الأبعاد الاجتماعي لإعادة النظر في مدونة الأسرة المغربية

يأتي بلاغ الديوان الملكي المتعلق ب”إعادة النظر في مدونة الأسرة” المغربية (26 شتنبر 2023)؛ في إطار الواقع الذي يفرضه التغير الاجتماعي للمجتمع المغربي على مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالموازاة مع التطورات الدولية على مستوى الحقوق والحريات والمناداة بتسريع تفعيلها، وهو ما يستدعي تعديل مدونة الأسرة التي لم تعد تستطيع مواكبة العلاقات الاجتماعية الجديدة، فمجتمع اليوم مغاير عن مجتمع الأمس ببنياته، كما في تنظيمه، وثقافته، وقيمه، ووعيه.
في هذا السياق، شكل انفتاح المغرب على الحداثة منعطفا هاما نحو التغير الاجتماعي والقيمي، حيث ضمن عبره تطورا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، تطور أعاد تشكيل الهوية الاجتماعية والتفاعلات والعلاقات الاجتماعية على خطى المجتمعات الحديثة.
هذه الهويات الاجتماعية والتفاعلات والعلاقات الاجتماعية تأثرت أساسا بالتكنولوجيا والعولمة التي غيرت المعاني والرموز في المجتمع، معاني الأسرة، الزوج، الزوجة، الأبناء…، وكذا علاقة المرأة بالعمل والتعليم وغيرها. أصبحت التفاعلات والعلاقات الاجتماعية تشكل غايات ومعاني أخرى بالنسبة لأفراد يعيشون في مجتمع مركب، أي بين التنظيم الأسري القائم على الأعراف والدين والذي تربو عليه وبين التنظيم الأسري الحديث ومفاهيم الحداثة والحقوق والحريات والفردانية كما شرح بول باسكون في أبحاثه حول التغيرات في المجتمع المغربي التقليدي.
يرتبط أيضا هذا المعطى بقضايا المرأة وتصاعد المطالب الحقوقية سواء الدولية أو المحلية، والتي تنادي الى ضرورة إعادة الاعتبار للمرأة وضمان تمتعها بكامل حقوقها مقارنة بالرجل في مؤسسة الأسرة مع الإنصاف في الحقوق والواجبات الأسرية، معتبرة أن مدونة الأسرة لا تستجيب ويجب تعديلها، وهو ما يفيد الدعوة الى إعادة بناء العلاقات الأسرية والنوع الاجتماعي.
ان إعادة النظر في مدونة الأسرة في أفق مدونة أسرية جديدة بالمغرب هو بالأساس نتيجة للتغيرات الاجتماعية التي يفرضها مجتمع اليوم، فاستمرار وصلابة مؤسسة الأسرة أمام التحديات الحالية رهين بوضع إطار قانوني محكم يتناسب مع الحياة الجديدة للأفراد في المجتمع.
اترك تعليقاً