سياسة

هل تعوض مبادرة الفضاء الأطلسي انسحاب فرنسا من دول إفريقية؟

سلطت صحيفة “جون أفريك” الفرنسية الضوء على المبادرة الملكية من أجل الفضاء الأطلسي، التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن تقلل هذه المبادرة من تكلفة النقل البحري، وهو عامل حاسم لتحسين التنافسية الاقتصادية لبلدان المنطقة. كما سيعزز الوصول إلى الأسواق الدولية نمو الدول الأربع المجاورة، وتحسين سوق الشغل في هذه الدول.

وحاولت الصحيفة أن تربط مبادرة المغرب بانسحاب القوات الفرنسية المسلحة التي كانت متواجدة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهي الدول الثلاثة بالإضافة إلى دولة التشاد التي حضرت الاجتماع الوزاري المنعقد السبت الماضي بمراكش للتنسيق بشأن المبادرة.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن رئيس المنتدى الافريقي للتنمية والأبحاث الجغرافية والاستراتيجية، موسى المالكي، تأكيده على أن الروابط التي تجمع المغرب مع هذه الدول الإفريقية تحمل أبعادا دينية وثقافية واجتماعية وجغرافيةأ إلى درجة أن الدستور المغربي قد أدرج في عام 2011 العنصر الأفريقي من بين الأركان الأساسية للهوية المغربية، ومنح مزايا غير مسبوقة لأعضاء الجالية الأفريقية في المغرب.

وقال المالكي إن هذا يجعل المبادرة مستقلة عن أي تطور حديث وأنها تأتي في إطار تراكم وتوطيد للعلاقات السابقة، على الرغم من أنها قد تتأثر بشكل طبيعي بتلك التطورات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تعزيز العلاقات بين المغرب ودول الساحل بدأت منذ تولي الملك محمد السادس الحكم، إذ قام بزيارات رسمية إلى دول المنطقة، وأشرف على توقيع العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتقني.

ولتعزيز هذه العلاقات، يضيف الجامعي ذاته، عاد المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وشهدت الأقاليم الجنوبية للمملكة افتتاح العديد من القنصليات والممثليات الدبلوماسية الأفريقية، فضلا عن مشروع الغاز المغرب نيجيريا

وأوضح المتخصص في القضايا الجيواستراتيجية أننا أمام رؤية طويلة المدى من أجل قارة مزدهرة تتمتع بالاستقرار والتنمية المشتركة، والتي تمثل بديلًا استراتيجيًا، بعيدًا عن المقاربة العسكرية والأمنية التي أثبتت لعقود من الزمن أنها غير ناجحة ومحدودة وتسبب في تدهور الأوضاع بدول الساحل على مستوى السياسة والاقتصاد والأمن والبيئة”.

ويرى موسى في تصريحه لـ”جون أفريك” أن انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، وإلغاء العديد من الاتفاقيات المبرمة مع السلطة الاستعمارية الفرنسية السابقة، وكذلك تقليص بعض جوانب التعاون الاقتصادي بين باريس وعواصم المنطقة، تقدم، في مجملها، فرصة لإعادة تشكيل هذا السياق الجغرافي حيث سيحتل المغرب موقع الريادة من خلال المبادرات الاستراتيجية المعلنة والتي بدأ في تنفيذها عمليًا.

يذكر أن هذه المبادرة الملكية تم الإعلان عنها في الخطاب الذي وجهه الملك إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء، والذي أكد فيه الملك على أن “المشاكل والصعوبات، التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط؛ بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة”.

ومن أجل تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، قال الملك “نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي”. كما شدد محمد السادس على أن نجاح هذه المبادرة يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي.

وفي هذا الإطار، تفتح المبادرة الملكية المجال أمام بلدان الساحل، التي ليس لها منفد على البحر، للولوج إلى البنيات التحتية الطرقية والمينائية للمملكة. إن هذا الانفتاح، هو ما أكد عليه الملك بشكل صريح عندما قال إن “المغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، والطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة تلك الدول دعما لهذه المبادرة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *