اقتصاد

بعد إعفاء بعض المنتجات من أداء الضريبة.. هل ستنخفض أسعارها؟

دخلت الإعفاءات الضريبية على القيمة المضافة لمجموعة من المنتجات الاستهلاكية حيز التنفيذ خلال الشهر الجاري، وشملت هذه الإعفاءات الهادفة إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين وخفض أثمان مجموعة من المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، أربع مجموعات أساسية ويتعلق الأمر بالزبدة من أصل حيواني، ومصبرات السردين ومسحوق الحليب بالإضافة إلى الصابون المنزلي.

وتم إعفاء منتجات الزبدة المشتقة من أصل حيواني من أداء الضريبة على القيمة المضافة التي كانت محددة فيما سبق في 7 بالمائة، ونفس الأمر شمل كل من مصبرات السردين، ومسحوق الحليب والصابون المنزلي، والتي تم إعفائها أيضا من أداء ضريبة قيمتها 7 بالمئة.

كل هذه الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة تطرح مجموعة من التساؤلات حول التزام التجار سواء أصحاب المحلات الكبرى، “الأسواق المركزية” أو المحلات الصغرى “تجار القرب”، بخفض أثمنة هذه المنتجات بعد إعفائها من أداء الضريبة على القيمة المضافة. 

سلسلة “بيم” التركية أعلنت قبل أيام عن خفض الضريبة على القيمة المضافة على 24 منتج شمل في بالأساس المنتجات الغذائية، والتي تشكل جزء كبير من قفة المشتريات اليومية للمواطنين. 

وتم تخفيض الضريبة على القيمة المضافة من 14 بالمئة إلى 0 بالمئة بالنسبة لـ 3 منتجات، فيما تم خفض الضريبة من 7 بالمئة إلى 0 بالمئة على 21 منتجا. 

وحسب المصدر ذاته فإن هذا الإجراء من شأنه أن يقلص النفقات بنسبة 6.5 بالمئة، ما سيساهم في توفير وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين. 

المواطن هو الحكم 

بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أوضح في تصريح لـ “العمق” أن تطبيق الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة لم يلمس بعد على أرض الواقع، ومراقبة مدى احترام المحلات التجارية للإجراءات المتخذة على مستوى خفض الضريبة، ومدى انعكاسها على انخفاض أثمنة المنتجات المعنية يظل أمرا صعبا. 

واعتبر المتحدث أن المستهلك هو من له القدرة الحقيقية على المراقبة من خلال احتساب وحذف القيمة التي أعفيت منها المنتجات المعنية، مشيرا إلى أن الإشكال المطروح هو حق التاجر في بيع منتجاته بالثمن الذي يناسبه، وهو ما يدخل في إطار حرية المنافسة والأسعار، شريطة أن يلتزم بإشهار الأسعار. 

وفي ختام تصريحه شدد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن المواطن عليه لعب دور كبير فيما يتعلق بالتبليغ عن التجاوزات، كما أن السلطات المعنية من واجبها مراقبة أصحاب المساحات الكبرى والمتوسطة ومحلات القرب لاحترام الإجراءات المتخذة وخفض الأثمان. 

منافسة غير شريفة 

من جانبه اعتبر أحمد أفيلال، رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، أن تجار القرب يلعبون دورا محوريا، خاصة على مستوى تقديم بعض الخدمات الإجتماعية “الكريدي”، مشيرا إلى دخول بعض الشركات الأجنبية إلى السوق المحلي وافتتاحها فروع لها داخل الأحياء الشعبية أضحى يشكل  منافسة غير شريفة بالنسبة لتجار القرب. 

وأوضح المتحدث أن خفض الأثمان يستوجب إنشاء مراكز شراء تمكن تجار القرب من اقتناء منتجاتهم بأثمنة مناسبة، من أجل منافسة المحلات ذات المساحات الكبيرة والمتوسطة، مشددا على أن الإعفاء الكلي أو الجزئي من الضريبة على القيمة المضافة غير كافي من أجل عمل هذه المحلات على خفض أثمنة المنتجات التي يشملها قرار الإعفاء من الضريبة.  

وتابع: المحلات الكبرى والمتوسطة القادمة من الخارج تستورد منتجات ذات أثمنة منخفضة بالأساس، بالإضافة إلى حصولها على الدعم من طرف دولها الأم، ما يجعل المنافسة غير شريفة بينهم وبين تجار محلات القرب التي لعبت دورا أساسيا أثناء جائحة كوفيد-19.

ملاحظة التغيير يحتاج للوقت 

زكريا فيرانو، محلل اقتصادي، أشار بدوره إلى أن الحكومة خلال مشروع قانون المالية لسنة 2024، تسعى إلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة بعد الموجة التضخمية التي شهدتها مختلف دول العالم والمغرب لم يشكل استثناء. 

وأوضح المتحدث في تصريح لـ “العمق” أن قانون المالية جاء بمجموعة من التخفيضات وإعفاء بعض المنتجات من أداء الضريبة على القيمة المضافة، كالزبدة من أصل حيواني والتي عرفت ارتفاعا كبيرا داخل الأسواق وصلت لأزيد من 10 بالمئة. 

بالإضافة إلى ذلك فإن الإعفاءات ستشمل مجموعة من المواد الأخرى، حسب ما أكده المتحدث ويتعلق الأمر بكل من الأدوية والأدوات المدرسية، ما سينعكس على المعيش اليومي للمواطنين كما سيخفض ولو بشكل نسبي الفاتورة التي يؤديها.

واعتبر زكريا، أن قانون المالية عرف مراجعة ورفع الضريبة على مجموعة القطاعات والأخرى ويتعلق الأمر بالسيارات الكهربائية، والأجهزة المائية وغيرها ما سيؤدي إلى تضرر القدرة الشرائية مرة أخرى، واستدرك المتحدث بالقول، إن جميع المؤشرات الصادرة عن مختلف المؤسسات تؤكد انخفاض الأثمنة على المستوى العالمي ما يؤدي إلى تراجع الأسعار على المستوى الوطني أيضا، وبالتالي سينعكس مباشرة على القدرة الشرائية للمواطن.

وفيما يتعلق بتنزيل هذه التعديلات على أرض الواقع، أوضح  أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن النتائج الفورية لا يمكن ملاحظتها بداية من الشهر الجاري، خاصة وأن سلاسل التوزيع تأخذ وقت، ويجب الانتظار من أجل ملاحظة الفرق، مشيرا إلى وجود بعض المنتجات التي يمكن أن يكون لهذه التعديلات وقع مباشر عليها مثل الحليب والزبدة، إلا أن هنالك منتجات يتم اقتنائها بشكل موسمي مثل الأدوات المدرسية.  

وأكد المتكلم في ختام تصريحه أن اقتصاد السوق يحتم وجوب اتباع قوانين المنافسة الشريفة، ما يجعل المواطن أكثر استفادة، مشددا وجوب مراقبة الأسواق والأسعار من قبل الهيئات المعنية بالأمر من أجل الوقوف عند أي تجاوزات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *