أدب وفنون

“الشذوذ الجنسي” بمهرجان “طنجة”.. هل رضخت السينما المغربية لضغوط المال الأجنبي؟

أثار فيلم “المحكور ما كيبكيش” لمخرجه المغربي البريطاني فيصل بوليفة جدلا وانتقادات بين الجمهور الذي حضر عرضه، مساء السبت، بسينما روكسي ضمن فعاليات اليوم الثاني للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الـ23 والتي تعقد في الفترة ما بين 27 أكتوبر و4 نونبر الجاري، وذلك بسبب تضمنه لمشاهد جمعت بين رجلين وصفت بـ”الإباحية”.

واتهم عدد من الحضور صناع الفيلم الذي أنتج بشكل مشترك بين المغرب وفرنسا وبلجيكا بأنه “يروج لأفكار مخالفة للفطرة البشرية ودخيلة على المجتمع المغربي المحافظ”، معتبرين أن مشاهد الشذوذ الجنسي التي جمعت بطل العمل المغربي برجل فرنسي الجنسية في الفيلم كانت “مجانية”، “واقحمت عنوة من أجل إرضاء شركات الإنتاج الأجنبية التي تدفع أموالا طائلة من أجل بث هذه المشاهد في الأعمال الفنية”، مستنكرين ما وصفوه بـ”هرولة السينما المغربية للتطبيع مع الثقافات الغربية وطمس الهوية المغربية”.

كما انتقد ذات المصدر، بعض المشاهد “الحميمية” التي جمعت البطل بوالدته أثناء نومهما بجانب بعضهما، وأخرى في حمام الاستحمام، معتبرين أنها “جريئة ولا تعكس واقع علاقة الطرفين في المغرب، كما أنها توحي للمشاهد قبل إظهار مثلية البطل بأنه أمام زنا المحارم”، على حد تعبيرهم.

ويتناول فيلم “المحكور ما كيبكيش” قصة أم عازبة (فاطمة الزهراء) تمتهن الدعارة لإعالة ابنها (سليم) البالغ 17 عاما، وتتسكع من مدينة إلى أخرى هربا من الفضائح التي تلاحقها. تتعرض فاطمة الزهراء للاعتداء الجسدي والسرقة من أحد زبائنها فتقرر العودة إلى حضن أسرتها بسبب الفقر، لكنها لا تجد الترحيب ويفتضح سرها أمام ابنها الذي اكتشف حقيقة مهنة والدته وأنه مجهول الأب.

ويسلط الشريط السينمائي الطويل الضوء على ممارسة البطل القاصر للشذوذ الجنسي مع رجل فرنسي بمدينة طنجة مقابل المال، قبل أن يتم اعتقاله وسجنه.

وفي هذا الصدد، قال منتج الفيلم المغربي كريم الدباغ، إن “المحكور ما كيبكيش” ثاني تعاون له مع المخرج المغربي البريطاني فيصل بوليفة بعد الفيلم القصير “اللعنة”، مشيرا إلى أنه يتابع مسيرته المهنية وأُعجب بقصة الفيلم حينما قرأها.

وأضاف كريم الدباغ في تصريح لـ”العمق”، أنه لا يرى بأن الفيلم المذكور سابقا يروج للمثلية الجنسية في المجتمع المغربي، وأن مضمونه يعكس رؤية المخرج وما يشعر به، معتبرا أن التعاطف مع الشخصيات من عدمه يعود للمشاهد وهو ما يعكس جمالية الفن ويخلق النقاش، نافيا أن يكون الإنتاج الفرنسي والبلجيكي قد أثر على الثقافة المغربية.

من جهته اعتبر الناقد الفني عبد الكريم واكريم، أنه “لم تكن هناك أية لقطة أو مشهد مجاني في فيلم المحكور ما كيبكيش، وإنما العكس حيث حاول المخرج قدر المستطاع أن يقف ويقطع في حدود الممكن حتى لايختل المعنى، وتم توظيف المثلية الجنسية في السياق الدرامي ولم تكن مقحمة نهائيا، بحيث أن الشاب يتعرض للإستغلال من قبل السائح المثلي الفرنسي جنسيا في بادئ الأمر ثم عاطفيا بعد ذلك، ولم يكن لاعتذاره المتأخر أية فائدة”، حسب تعبيره.

وقال عبد الكريم واكريم في تصريح لـ “العمق”، أن “المحكور ماكيبكيش فيلم قاس وإنساني وشخوصه مكتوبة بدقة وحنكة قلما نجدها في السينما المغربية، وهي تنتمي للتربة والمجتمع المغربيين، ولا يمكننا القول بأي حال من الأحوال أنه ينتمي لتلك الفئة من الأفلام التي يؤثر فيها الإنتاج المشترك كي تكون مجرد تلبية لأذواق الجانب الآخر ورؤيتهم لنا”.

وأضاف الناقد الفني، “لايمكن لنا محاكمة عمل فني بأحكام من خارج الفن، كانت أخلاقية أو غيرها، فإما أن يكون العمل متكاملا من الناحية الجمالية أو يكون غير ذلك، وفيلم “المحكور ماكيبكيش” عمل سينمائي جميل ، ولا أرى من وجهة نظري أن فيه لقطات زائدة لمجرد الإثارة أو لتلبية أذواق جهة ما”.

يشار إلى أن فيلم “المحكور ما كيبكيش” (110 دقيقة) تم إنتاجه سنة 2022، وهو من بطولة عائشة التباع، عبد الله الجوجي، انطوان  راتينارتز، مصطفى مكافح، سوسان القطبي، عيمة الوداني، وإنتاج مشترك بين المغرب وفرنسا وبلجيكا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 6 أشهر

    ويقال. لك أننا في دولة إسلامية فن هوا هد الملك الا لعنة الله عليهم أجمعين .بحال هد الافلام خصهوم يتوقف منوع يتوجدو لا فسنمات ولا تبلاصة لكن للأسف الشديد الله ياخد الحق

  • غزاوي
    منذ 6 أشهر

    مجرد تساؤل. من وراء هذا في إمارة المؤمنين !!!؟؟؟ جاء في المقال ما نصه: ”هرولة السينما المغربية للتطبيع مع الثقافات الغربية وطمس الهوية المغربية” انتهى الاقتباس. هذه الهرولة شجعها سكوت النظام على السياحة الجنسية، والبيدوفيليا المتجدرين في المجتمع المغربي، وأصبحا يغذيان الاقتصاد ويمتصان البطالة. محمد شويكة، الناقد السينمائي المغربي صرح لجريدة "هسبريس" عن عدم منع عرض فيلم "باربي" تأسيا بباقي الدول العربية ، بما نصه: “ المغرب منذ سنوات أرسى دعامات صناعة سينمائية تتميز منذ التسعينات إلى اليوم بهوامش كبيرة من الحرية والإبداع، طرقت تقريبا كل الطابوهات بطرق مختلفة كالجنس والسياسة، واتضح فيما بعد أن جزءا مهما من المغاربة ليس كبقية الشعوب التي تخاف من بعض المحتويات”. انتهى الاقتباس. لقد سبق للمغرب أن سمح بعرض الأفلام الإباحية والمثلية والشذوذ من قبيل: فيلم "الزين لي فيك" وفيلم “بوز ليكلير” الموجه إلى الأطفال وفيلم “أزرق القفطان” وكتاب ”مذكرات مثلية". بل حتى أن مناهجه التعليمية تتضمن محتويات ومواضيع من هذا القبيل.

  • يونس
    منذ 6 أشهر

    بسم الله الرحمن الرحيم. إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) صدق الله العضيم