خارج الحدود

إسرائيل أمام محكمة العدل: حماس تريد إبادتنا.. وخبير: مرافعة تل أبيب ضعيفة

بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي اليوم الثاني من جلسات الاستماع في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل لارتكابها جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وتطالب فيها بوقف فوري للحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ 98 يوما.

وفي مرافعته أمام المحكمة، اليوم الجمعة، قال المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تال بيكر، إن مطالبة جنوب أفريقيا بوقف فوري للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة ستترك إسرائيل عاجزة عن الدفاع عن نفسها.

وقال بيكر ردا على اتهامات جنوب أفريقيا لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في حربها على غزة، إن “حماس تسعى إلى إبادة جماعية لإسرائيل”.

واتهم بيكر جنوب أفريقيا بـ”السعي إلى تقويض حق إسرائيل الأصيل في الدفاع عن نفسها، وجعلها عاجزة عن الدفاع عن نفسها”، مدعيا أن الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا للمحكمة، قدمت صورة مشوهة ومغلوطة للأحداث.

وقال المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن ما تقوم به إسرائيل في غزة دفاع عن النفس في مواجهة حركة حماس، وإن وقف العمليات العسكرية سيمنع إسرائيل من الدفاع عن نفسها، مشيرا إلى أن جنوب أفريقيا تتمتع بعلاقة وثيقة مع حماس.

وادعى أن إسرائيل تمتثل للقانون “لكنها تفعل ذلك في مواجهة ازدراء حماس المطلق للقانون”، وفق تعبيره.

وفي سعيه إلى تفنيد ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم إبادة جماعية في غزة، قال بيكر إن العنصر الرئيسي الذي يصنف على أساسه ما يجري إبادة جماعية هو “نية تدمير شعب كليا أو جزئيا، وهو غير موجود على الإطلاق” في حرب إسرائيل على غزة.

من جهته، قال رئيس فريق الدفاع عن إسرائيل في هذه القضية البروفيسور البريطاني مالكولم ناثان شو، خلال مرافعته أمام المحكمة، إن الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي يمثل إبادة حقيقية للإسرائيليين.

وقال إن جنوب أفريقيا تؤسس دعواها في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث ذكرت أهمية وضع أعمال الإبادة في سياق ما يتعرض له الفلسطينيون منذ 75 عاما.

وتساءل: “لماذا التوقف عند 75 عاما؟ لماذا لا تشير جنوب أفريقيا إلى عام 1922 عندما وافقت على الطلب البريطاني في 1917 وإعلان وعد بلفور”.

وقال إن السياق الحقيقي للدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا هو أحداث السابع من أكتوبر الأول الماضي والهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل.

وطالب الفريق القانوني المدافع عن إسرائيل المحكمة باحترام حقوق كل الأطراف وموازنة مصالحها قبل إصدار تدابير احترازية تتعلق بوقف العمليات العسكرية، مؤكدا أن الحقائق القائمة لا تستدعي تطبيق الإجراءات الاحترازية التي تطالب بها جنوب أفريقيا.

مرافعة ضعيفة

وفي تعليق على الموضوع، قال الخبير في القانون الدولي، الدكتور سعد جبار، إن مرافعة فريق دفاع إسرائيل، اليوم الجمعة أمام محكمة العدل الدولية، بدت ضعيفة للغاية وبها ثغرات كبرى، متوقعا إصدار المحكمة تدابير احترازية خلال أسابيع.

وأوضح في حديثه للجزيرة، أن ممثل الدفاع الإسرائيلي كشف عن ضعف واضح خلال الرد على دعوى جنوب أفريقيا في لاهاي، مشيرا إلى أنه كرر التصريحات الرسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه من حق تل أبيب الدفاع عن نفسها ومواطنيها.

واعتبر إلى أن محامي الدفاع الرئيسي لإسرائيل أعطى انطباعا أن تل أبيب ستطالب بعدم “اختصاص للمحكمة”، وهناك مؤشرات واضحة بأنها ستحاول بكل جهدها ألا تسمح للدعوى أن تمر للنظر في جوهرها من خلال الطعن بأسباب شكلية وعدم استيفاء جنوب أفريقيا لشروط الدعوى.

ولفت إلى أن إسرائيل تحاول الادعاء أنه لا يوجد وجه لدعوى الإبادة الجماعية من الناحية الشكلية، كما أنه ليس من حق المحكمة أن تأمر إسرائيل بالمرحلة الحالية بإجراءات مؤقتة، مؤكدا أن هذا أكبر تخوف لديها.

ونبه إلى أن الدفاع الإسرائيلي يريد مطالبة المحكمة -بشكل غير مباشر- بأنه لا اختصاص لها بإصدار إجراءات مؤقتة، لكنه استدرك بالقول إن المحكمة لن تقبل مطلب إسرائيل، وستنظر بطلب جنوب أفريقيا، ولن تجد مفرا سوى بإصدار تدابير احترازية.

وفي حال حدث هذا، وفق جبار، فإنه يعتبر انتصارا حقيقيا، ويزيد الضغوط إقليميا وعالميا على إسرائيل، وسيجد حلفاء الأخيرة أنه من الصعب الاستمرار بدعمها، لأن محكمة العدل الدولية منبر قضائي قوي ولديها نفوذ كبير.

وشدد جبار على أن دعوى الإبادة الجماعية ملزمة دوليا أكثر من القرار الاستشاري مثلما حدث بقضية جدار الفصل العنصري بالضفة الغربية حيث كان رأيها آنذاك استشاريا، قبل أن يقول إن عدم تنفيذ أوامر المحكمة من طرف إسرائيل “أمر آخر”.

وأشار إلى أن المحكمة لن ينطلي عليها حيل إسرائيل أو حلفائها بالمطالبة بوقف القتال، مبديا قناعته بأنها ستصدر قرارها على طلب جنوب أفريقيا العاجل، خلال فترة تتراوح ما بين 4 و8 أسابيع.

محاكمة “تاريخية”

وانطلقت صباح أمس الخميس، أولى جلسات محاكمة إسرائيل بمحكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، في دعوى قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

وخلال مرافعتها الأولية، قدمت جنوب إفريقيا أدلة وصور ومعطيات متكاملة حول ارتكاب إسرlئيل لإبادة جماعية بحق سكان غزة.

وقالت جنوب إفريقيا إن “المجتمع الدولي خذل مرارا شعوب رواندا والبوسنة والهرسك والروهينغيا، ويستمر في خذلان الفلسطينيين”.

وقبيل الجلسة، تجمع عشرات المؤيدين لفلسطين أمام مبنى المحكمة، رافعين علم فلسطين وهتفوا بـ”وقف فوري لإطلاق النار” في غزة.

وفي أولى ردود الفعل، وصفت وزارة الخارجية الفلسطينية، خطوة جنوب إفريقيا بمحاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية بأنه “حدث تاريخي”.

وطالبت فلسطين “الدول الشقيقة والصديقة، المتسقة مع مبادئها ومبادئ القانون الدولي، لدعم جنوب إفريقيا وخطوتها أمام محكمة العدل الدولية، وأن تقدم مرافعتها للمحكمة بعد الانتهاء من التدابير الاحترازية، والمؤقتة، انتصارا للعدالة ومنعا للإبادة”.

من جانبها، أعلنت جامعة الدول العربية تأييدها “الكامل” للدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة “ارتكاب جرائم إبادة جماعية”، و”خرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948”.

وفي الضفة الغربية، نظم مئات الفلسطينيين وقفات في تقديرا لخطوة جنوب إفريقيا رفع دعوى ضد إسرائيل بتهمة “ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية” في قطاع غزة.

وتقدمت جنوب إفريقيا بدعوى من 84 صفحة، في 29 دجنبر الماضي، تعرض خلالها دلائل على انتهاك إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتورطها بـ”ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.

ووافقت إسرائيل على المثول أمام المحكمة بذريعة أنها تريد “دحض” ما وصفتها بالاتهامات “السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني”.

ومن المتوقع أن تقرر المحكمة، وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لاحقا، كيفية سير مداولاتها في هذه القضية.

ويشن الاحتلال عمليات إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي، خلفت إلى حدود اليوم الخميس، استشهاء أزيد من 23 ألف شخص وفقدان 8000 آلاف آخرين، إلى جانب و59 ألف مصاب، مع دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

* الجزيرة / وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *