سياسة، مجتمع

تعاني منها إفريقيا .. دراسة تربط بين تهميش اللغات الأم في التدريس وانتشار الأمية

كشفت دراسة عالمية للغات التدريس في التعليم الطبي إلى أن أزيد من 55% من الدول تعتمد على اللغة الأم، بينما تعتمد 39% على اللغات الأجنبية.

ووفق دراسة “إنهاء استعمار التعليم الطبي” فقد سجلت إفريقيا أقل مستوى من الاعتماد على اللغة الأم، حيث تعتمد في التعليم الطبي على اللغات الفرنسية والإنجليزية والبرتغالية، فيما تعتمد 38 دولة أوروبية من أصل 39 على لغتها الأم في التعليم الطبي.

الدراسة تضمنت خريطة توضح أن الدول الإفريقية والعربية على عكس معظم دول العالم لا تستعمل لغاتها الأم في تدريس الطب، الأمر الذي أثار زوبعة من النقاشات بمواقع التواصل الاجتماعي.

وازدادت حدة النقاشات بموقعي فيسبوك وتويتر حول الخريطة، لإيضاحها أن الدول المتقدمة أو أن النماذج التي حققت نهضة تنموية هي التي تستعمل لغاتها الأم مهما قل عدد المتحدثين الأصليين بها.

فؤائد التدريس باللغة الأم

رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فؤاد بو علي، كشف أن اعتماد اللغة الام في التدريس ينعكس إيجابا على مستويات نسب الأمية، والدخل الفردي، والواقع الاقتصادي وشرط أساسي للتنمية، منبها أنه “بدون بلورة سياسة لغوية تمكن للغة الوطنية وللغة العربية فإن ما يتم القيام بان هو تكرار للتاريخ والتاريخ لا يرحم”.

بو علي أوضح في تصريح لجريدة “العمق”، أن لغات التدريس هي من القضايا المحورية التي تهتم بها الدول والشعوب منذ نشأة الدولة الوطنية، واختيارها ليس اختيارا عفويا أو نابعا من قناعة ذاتية للمسؤولين كيف ما كانت مؤهلاهم وتصوراتهم، وأنها تخضع لمجموعة من الشروط والمقتضيات المنهجية والمعرفية.

واعتبر بو علي أن اختيار لغة التعليم يكون جزء من تصور شامل للتنمية باختلاف جوانبها القيمية والتصورية والمصلحية، مشيرا أن الدول العربية والإفريقية تتبنى النموذج الكولونيالي، ومعتبرا أن هذا النموذج الإدراكي الذي أسسه ورسخه الاستعمار يقوم على أن التحضر لا يتم إلا عن طريق اعتماد اللغة، وأن اللغات الوطنية والمحلية هي من اللغات المتخلفة لأنها نابعة من مجتمعات متخلفة”.

وتابع “هذا النموذج يسود في مجموعة من الدول التي ترى في استعمال اللغة الأجنبية مدخلا للتطور”، مستحضرا ما قال إنه دفاع للنخبة الفرنكوفونية في النقاشات حول القانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم في المغرب عن اللغة الفرنسية وفرضها في التعليم، ليخلص إلى أن ما اعتبرها مآسي يعيشها التعليم المغربي هي نتيجة طبيعية للنموذج الاستعمار الادراكي.

وسجل المتحدث أن مجموعة من الدراسات أثبتت بأن هذا النموذج هو نموذج فاشل، من بينها دراسة إحصائية الهامة التي قام بها مركز بحثي في المغرب “أكدت أنه ليست هناك دولة متقدمة واحدة تدرس بلغة أجنبية، وبأن الدول الأوروبية والأمريكية والعديد من الدول الاسيوية التي تستعمل لغاتها الوطنية الأكثر انتشارا هي الدول المتقدمة”.

في المقابل أكد أن الدول التي تدرس بلغة المستعمر أو تعتمد نظام تعليمي مزدوج واقعها الاقتصادي يشهد أنها ليست من الدول المتقدمة، مضيفا “أن هذا يبين بالأرقام أن التدريس باللغة الوطنية الأكثر استعمالا شرط ضروري لأي تنمية وأنه كلما زادت نسبة المتكلمين بهذه اللغة كلما زاد الدخل الفردي الخام للبلد”.

وجود لغة جامعة ومشتركة وموحدة، وفق بو علي، يساهم في رفع مستوى دخل أفراد أي مجتمع، بدون أن تكون هذه اللغة هي لغة التدريس كما هو الشأن في الدول المتقدمة، كما يرتبط الامر بالتناسب الواضح بين عدد المتكلمين باللغة الأكثر استعمالا ونسب الأمية، فكلما ارتفع عدد المتكلمين باللغة الرسمية كلما قلت نسب الامية.

وخلص إلا أن هذه المعطيات تثبت ان ما يقع الآن بالدول الإفريقية وفي الدول العربية، نتائجه تظهر في التنمية بالرغم من الشعارات التي ترفع هنا وهناك ومن محاولات القفز على المداخل الحقيقة للتنمية يبقى أن كل ما يقع الآن من خلال استعمال وفرض اللغات الأجنبية هو اجترار للفشل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *