أخبار الساعة، اقتصاد

استمرار إغلاق الحدود الجمركية مع سبتة ومليلية.. ملف حساس لم يحسم بعد

رغم تطور العلاقات المغربية الإسبانية وما سلكته من مسار إيجابي على جميع الأصعدة بعد الاعتراف التاريخي الجارة الشمالية بمغربية الصحراء، واعتبرها مقترح الحكم الذاتي الحل الأنسب لحلحلة الملف، إلا نقاط كثيرة ظلت عالقة بين البلدين، وأهمها ملف فتح الجمارك الحدودية مع المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، حيث لم يتوصل الجانبين بعد، لصيغة توافقية، وحل يناسب الطرفين للإقدام على هذه الخطوة.

معطى تم التأكيد عليه خلال اللقاء الأخير الذي جمع وزير الخارجية المغربي بنظيره الإسباني، خلال اليومين الماضيين، حيث أكد المغرب وجود اختلالات تقنية تعيق تنزيل اتفاق فتح المعابر الجمركية، مشددا على التزامه بخارطة الطريقة الموقعة بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة بيدرو سانشيز السنة الماضية.

فيما أوضح وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، خلال ندوة صحفية جمعته، بـ ناصر بوريطة، استعداد الجانب الإسباني لفتح المعبرين دون مزيد من إهدار الوقت.

مشكل سياسي

في هذا السياق أوضح المحلل الاقتصادي، مهدي لحلو، أن المشكل ذو طابع سياسي أكثر ما هو اقتصادي، مضيفا أن الحديث عن مدينتي سبتة ومليلية، هو حديث عن مدينتين محتلتين من قبل المملكة الإسبانية، وهي دولة أوروبية قوية على المستوى الاقتصادي، ولها إمكانيات مالية لحماية ساكنة واقتصاد المنطقتين.

وقدم المتكلم مثال الأزمة الصحية “كوفيد-19” مشيرا إلى أنه رغم الغلق الكلي للمعبرين الحدودين إلا أن الحكومة الإسبانية استطاعت أن تمول الثغرتين المحتلتين، كما عملت على خفض الضريبة على القيمة المضافة مع خفض أثمنة المحروقات.

وتابع المتحدث قائلا: هناك إشكال نسبي مرتبط بالوضع الاقتصادي الجديد المفروض من طرف المغرب، لكن تصور إلحاق أضرار اقتصاد بالمدينتين بشكل كبير جدا، جراء إغلاق المغرب لحدوده الجمركية مع المدينتين أمر غير مطروح.

غياب دراسات

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن الإشكال مطروح لدى المغاربة القاطنين بالمدينتين المحتلتين، والمدن المجاورة لها، خاصة في ظل نقص فرص عمل تسمح للمواطنين المغاربة بسد حاجياتهم، كما كان عليه الوضع مسبقا، وبالتالي المتضرر الحقيقي هم سكان المنطقة.

وأوضح مهدي لحلو، في ختام حديثه مع “العمق” أن قطع الطريق أمام السوق السوداء طرح تساؤلات حول استفادة الاقتصاد المغربي من هذا المنع، خاصة وأن المندوبية السامية للتخطيط وجمعية المقاولين المغاربة لم تقم بأي دراسة لمعرفة مدى استفادة الاقتصاد المغربي من هذه الخطوة.

ملف حساس

من جانبه اعتبر هشام معتضد، أن تدبير ملف المعبرين الحدوديين لسبتة ومليلية بين الرباط ومدريد يندرج في خانة التدبير الإستراتيجي وليس في إطار العلاقات السياسة والدبلوماسية بين البلدين، على اعتبار أن البعد التاريخي والفضاء الجغرافي لإشكالية الملف تعتبر تحدي للجانبين.

وأوضح المتحدث في تصريحه لـ “العمق” أن الموضوع يتميز بحساسية بالغة لدى القيادة في المغرب وإسبانيا وذلك لتشعب المصالح الجيوسياسية بين البلدين وتداخل العديد من الأطراف على مستوى القرار السيادي، علاوة على التوجه الاستراتيجي والتدبير المحلي لهذا الملف.

وأشار المحلل السياسي إلى وجود نقاش صريح وهادف بين المسؤولين المغاربة ونظرائهم الإسبان بخصوص التدبير السياسي الذي سيتم اعتماده من أجل إخراج هذا الملف من رف الجمود إلى حركية تحترم التوجهات السيادية والاستراتيجية بين البلدين و تستجيب لتطلعات المسؤولين المحليين الذين يضغطون لحلحلة هذا الشلل التجاري.

حذر شديد

وتابع: “إيجاد حل لهذا الملف هو مسألة وقت فقط، على اعتبار أن السياق السياسي والدبلوماسي بين الرباط و مدريد جد إيجابي ويساعد على خلق التوجه الصحيح للدفع بالنشاط التجاري على المعبرين لاستعادة ديناميكيته المنتظرة”.

واستدرك المتحدث قائلا: “الإتفاق لن يكون بالسهولة المنتظرة من طرف المتدخلين المحليين، الذين يضغطون بشكل كبير على الحكومة الإسبانية للتسريع بإيجاد حل في أقرب وقت مع القيادة في المغرب”.

وفي ختام حديثه شدد هشام معتضد على أن المسؤولين في مدريد عازمون على إيجاد حل للمشكلة لكن في نفس الوقت حذرين جداً من ارتكاب هفوة سياسية أو دبلوماسية اتجاه الرباط، قادرة على إعادة عقارب العلاقات بين البلدين إلى الصفر لما يمثله هذا الملف من أهمية سيادية لدى أصحاب القرار في الرباط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 4 أشهر

    abd