج بالشعب .

الملاحظة الثانية وهي أن أكبر الخاسرين هي الأحزاب التقليدية التي راهنت على الأعيان و سماسرة الانتخابات في ابتعاد عن المشاريع الجادة وتخل عن خطها الإديولوجي وهي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأحرار حيث أن معركة الأعيان ربحها حزب الأصالة والمعاصرة التي أكل من رصيدها ، وهي معركة خاسرة بالنسبة لهذه الأحزاب لصالح الابن المدلل للدولة . بسبب تراجع خطابها داخل المجتمع لا بالنسبة لخطاب الاتحاد الاشتراكي الذي كان متجدرا في أوساط النخبة المثقفة حيث تآكل هذا الخطاب التقدمي اليساري المناوئ للطبقة البرجوازية حيث بدأت تتحول هذه النخبة بدورها إلى برجوازية. وكذلك خطاب حزب الاستقلال من خلال خطابه الوطني والتركيز على الرموز و التاريخ وذلك بسب ابتعاد هذه الأحزاب عن الانطلاق من أديولوجيتها ومبادئها الموجهه وتحولها الى مقاولات انتخابية . الملاحظة الثالثة : هي أن الخاسر الثاني هو حزب التقدم والاشتراكية الذي لم يستفد من منجزات الحكومة التي استفاد منها حزب العدالة والتنمية بالدرجة الأولى رغم قيادته لوزارات مهمة منها وزارة الصحة والتي تعتبر منجزاتها من أهم منجزات الحكومة التي روج لها حزب العدالة والتنمية في برامجه وحصيلته الحكومية .

الملاحظة الرابعة: هي خيبة أمل الخطاب اليساري الراديكالي الذي كان يظن أنه قادم بعد حصول مقعدين فقط لفيدارلية اليسار وخروج رئيسته خاوية الوفاض رغم اختبائها وراء لائحة النساء ، وأن التعويل على يسار سيأتي على فرس ليحل مشاكل المشهد السياسي و يقود المشروع المجتمعي أصبح في خبر كان وأن اليسار لم يستطع أن يجد له مكانا وسط الشعب بعد محاولته العودة إلى الساحة بعد أن أفل نجمه، ظانين أن المثقفين لا يوجدون الا في اليسار وقد طارت منيب نحو بوعرفة حيث توجد لبنة يسارية تتشكل من فئة من طلبة درسوا في جامعة محمد الأول بوجدة تشبعوا بالفكر الماركسي غير عارفة ان الماركسية لن تجد طريقها لآباء وأمهات ليس همهم سوى انتظار وقت الصلاة وأمطار الخير .

من هنا الدرس المستنتج هو أنه لا أحد يملك الحق في الحديث باسم الشعب بعد أن اقتنع المواطنون بأداء حزب العدالة والتنمية لخمس سنوات وأعطوه أصواتهم لمواصلة الإصلاح لما بدأه من أوراش بما فيها من رفع دعم عن سعر البترول واجراءات صندوق التقاعد. وأن الأحزاب التقليدية يجب أن تعود لإحياء خطابها والعودة إلى خطها الإديولوجي الموجه والاشتغال على برامجها وتصوراتها بناء على ايديولوجيتها . فيم يجب على اليسار أن يتوقف عن اعتبار نفسه الأستاذ الاصلح القادر على ايجاد الحل لقسم اسمه المغرب الذي ينتظر أن تمنح له الفرصة منذ زمن ، و يقتنع بأن الشعب أعطى أصواته للعدالة والتنمية لأنه يشبههم سواء كان محافظا أو رجعيا أو يمينيا بطريقة ديمقراطية تقدمية حضارية .

ــــــــــ

مفتش متدرب في السنة الثانية بمركز تكوين المفتشين بالرباط