منوعات

هل يفتح تحقيق بأمر ملكي في ملف فتح دور القرآن بمراكش؟

أصبح هذا السؤال يفرض نفسه بعد أن انكشف أن فتح دور القرآن التي أغلقتها الدولة له علاقة بحزب سياسي. بل أكد ذلك الشيخ المغراوي، رئيس دور القرآن تلك، حسب مصادر إعلامية، حين دعا رواد جمعيته للتصويت لـ”الحزب الذي فتح دور القرآن خشية أن يغلقها إذا لم يفز” بمبرر “من أسدا لنا معروفا كافأناه”! مضيفا لهم “راكم كتعرفوه”. فيما يقوم مساعدوه بالترويج لحزب الأصالة والمعاصرة علانية، وهي تصريحات ووقائع خطيرة ينبغي أن يفتح حولها التحقيق. ولكن أي تحقيق؟

ملف دور القرآن ترافع حوله البرلمانيون، والمجتمع المدني الحقوقي، وتنسيقيات دور القرآن المتحدث الرسمي باسم تلك الدور، وعرفت جدلا حقوقيا كبيرا كشف حجم الجرح الحقوقي الذي تسبب فيه إغلاق تلك الدور بغير وجه حق. بل إن ملف تلك الدور بين يدي محكمة النقض، حسب تصريحات المنسق الوطني لدور القرآن، فكيف أمكن لحزب سياسي وفي خضم الحملة الانتخابية أن يفتح مقرات أغلقتها وزارة الداخلية بقرار من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأيدت محكمة الاستئناف قرار الإغلاق، ولم تحكم محكمة النقض بعد في ملفها؟

إن التحقيق المطلوب فتحه بناء على ما سبق ليس تحقيقا عاديا يمكن أن يدفن ببلاغ، بل يتعلق بالمس بهيبة الدولة واعتبارها القانوني والمؤسساتي، وتجاوز المؤسسات الدستورية، والتطاول على القضاء، بل وإلغاء حكم قضائي على اعتبار أن محكمة الاستئناف أيدت إغلاق تلك الدور.

وإذا صح ما نسب إلى الشيخ المغراوي فالأمر يتعلق بمؤشرات قوية حول وجود تحكم فعلي لحزب سياسي، استطاع أن يقرر مكان القضاء والداخلية والأوقاف، إننا أمام واقعة خطيرة، إن صحت، تمس بالاعتبار القانوني والسيادي للدولة المغربية.

ويطرح احتمال وجود تحكم حزبي في مؤسسات الدولة مخاوف على المواطنين ممن هم ضد مشروع هذا الحزب السلطوي، فمن يحميهم؟ ومن يحمي المؤسسات من تغول هذا الحزب؟ ومن يضمن للخيار الديمقراطي الاستمرار أمام القدرات الخارقة لهذا الحزب في وقف قرارات الدولة، ونقض أحكام القضاء؟ ومن يطمئن المواطنين على مستقبل ديمقراطيتهم، حين يتمكن هذا الحزب من السيطرة على المؤسسات التشريعية والمؤسسات التنفيذية؟

إن المؤشرات التي كشفت عنها مجريات الانتخابات التشريعية، بداية من استباحة الحياة الخاصة للخصوم السياسيين، مما يطرح فرضية تورط أجهزة رسمية في ذلك، وتجنيد أعوان السلطة لصاح حزب التحكم كما أكدت ذلك تصريحات مسؤولين حزبيين وبلاغات أحزاب سياسية، وشملتها مشاريع طعون انتخابية. وتوظيف أماكن العبادة وما يشبهها، كما تدل على ذلك واقعة الدعاية من فوق منبر الجمعة لحزب التحكم بتاونات وتدل عليه فضيحة فتح دور القرآن بمراكش، تفرض أن تفتح الدولة تحقيقا مستعجلا، يكون شاملا ودقيقا حول حقيقة تحكم حزب البام في مؤسسات الدولة بدون وجه حق وحدود ذلك التحكم.

إن الظرفية السياسية التي يمر منها المغرب تعرف انزلاقات خطيرة غير مسبوقة في تاريخه الانتخابي، يرجح أن لها علاقة مباشرة بحزب التحكم، تخرب كل الكسب الديمقراطي الذي حققه المغرب ملكا وشعبا خلال العهد الجديد، وتضرب في الصميم مصداقية الدولة ومؤسساتها، بما فيها القضاء، وقد حان للدولة أن تحمي الدستور وتحمي المؤسسات الدستورية، وتحمي المواطنين، وتحمي وجهها أمام دول العالم. ولا سبيل إلى ذلك إلا بفتح تحقيق يتعلق بالمس بهيبة الدولة ومؤسساتها الدستورية، ويرتب اللازم لتنقية أجهزة الدولة من خلايا التحكم التي يشتبه في أن تكون قد اخترقتها.