اقتصاد

تساؤلات ترافق عدم انخراط شركات بيع الماء والمشروبات الكحولية في مشاريع تحلية مياه البحر

للتخفيف من وطأة شح المياه بفعل الجفاف الذي يعاني منه المغرب، نتيجة أسباب طبيعية منها توالي سنوات قلت فيها التساقطات المطرية وارتفاع درجة الحرارة، وأسباب تدبيرية تتعلق بتوجه السياسات الفلاحية نحو الزراعات المستنزفة للفرشة المائية، تحاول الحكومة القيام بمجموعة من الإجراءات، أهمها يتعلق بتحلية مياه البحر.

ولم يسمع في سياق هذه المجهودات الحكومية والرسمية التي ستكلف الدولة ميزانيات ضخمة، من شركات تعليب المياه والمشروبات الغازية وحتى الكحولية أية مبادرة للانخراط في هذا العمل رغم أنها تستهلك نسبا جد كبيرة من المياه، بل إن المياه عمود نشاطها الاقتصادي. كما أن الحكومة لم تفكر في فرض ضريبة أو أية إجراءات على هذه الشركات.

وكشفت معطيات جمعتها “العمق” من مصادر رسمية متفرقة، أن المغرب يتوفر حاليا على 14 محطة لتحلية مياه البحر، تصل إنتاجيتها إلى 192 مليون متر مكعب في السنة. و6 محطات في طور الإنجاز بقدرة إنتاجية مرجح أن تناهز 135 مليون متر مكعب في السنة.

وحسب المعطيات التي رصدتها الجريدة، سيتم برمجة 16 محطة أخرى، بهدف الوصول إلى 1490 مليون متر مكعب من المياه في السنة، في إطار استراتيجية المغرب التي تروم تعبئة الموارد المائية غير الاعتيادية لمواجهة الجفاف والإجهاد المائي.

ميزانيات ضخمة

فيما يخص ميزانيات هذه المحطات، وعلى سبيل المثال، فقد منحت لمجموعة “أكوا” المغربية والشركة الإسبانية “أكسيونا” صفقة إنجاز وصيانة محطة لتحلية المياه بالدار البيضاء، قيل إنها أكبر محطة لتحلية مياه البحر بإفريقيا، بغلاف مالي قدره حوالي 800 مليون أورو.

أما وحدة تحلية مياه البحر المنجزة بمنطقة الدويرة بالجماعة الترابية إنشادن، إقليم شتوكة آيت باها، فقد وصلت تكلفتها، حسب الوزارة المعنية، لـ4٫48 مليار درهم، بهدف تأمين الري في منطقة اشتوكة وتزويد مدينة أكادير بالماء الصالح للشرب.

دعوات للانخراط

في تعليق له على عدم مساهمة شركات المياه والمشروبات الغازية والكحولية، شدد عضو المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام، محمد الهروالي، على أنه من واجب هذه الشركات أن تنخرط في البرامج الحكومية لمواجهة الإجهاد المائي الذي يعاني منه المغرب.

وشدد محمد الهروالي، على أن الأزمة المائية التي تعيشها المغرب تحتاج لقررات صارمة تجاه الشركات المستنزفة للفرشة المائية، وعلى رأسها شركات تعليب المياه وبيه لمشروبات الغازية وشركات الكول، مشيرا إلى أن أنشطتها “تدر أرباحا كبيرة تفرض عليهم القيام بالمساهمة في مشاريع تحلية المياه”.

قرارات “خاطئة”

وزاد الهروالي في تصريح لجريدة “العمق”، أنه عوض التوجه لكبار مستنزفي الثروات المائية، اكتفت الحكومة بـ”معاقبة فئات اجتماعية بقرارات ستضر بها، وستعمق معاناتها المعيشية”. في إشارة منه إلى قرار إغلاق الحمامات لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع.

وتابع أنه “لا يخفى على أحد أن المشكل في ندرة المياه، تعود لأسباب مختلفة، منها الجفاف الذي تعرفه البلاد”، لكن هذا لا ينفي أن هناك مشاكل في التدبير تتعلق بـ”حفر الآبار في عدة أقاليم بدون تراخيص ودون احترام الشروط القانونية المعمول بها، ناهيك عن استعمال مياه الشرب في المسابح داخل الإقامات الخاصة والفيلات والفنادق، وملاعب الكولف”.

هنا ينب المتحدث من أن تكون قرارات الحكومة موجهة لفئات اجتماعية لا تستنزف المياه بالشكل الذي تستنزفه شركات ومؤسسات خاصة، لأن بهذه الطريقة “لن يتم تجاوز الإجهاد المائي”، وفق تعبيره.

تحريات ميدانية

وشدد المتحدث على أن مواجهة الإجهاد المائي تحتاج لردع الجميع بدون استثناءات، وإجراء تحريات ميدانية في الموضوع، للكشف عن من يستهلك الماء بدون موجب حق.

وأشار إلى أن هناك شركات تحقق أرقام معاملات وصفها بـ”الفضائية، ولا تنعكس على عدد العاملين بها بحكم اعتمادها على المكننة”، كشركات إنتاج المشروبات الكحولية والغازية وشركات تعليب المياه.

وقال إن هذه الشركات تقوم ببيع منتجاتها للمستهلك المغربي بـ”أضعاف مضاعفة لنظيرتها في أوروبا”.

وشدد على ضرورة إلزام هذه الشركات بالمساهمة في المشاريع الوطنية لتحلية المياه بدل التركيز على عاملي الحمامات الذين يوفرون قوت يومهم، وقوت أسرهم، خصوصا مع الظرفية الراهنة المسومة بقلة فرص الشغل وغلاء المعيشة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *