لنا ذاكرة، مجتمع

عائشة الخطابي.. حكيمة الريف وأصغر بنات “مولاي محند”

بنبرة إعجاب وافتخار كانت عائشة الخطابي، قيد حياتها، تتحدث عن سيرة والدها محمد بن عبد الكريم الخطابي، لقد كانت بمثابة كتاب يحفظ فصول حياة “أسد الريف” الريف بتفاصيلها.

أصغر بنات محمد بن عبد الكريم الخطابي، غادرت دنيا الناس، أول أمس الأربعاء عن سن ناهز 81 عاما، بعدما أنفقت جزءا من عمرها مع والدها في منفييه بإحدى جزر فرنسا ومصر، وعاشت بعد ذلك سنوات في البلد ذاته، لكنها اختارت في الأخير أن تمضي ما تبقى من حياتها في بلدها المغرب.

رأت عائشة النور في منفى والدها الإجباري بجزيرة لاريونيون الفرنسية، وتابعت الراحلة دراستها بمصر، كون الخطابي اختار أرض هذا البلد “منفى اختياريا” له،  وبحكم زواجها من مواطن مغربي عاشت عائشة بقية عمرها في المغرب، وأثبتت عدة مواقف لها أن حب المملكة محفور في أعماق قلبها.

حضيت الفقيدة باستقبال ملكي بمناسبة عيد العرش المجيد، وكان لها لقاء آخر في مناسبة سابقة، وهو ما يعكس المكانة التي كانت تتمتع بها كريمة عبد الكريم الخطابي لدى جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

كانت أحداث الحسيمة التي عرفت إعلاميا بـ”حراك الريف” اختبارا حقيقيا لحكمة كريمة محمد بن عبد الكريم الخطابي، فهذه الأخيرة التي جسدت مثالا للمرأة المغربية المناضلة لم تسع لاستعمال رمزية والدها في تأجيج الأوضاع، بل كانت صوتا حكيما تسامى عن التجاذبات المحلية والفئوية الضيقة.

آمنت الفقيدة آمنت بمغرب يسع كل أبنائه، مغرب واحد موحد، إذ سبق لها أن عبرت غداة الاستقبال الملكي الذي حظيت به، وكان له وقع خاص على نفسها، بفخرها واعتزازها بوطنها وملكها.

ومن المواقف التي حسبت لعائشة الخطابي وأظهرت مدى حكمتها وحسها الوطني الرفيع وبعدها عن التعصب، ذلك الذي عبرت عنه عندما أثير مطلب نقل رفات والدها إلى مسقط رأسه، إذ اعتبرت ذلك نقاشا ثانويا، قائلة إن “أسد الريف” الذي يبقى في الأول والأخير مغربيا قد يدفن في أي مكان من هذا  الوطن.

وشكلت عائشة الخطابي ذاكرة حية لمنطقة الريف، حيث أضافت سطورا من فصول الكفاح المسلح ضد المستعمر، بحديثها عن تلاحم مقاومة أسد الريف  للمستعمر الاسباني مع باقي مختلف حركات المقاومة الوطنية  في باقي ربوع المملكة.

مدينة الدار البيضاء حيث ووري جثمان الراحلة الثرى، تحتفظ لأصغر بنات الخطابي بالعديد من الذكريات، حيث كان زوجها يشتغل طبيبا بالعاصمة الاقتصادية لمدة طويلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *