مجتمع

هل يخرج امهيدية البيضاء من عنق الزجاجة ويحقق إرادة الملك؟

محمد امهيدية واليا لجهة الدار البيضاء سطات

أكد الملك محمد السادس في خطاب افتتاح الولاية التشريعية التاسعة في 2013، وجود إرادة قوية لجعل الدار البيضاء قطبا ماليا دوليا، من منطلق كونها قاطرة التنمية الاقتصادية للبلاد.

وعبر الملك في خطابه آنذاك عن امتعاضه من المنتخبين بالعاصمة الاقتصادية بطريقة غير مباشرة، عندما تساءل “لماذا لا تعرف هذه المدينة، التي هي من أغنى مدن المغرب، التقدم الملموس الذي يتطلع إليه البيضاويون والبيضاويات على غرار العديد من المدن الأخرى ؟”.

ومنذ ذلك الحين حينما كان محمد ساجد عمدة للدار البيضاء وتوالي المنتخبين على المدينة، عرفت العاصمة وضع مخططات ومشاريع مهمة، لكن جلها ظل راكدا، سواء على مستوى البنى التحتية أو بداية مشاريع كبيرة وتوقفها في نصف الطريق بينما خرج القليل منها لحيز الوجود، ليليها وضع برنامج من طرف مجلس الجماعة بقيادة التجمعية نبيلة الرميلي الذي يقال عنه برنامج طموح.

ومنذ تولي عمدة امرأة لتسيير مدينة الدار البيضاء، تفاءل البيضاويون خيرا، واعتبروا أن امرأة على رأس المدينة لأول مرة ستقود العاصمة الاقتصادية إلى بر الأمان نظرا للدقة التي يتميز بها عمل المرأة عموما.

ويرى فاعلون مدنيون ومنتخبون عن المعارضة، أنه بعد مرور نصف ولاية مجلس الرميلي في قيادة الدار البيضاء، لم يتم لليوم وضع تصور واضح حول مستقبل المدينة باستثناء نسخة برنامج العمل للفترة ما بين 2023-2028.

وفي هذا الصدد، يعتبر متتبعو الشأن العام المحلي، أن تحقيق إرادة الملك بجعل المدينة قطبا ماليا دوليا والانتهاء مع التناقضات المجالية والاجتماعية فيها، يحتاج إرادة أكثر قوة للانتهاء أولا مع الفساد والريع من طرف المنتخبين الذين يقودون المدينة.

وبدا جليا بحسب بعض المهتمين بالشؤون المحلية، رغبة السلطة العليا للبلاد في تدشين مرحلة جديدة من مراحل إصلاح مدينة الدار البيضاء، وهو ما يعكسه تعيين الملك محمد السادس لأحد أقوى رجالات الداخلية واليا على جهة الدار البيضاء سطات عاملا على عمالة الدار البيضاء قبل أسبوعين، ليقود حركة تصحيحية بالمدينة، بدأت آثارها ملحوظة منذ أول أسبوع التحق بالمدينة.

وكان محمد امهيدية واليا وعاملا على أزيد من خمس جهات ومدن آخرها مدينة طنجة، التي يقول فاعلون في الشأن العام المحلي فيها، أنها عرفت إصلاحات وتقدما ملحوظا في مشاريعها التنموية منذ أن تم تعيين امهيدية واليا عليها، وهو ما يصبو إليه البيضاويون في مدينتهم.

بداية ساخنة

في أول قرار له مباشرة بعد تعيينه واليا على جهة الدار البيضاء سطات، رفض محمد امهيدية التأشير على قرار صادر عن رئيسة مجلس جماعة البيضاء نبيلة الرميلي، القاضي بتعيين فوزية مكرام الموظفة القادمة من إقليم مديونة، كرئيسة لقسم التعمير والإسكان والممتلكات بإدارة مجلس جماعة الدار البيضاء.

وعلل الوالي امهيدية رفضه التأشير على قرار الرميلي في مذكرة جوابية تحمل توقيع الكاتب العام للولاية حميد توتي، بأن الموظفة المعنية فوزية مكرام، “كانت موضوع مذكرات بحث بالمنطقة الإقليمية مديونة، بسبب كثرة الشكايات المقدمة ضدها من بعض المنعشين العقاريين والمستثمرين في مجال العقار”.

وأوردت مذكرة الوالي بالتفصيل مضمون الشكايات ضد الموظفة المعنية، والذي لخصه في “ابتزازها لبعض المنعشين العقاريين والمستثمرين في مجال العقار الراغبين في الحصول على رخص البناء ومماطلتها في إنجاز تصاميم البناء والوثائق الإدارية في الوقت المناسب”.

وخلق هذا الرفض والتفصيل فيه، استنفارا داخل جماعة الدار البيضاء، حيث اعتبره متتبعون للشأن المحلي بالقرار “المثير للجدل”، والذي يدشن لبداية جديدة يقودها امهيدية للانتهاء مع الفساد الإداري بالجماعة وتدشين مرحلة إصلاح جديدة.

وعمدت رئيسة جماعة الدار البيضاء نبيلة الرميلي، إلى توقيف موظفي قسم الضبط بعد انتشار رسالة والي الجهة، محمد امهيدية، بخصوص رفضه تعيين فوزية مكرام رئيسة قسم التعمير، في محاولة لوقف تسريب رسائل تصل الجماعة رغم طابعها غير السري.

محاربة الفساد

قال المهدي ليمينة المكلف بالشؤون المحلية بجمعية التحدي للمساواة والمواطنة بالدار البيضاء، إن تعيين امهيدية واليا على المدينة رسالة لانطلاقة جديدة.

وأضاف ليمينة، في تصريح لجريدة “العمق”، أن الملك أعطى رسائل قوية في خطاب 2013 ولكن لم يؤخذ بها من طرف المسؤولين بالمدينة، خاصة المنتخبين، وما تعرفه المدينة اليوم هو مرحلة جديدة.

واعتبر ليمينة “أن أول قرار للوالي امهيدية منذ الأسبوع الأول على تعيينه والقاضي برفض التأشير على قرار عمدة الدار البيضاء القاضي بتعيين رئيسة قسم التعمير والإسكان والممتلكات بإدارة مجلس جماعة المدينة، نظرا لتعدد الشكايات ضدها، هو إشارة قوية لمحاربة كل أنواع الفساد بالمرفق العمومي”.

كما اعتبر رفض التأشير على هذا القرار، “بداية للوالي الجديد أيضا لإيقاظ المشاريع النائمة، خاصة وأن هناك اجتماعات ماراثونية واستنفارا بمجموعة من المقاطعات التابعة لجماعة الدار البيضاء، وهذا مؤشر إيجابي للمضي قدما بالمدينة”.

وأورد المتحدث نفسه، “أن المغرب مقبل على رهان كبير، يتعلق باحتضان تظاهرات رياضية قارية وعالمية، وهو ما يفرض على المسؤولين والفاعلين الترابيين بالمدينة التحرك لخلق فضاء جذاب للسياحة والتنمية، وتعزيز البنية التحتية بالمدن على رأسها الدار البيضاء”.

وأضاف أن تعيين امهيدية واليا على الدار البيضاء “ساهم في خلق دينامية جديدة، تتجسد أيضا في انطلاقة فعلة لإصلاحات على مستوى العديد من الأزقة بتراب المقاطعات”، مردفا أن هذا التعيين “يأمل من خلاله البيضاويين كذلك فتح الأوراش وانطلاق كل المشاريع الجامدة مثل المسرح الكبير والمطرح الجديد، وانطلاقة لمحاربة الفساد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • اطرامق سعيد
    منذ 5 أشهر

    نحن جميعا مع الإصلاح و التنمية و لكن ما مصير القطاعات غير المهيكلة(العربات.الفراشات.) والتي تشكل أكثر من 70 بالمائة من دخل الساكنة البيضاوية