خارج الحدود

ورقة علمية تضع قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل في ميزان جدلية السياسي والقضائي

سجلت ورقة علمية صادرة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، أن قرار المحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، كان محصلة لتنازع اعتبارين اثنين، هما “الاعتبار السياسي من الناحية القانونية والنزاهة القضائية من ناحية ثانية”.

وتوقفت الورقة العلمية التي أنجزها الباحث والأكاديمي الأردني وليد عبد الحي، على تأثير الدول في قرارات قضاة محكمة باعتبارهم مندوبي هذه الدول في المحكمة وأن اختيارهم يتم من طرف الدول نفسها.

وأشار إلى انتماء قضاة المحكمة التي أصدرت القرار بخصوص الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في موضوع الإبادة الجماعية بقطاع غزة، حيث “يغلب على هؤلاء القضاة أنهم إما كانوا موظفين في وزارة الخارجية أو وزارة العدل في بلادهم (7 منهم)، أو ممثلين لبلادهم في الأمم المتحدة (3 منهم)، أو أكاديميين وعملوا في هيئات قضائية (5 منهم)”.

وأشار الأستاذ الجامعي سابقا والرئيس الأسبق لقسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك، إلى أن “أغلب ترشيحات القضاة تأتي من الدول، وهو ما ينطوي على احتمال التواطؤ بين الدولة ومرشحها”.

الورقة العلمية المعنونة بـ “قرار محكمة العدل الدولية بين الحياد القانوني والضغط السياسي في معركة طوفان الأقصى”، والتي اطلعت جريدة “العمق” على مضامينها، شددت على أن “النزاهة القضائية واحتكام القاضي لضميره يُعدّان شرطاً ضرورياً لتحقيق العدالة في كل مستويات القضاء المحلي أو الدولي”.

وخلصت الورقة استناداً لنتائج معامل الارتباط الإحصائي بين مواقف الدول ومواقف القضاة إلى أن “المعيار السياسي يعلو على النزاهة القضائية لكنه لا يلغيه، وهو ما يجعل القرارات شكلاً من أشكال التكييف القانوني مع الاعتبارات السياسية”.

وذهب الورقة إلى أن “الاتصالات الأخيرة الأمريكية مع جنوب إفريقيا قبل صدور قرار المحكمة في موضوع الإبادة الجماعية في قطاع غزة قد تكون جزءاً من “الاعتبارات السياسية” في صياغة القرارات، وأن مناقشات الغرف المغلقة ربما كان لها دورها في ذلك إلى الحد الذي جعل بعض فقهاء القانون الدولي يرون صعوبة التغاضي عن الاعتبارات السياسية في قرارات المحكمة”.

وتوقف عبد الحي على الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا قرار محكمة العدل الدولية معتبرا أن “لها أهمية خاصة من حيث رمزية جنوب إفريقيا في الذهن العالمي، فهي دولة خَبِرَت الاستعمار الاستيطاني وأقسى أشكال العنصرية، كما أسهم المجتمع الدولي في مساندتها للتخلص من ذلك الاستعمار، ناهيك عن أنها تمثل إحدى القوى الإفريقية المهمة، وتختزن النخبة الحاكمة الحالية في جنوب إفريقيا في ذاكرتها السياسية أشكال الدعم الإسرائيلي المختلفة لحكومة الاستعمار الاستيطاني لها”.

أما فيما يخص أبعاد ما بعد القرار، فقد رأى الباحث أن القرار “وإن لم يتضمن شروطاً واضحة بخصوص وقف إطلاق النار إلا أن قبول الدعوى والإجراءات التي طلبها القرار من إسرائيل، وخصوصاً تقديم تقرير عن مدى الالتزام الإسرائيلي بمطالب المحكمة خلال شهر، يمثل جانباً مهماً من قرارات المحكمة”.

وتوقع أن “يدفع التقرير الذي يجب على إسرائيل أن تقدمه للمحكمة حكومة نتنياهو إلى خطوتين، في حال قامت بتقديمه، أولهما أن تحاول إسرائيل الظهور بمظهر أقل خشونة في عملياتها العسكرية بهدف غواية المحكمة نحو عدم اتخاذ قرارات تتضمن مخالفات جديدة”.

أما الخطوة الثانية، التي توقعتها الورقة العلمية “فهي أن تعمل على استغلال قرار المحكمة بالإفراج عن المحتجزين، وهو ما يستوجب على المقاومة وجنوب إفريقيا ومن انضم إليهما، إثارة موضوع الأسرى الذين اعتقلتهم إسرائيل في غزة خلال الحرب على أقل تقدير، ناهيك عمن كان معتقلاً قبل الحرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *