آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي، الكرة المغربية

سعيا لنهضة رياضية.. هل يحقق الإطار القانوني الحالي الأمن في ظل الركود التشريعي؟

جاء في ديباجة القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية أن “الرياضة الوطنية عانت منذ عدة سنوات من العديد من الاختلالات شكلت عائقا لمسلسل تعزيز الديمقراطية والتنمية الاجتماعية والبشرية وبدت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في هذا المجال غير كافية أو غير دقيقة بالنسبة لتنظيم وتسيير الشأن الرياضي الذي أصبح في الوقت الراهن خاضعا للعولمة وفي تطور سريع، مما يقتضي إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للرياضة، والتي تتجسد في إعداد هذا القانون الذي يرمي إلى جعل الرياضة ركيزة من ركائز النموذج الاجتماعي المغربي وعاملا لإشعاع المغرب على المستوى العالمي”.

وعانى القانون 30.09 من سوء فهم وتنزيل مضامينه وعدم الإهتمام بنصوصه في كثير من الحالات التي توضح بالملموس إفتقار الأندية الوطنية لثقافة التنزيل الدقيق لمضامين النصوص القانونية المؤطرة للرياضة من أجل الإسهام في جودة الممارسة الرياضية والرقي بها وجعلها ركيزة أساسية للتنمية والنمودج المغربي على المستوى العالمي.

يطرح هذا التجاهل وسوء التقدير وصعوبة التنزيل أحيانا والتباين الحاصل بين الممارسة الرياضية في علاقتها بالقانون إشكالات عديدة أهمها عدم مواكبة الفاعل الرياضي للمستجدات التشريعية المرتبطة بالرياضة رغم مرور 14 سنة على مرور القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية، و15 سنة على الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية بالصخيرات سنة 2008، كما أن ترشح المغرب لاحتضان منافسات كأس العالم 2030 يعيد طرح سؤال هل يمكن تحقيق نهضة رياضية بالإطار القانوني الحالي.

معضلة القانون 

الباحث في السياسات الرياضية، مصطفى يخلف قال في تصريح لجريدة “العمق”، “إن معضلة القوانين الرياضية بالمغرب هي حقيقة ولا يمكن الحديث عنها بشكل مجرد لأن الحديث عن نهضة رياضية يستلزم سببا، خصوصا والحالة هذه تقتضي أن نطرح سؤال أين يكمن المشكل الذي يدفعنا اليوم للحديث عن نهضة رياضية”.

وأضاف يخلف:”البحث عن حلول لنهضة رياضية نبتغيها يدفعنا للحديث عن القوانين الرياضية في ظل الانتقادات الموجهة لهذه القوانين خصوصا أمام ضعف التنسيق بين الجهات العاملة والمختصة في المجال وضعف تنزيل هذه القوانين بشكل مطمئن”.

وتابع الباحث، “القانون غايته هو خلق إطمئنان عبر المساواة في تطبيق القانون، مشيرا إلى أن هناك تفشي للفساد الرياضي وغياب المحاسبة والإفلات من العقاب بدليل أن التقارير المؤشر عليها من طرف مراقب الحسابات لا تعطي فعالية حقيقية”.

وأشار يخلف، “إلى غياب قوانين رياضية حديثة خصوصا أننا اليوم أمام قانون رياضي لم يستطع الناس فهمه -30.09 قانون التربية البدنية والرياضة- ولم يستطع المشرع تطويره واخراج جميع نصوصه التطبيقية رغم صدوره منذ أكثر من 14 سنة”.

وأوضح المصدر ذاته،” أنه رغم صدور قانون التربية البدنية والرياضة لحدود اليوم هناك لبس بين الدمم المالية للجمعية الرياضية والشركة الرياضية وتداخل المصالح، مشيرا إلى أن كل هذا يحتاج إلى حركة وتحول بهدف نهضة رياضية”.

وتحدث يخلف على أن “هذا الوضع يحتاج إلى تنزيل حقيقي للأمن والطمأنينة في القطاع الرياضي مع إعطاء قيمة للأحكام الرياضية، مضيفا “إذا كان العقد الأحترافي مدته القصوى 5 سنوات فإنه لا يعقل أن تكون أحكام تعود لـ6 أو 7 سنوات دون تنفيذ”.

مقترحات التعديل

بعد 13 سنة من العمل بالقانون 30.09 وضعت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب مقترح قانون يهدف إلى ملاءمة القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة مع مقتضيات دستور سنة 2011، خاصة أنه صدر قبل الدستور الجديد الذي جاء بمقتضيات جد متقدمة على مستوى الحريات العامة، واستقلالية العمل الجمعوي.

ويروم مقترح القانون الجديد إلى الحق في الحصول على المعلومة، وتقوية المقاربة التشاركية وتوسيع صلاحيات المجالس المنتخبة والجهوية الموسعة، وتقوية صلاحيات مؤسسات الحكامة، كما يهدف إلى تحويل العضوية من فعلية إلى شرفية في اللجنة الوطنية الأولمبية لكل مغربي حصل على العضوية في اللجنة الأولمبية الدولية بهدف تكريس المنهج الديمقراطي، وكذا تكريس مبدأ حرية التصرف للجمعيات الرياضية طبقا الدستور، وتبسيط شروط تأسيس الشركات الرياضية.

وتضمن مقترح القانون تطوير التعليم والتكوين الرياضي والممارسة وتنزيل توصية المجلس الأعلى للحسابات حول ضعف مداخيل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من تفويت حقوق البث للأنشطة الرياضية، وتكريس مبدأ إخضاع جميع المعاملات لقانون الالتزامات والعقود، وتقليص سن الممارسة الرياضية إلى 10 سنوات، وكذا حذف الشروط التي يمكن أن تحد من ولوج الصحافيين ووسائل الإعلام للملاعب الرياضية.

القانون والمحاكم

وقدم الفريق الحركي بمجلس النواب ثاني مقترح قانون لتعديل وتتميم قانون التربية البدنية والرياضة 30.09، بعد 14 سنة على صدوره، معتبرا أن القانون القديم أصبح متجاوزا في ظل المستجدات الدستورية والتطورات التي عرفتها وتعرفها منظومة الرياضة الوطنية، وأنه يسعى للتنصيص على ضمان إنخراط الرياضيين في نظام التغطية الصحية والاجتماعية على ضوء القانون الإطار للحماية الاجتماعية.

واقتراح قانون الفريق الحركي مقتضيات لتوسيع قاعدة التنافي لتشمل التنافي بين تحمل المسؤولية في رئاسة وعضوية مكاتب الجمعيات الرياضية والجامعات الرياضية الوطنية والعصب الاحترافية والعصب الجهوية للهواة وباقي الهيئات الرياضية وبين الرئاسة والعضوية في البرلمان والجماعات الترابية والغرف المهنية.

وأوضح مقترح القانون أنه على الرغم من التطور البنيوي والوظيفي للرياضة الوطنية فإن المنظومة القانونية لازالت بعيدة عن مواكبة هذا التطور واستيعاب المستجدات التي يعرفها هذا القطاع الاستراتيجي في بعدها الإيجابي أو من حيث الممارسات السلبية التي تسيئى إليه، بحيث أنه لازال مؤطرا بالقانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة الصادر بتاريخ 14 غشت 2010 والذي تعتريه، حسب المقترح، مجموعة من الفراغات القانونية والتنظيمية.

وأوضح أنه بادر إلى تقديم هذا المقترح الرامي إلى تغيير وتتميم بعض المواد في القانون السالف الذكر بغية تجويد الحكامة في المؤسسات الرياضية وملاءمته مع المستجدات الدستورية وكذا ترسيخ وتعزيز خيار استقلالية مختلف المؤسسات والهيئات الرياضية الوطنية والجهوية عبر توسيع قاعدة التنافي، وتجويد الحكامة المالية لهذه الهيئات وتعزيز أدوار الرياضة المدرسية والجامعية واقتراح أليات لمأسسة الرياضة المحلية.

وكان الفريق الحركي بمجلس النواب قدم مقترح قانون يقضي بإحداث محاكم رياضية للنظر في القضايا والمنازعات الرياضية أو النزاعات التي تكون الرياضة طرفا فيها كما هو حاصل في عدة تجارب دولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عزيز
    منذ 4 أشهر

    الركود بالدال ماشي بالضاد !!