سياسة

يحياوي: محاربة تضارب المصالح والابتزاز والإثراء غير المشروع كفيل بتخليق الحياة السياسية

اعتبر أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بجامعة الحسن الثاني، مصطفى يحياوي، أن تخليق الحياة السياسية والبرلمانية بحسب ما ورد في الرسالة الملكية، مقاربة أخلاقية مشروطة بإطار اخلاقي ملزم لممارسة الانتداب الانتخابي والسياسي.

وشدد على ضرورة اعتماد  هذا التخليق على إطار قانوني ملزم تقاس كفاياته بحسب درجة استباقه لكل ما يمكنه أن يحيد أو يخالف ما يقتضيه مبدأ الاستقامة المقاس بربط المسؤولية بالمحاسبة والتقييم.

وأشار يحياوي إلى ما سماه بالظواهر التي يمكن أن تؤدي إلى تخليق الحياة السياسية والبرلمانية، وهي تضارب المصالح، الابتزاز والرشوة، الإثراء غير المشروع، وهي أمور حاضرة في عمق الرسالة الملكية بتاريخ 17 يناير، وفق تعبيره.

كما لفت في معرض مشاركته في برنامج “مباشرة معكم” الذي يقدمه الزميل جامع كلحسن بالقناة الثانية، الأسبوع الماضي إلى أن المغرب بدأ منذ ستينيات القرن الماضي في تجربة مصلحة الوطن، والملك محمد السادس يؤكد على ضرورة تحصين هذه التجربة من خلال الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني والتنظيمات النقابية المستقلة.

وأوضح الجامعي ذاته أنه لا يمكن الحديث عما يحدث الآن دون ربطه بحملات التطهير التي قامت بها الدولة في وقت سابق خلال سنوات 71، 72، لتأمين المنافسة وجلب الاستثمارات، و96 التي همت محاربة التهرب الضريبي، وصولا إلى حملة 2023 التي استهدفت محاربة تبييض الأموال  والتي تتجلى خطورتها على الأحزاب ولا على الدولة نفسها.

وفي وقت سابق، دعا الملك محمد السادس، إلى تخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم، وتحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، فضلا عن العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة، وتعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسات التمثيلية.

وشدد الملك في الرسالة التي وجهها إلى البرلمانيين بمناسبة تخليد الذكرى الستين لإحداث برلمان المملكة المغربية، وتلاها رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي، على ضرورة تغليب المصالح العليا للوطن وللمواطنين على غيرها من حسابات الحزبية، مؤكدا أن تخليق الحياة البرلمانية والرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة وتعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسات التمثيلية يعد أبرز التحديات التي ينبغي رفعها للسمو بالعمل البرلماني.

ودعا عاهل البلاد إلى “تعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر الى المؤسسات التمثيلية، وبموازاة ذلك ينبغي التأكيد على الدور الحاسم الذي ينبغي أن يطلع به البرلماني في نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون وتكريس ثقافة المشاركة والحوار وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة”، مبرزا أن “هذه كلها رهانات ينبغي العمل جديا على كسبها، خاصة في سياق ما ينجزه المغرب من أوراش إصلاحية كبرى ومشاريع مهيكلة، سيكون لها بالغ الأثر لا محالة، في تحقيق ما نتطلع إليه من مزيد التقدم والرخاء لشعبنا العزيز”.

وأشار الملك إلى أن العمل البرلماني وديمقراطية المؤسسات التمثيلية حققت نضجا كبيرا على مستوى الاختصاصات وممارستها، وكذا من خلال الانفتاح على المجتمع المدني، وفي تنظيم وتدبير العمل البرلماني، وكذا إبرام شراكات مع برلمانات وطنية أخرى، إلا أنه بالرغم مما تم تحقيقه في هذا المجال، يضيف الجالس على عرش المملكة، “فإنه ينبغي مضاعفة الجهود للارتقاء بالديمقراطية التمثيلية المؤسساتية إلى المستوى الذي نريده لها، والذي يشرف المغرب”.

وشدد الملك على أن النموذج البرلماني المغربي تأسس وفق رؤية سياسية متبصرة تقوم على التدرج ومراكمة الإصلاحات الدستورية المتواصلة، والحرص على مشاركة القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحية، مؤكدا أن الديمقراطية ليست وصفة جاهزة، أو نموذجا قابلا للاستيراد، وإنما هي بناء تدريجي متأصل، مستوعب للتعددية والتنوع، متفاعل مع السياق الوطني وخصوصيات كل بلد، دون تفريط في المعايير الكونية للديمقراطية التمثيلية.

وتناول الملك في رسالته مختلف محطات تطور العمل البرلماني بالمغرب، منذ استرجاع استقلال البلاد، مرورا بالإصلاحات الدستورية المتعاقبة، وصولا إلى دستور 2011، الذي شكل عنوانا للاستثناء المغربي في الإصلاح، مشيرا إلى أن بلادنا كانت سباقة في دسترة الديمقراطية التشاركية والمواطنة، وأدوار المجتمع المدني، وحق المواطنات والمواطنين في تقديم ملتمسات في مجال التشريع، وعرائض للسلطات العمومية، مؤكدا أن الدبلوماسية البرلمانية المغربية تلعب دورا مهما في الدفاع عن المصالح والقضايا العادلة لبلادنا، بما في ذلك قضية وحدتنا الترابية.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *