منتدى العمق

بنكيران.. الرجل الذي لم تخدش عزيمته السلطة والكرسي

من منا لا يعرفه؟؟؟ اسألوا عنه صغير المغاربة وكبيرهم أميهم و متعلمهم في أعالي الجبال وفي الصحاري وداخل المغرب وخارجه، إنه الرجل الحدث الذي خلق لنفسه مكانا شاسعا داخل المشهد السياسي، إنه بكل بساطة عبد الإله بنكيران.

بدأ حياته بالتنقل بين التنظيمات وكانت حركة 23 مارس اليسارية موطأ قدمه الأول، كما كانت له علاقة بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية،وكدا حزب الاستقلال غير أن هذا وذاك لم يشبع فضوله المتزايد ليقتحم بعد ذلك عالم الشبيبة الإسلامية سنة 1976 . وخولت له فرصة التربع على عرش قيادتها لينتهي به الأمر إلى الانفصال عنها سنة1981، وعقب ذلك أسس الشباب المنفصل عن الشبيبة الإسلامية معية بنكيران الجماعة الإسلامية، وانتخب رئيسا لها عام1986 فقاد الحركة لفترتين متواصلتين، غير أن قدر الاعتقالات الذي لحق الحركة أرغم بنكيران على إعلان العلنية للجماعة الإسلامية وإخراجها من وكر السرية سنة 1989 لتصبح بعد ذلك حركة الإصلاح والتجديد التي تم تأسيسها على قوانين داخلية وتمت هيكلتها بشكل منظم، يعطي الفرصة للعمل النسوي والعمل المشترك، ليتجلى شكلها النهائي في مقر وحزب سياسي وعضوية منظمة، تعترف بإمارة أمير المؤمنين وثوابت الأمة.

لم يقف طموح الرجل عند هذا الحد في سعيه الحثيث للبحث عن الأفضلة، بل حاول التوحد مع حركات من قبيل رابطة المستقبل الإسلامي منظمة أحمد الريسوني، ومع منظمات شبيهة ليعلنوا تضامنا أسفر عن ولادة حركة التوحيد والإصلاح التي أعطوها شرعية حزبية، وذلك بإدخال الحركة في حزب السيد عبد الكريم الخطيب. لتتم صناعة حزب العدالة والتنمية.

وبعد أن انتخب أمينا عاما للحزب بسبب كسب ثقة أعضاء حزبه حلق بنكيران في سماء النجاح ليصبح رئيس حكومة المملكة المغربية في انتخابات 2011 ليحقق فوزا كاسحا وينتزع 107 مقعد في البرلمان.

عبد الإله بنكيران من طينة خاصة، خلق ليكون سياسيا، برع في السياسة كما برع في تلقين دروس في الفيزياء لتلامذته من الأساتذة، هو يعرف أن التفاعلات تخلق مواد جديدة، أمن بقدرته حد التناهي والدليل على ذلك تحوله من الشخصية المبحوثة عنه التي تتوارى داخل التنظيمات إلى الرجل السياسي الأول في البلاد، وهذا لم يغير من ملامحه ولم يحدث تصدعا في شخصيته، إذ ظل محافظا على قيمه ومبادئه التي لم تمحوها لذة السلطة وسيادة المنصب، إنه بكل بساطة الصديق الوفي فكيف للمغاربة أن ينسوا مشهد العزاء الذي أقامه لصديقه عبد الله بها في بيته ولازال يبكيه ويرثيه في جل خطاباته،حتى بيته لم يغير جدرانه وعنوانه إذ بقي في البيت ذاته يستمتع ببساطة الحياة رفقة زوجته التي ساندته في اشتداد الأزمة وفي انفراجها.

إنه باختصار الشخصية المتفردة، تجده حينا يضحك بأعلى صوته وحينا آخر يخفضه ليخص كل مقام بمقال، ابتسامته، تواضعه المنم عن جذوره المتزنة، لا مبالاته بفنون الاتيكيت، صرامته في العمل صراحته التي تغيض أعداءه. كل هاته الصفات اللا مألوفة في السجل الحكومي المغربي أوقعت الكثيرين في الهتاف باسمه صباح مساء. وأشد ما يغيض أعداءه هو عدم إيجاد دلائل ضده فولايته النظيفة الخالية من النهب والسرقة واستغلال النفوذ جعلتهم يعضون أيديهم ويكيدوا المكائد حتى بلغ بهم الخبث الخوض في أعراض أعضاء الحزب ووزراءه. غير أن بنكيران والخلية التابعة له لم تكن بالطريدة السهلة المنال.

لايزال بنكيران إلى حد الآن الرقم الصعب الذي كسب الرهان في مواجهته لكافة أطياف المجتمع من مثقفيه و ساساته وحتى مع من لا علاقة له بالسياسة. فهو يتقن المراوغة ويعرف كيف يخلص نفسه من المأزق الذي يوقعه فيه سائليه ليجيبهم بكل دقة وثقة بالنفس، فمنذ متى أيها المغاربة كان بإمكانكم معرفة تفاصيل عن مداخل ميزانية الدولة ومصاريفها؟؟؟وهل كنتم قبل عهد بنكيران تتابعون البث التلفزي للبرلمان بكل شغف؟؟؟ و أيضا هل من رؤساء الحكومة السابقين واللاحقين من يجرأ و سيجرأ على إصلاح أنظمة التقاعد والمقاصة على حساب شعبية أحزابهم؟؟؟؟وهل سبق لرئيس حكومة وأن رحل خاوي الوفاض دون ملء الحسابات البنكية وحيازة أملاك وعقارات؟؟؟؟؟

علينا إذن أن نعترف بإنجازات الرجل في كافة المجالات و نفخر بصراحته التي زادته شعبية ،والامتنان برأسماله الذي هو المعقول. فرحمك الله يا بنكيران حيا وميتا و أدام الله عليك نعمة العطاء لوطنك و أبناءه و أعادك الله إلينا بصحة و إصرار وعزيمة اقوى في الولاية القادمة.