مجتمع

قانون بريطاني يمنع استحواذ الدول الأجنبية على الإعلام المحلي يعيد نقاش السيادة الإعلامية للواجهة

الخبير عبد الوهاب الرامي يناقش كيفية حماية استقلالية الإعلام من رؤوس الأموال الخارجية

أعاد النقاش الحالي الدائر بالمملكة المتحدة، حول اعتماد قانون يمنع استحواذ أي دولة أجنبية على وسائل إعلامية محلية، نقاش السيادة الإعلامية للواجهة.

وأعلن ستيفن باركنسون، عضو مجلس اللوردات المكلف بشؤون الإعلام، في وقت سابق عن نية الحكومة المحافظة في تعديل قانون مقترح يهدف إلى “منع أي دولة أجنبية من امتلاك صحيفة بريطانية”. وأضاف المتحدث باسم الحكومة قائلا: “هذه الخطوة ستوفر حماية إضافية للصحافة الحرة، إحدى ركائز ديموقراطيتنا”.

ضجة اشتعلت شرارتها الأولى مع إعلان الشركة العالمية للاستثمارات الإعلامية في أبو ظبي “ريدبيرد آي ام آي”، نيتها الاستحواذ على صحيفة ديلي تلغراف المحافظة، ومجلة سبكتاتور الأسبوعية التابعة لها، حيث توصلت الشركة نهاية العام المنصرم، إلى اتفاق مع عائلة باركلي، مالكة مجموعة “تلغراف ميديا غروب” البريطانية، لسداد ديونها مقابل الاستحواذ على المجموعة، في صفقة بلغت قيمتها 1,2 مليار جنيه استرليني (1,5 مليار دولار).

خطوة أثارت ردود فعل قوية داخل الأوساط الإعلامية البريطانية، ما دفع حكومة المملكة المتحدة إلى فتح تحقيق رسمي في عملية البيع، وذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، خاصة وأن عملية الاستحواذ المحتملة على تليغراف، ذات النفوذ السياسي، “تثير تساؤلات حول استقلالية وسائل الإعلام ودور المستثمرين الأجانب في الاستحواذ على أصول بما يمكن أن يقوض حرية الصحافة”.

واعتبر رئيس مجلة “سبكتاتور” أندرو نيل، في تصريح لشبكة سكاي نيوز، أن تبني مشروع بشأن منع تملّك الحكومات الأجنبية يُعدّ “خطوة في الاتجاه الصحيح”، لكنه رأى أن الحكومة “تأخرت” في اتخاذ خطوة من هذا النوع يدعو إليها منذ فترة طويلة.

المخاوف المعبر عنها لم تأت من فراغ، فالعديد من المتتبعين للشأن الإعلامي يعتبرون أن امتلاك حصص كبيرة داخل مؤسسة إعلامية تابعة لدول أخرى، يمكن أن يساهم في فرض نفوذ تحريرية معينة، كما يمكن أن يؤثر على حرية التعبير والمصلحة العامة ودقة الأخبار، ناهيك عن إمكانية تسخير الوسيلة الإعلامية لخدمة أجندات خارجية، ما يؤثر على نزاهتها ومصداقيتها.

تعليقا حول هذا الموضوع، اعتبر أستاذ التعليم العالي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، عبد الوهاب الرامي، أن الدول تمتلك قوانين تؤطر هذه العملية -مساهمة جهات أجنبية في رؤوس أموال مؤسسات إعلامية وطنية- وذلك من أجل حماية الخطوط التحريرية للوسيلة الإعلامية، خاصة وأن الأخيرة تهدف إلى تقديم خدمة عمومية.

واعتبر المتحدث في تصريح لـ “العمق”، أن التدخل في هيكلة رئاسة التحرير للمؤسسة من قبل المستثمرين الأجانب بغرض خدمة توجهات نفعية، يعطي للجريدة الحق في الوقوف أمام دخول رؤوس الأموال هذه، التي ستجعلها تنزاح عن مهمتها الأساسية المتمثلة في الإعلام والإخبار والتثقيف.

وأوضح الخبير، أن الإعلام يدخل في إطار المنتجات الثقافية، وأنه في سياق المد العولمي والتبادل الثقافي تم سن بعض القوانين من قبل بعض الدول كفرنسا، من أجل حماية الهوية الثقافية للبلاد، مضيفا أن هيمنة الرأس المال الأجنبي من الممكن أن يشكل مدخلا “للتدخل في الرأي العام”، لذلك توجد بعض القوانين للحماية من التأثير في السياسات الثقافية الإعلامية داخل بلد معين.

وفي ختام حديثه، طرح أستاذ التعليم العالي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، عبد الوهاب الرامي، سؤالا حول كيفية حماية استقلالية هيئة التحرير من رؤوس الأموال الخارجية؟

هذا، وقد وقع 100 مشرع من جميع الأحزاب البريطانية رسالة إلى وزيرة الإعلام لوسي فريزر، يعارضون فيها استحواذ مجموعة “ريد بيرد آي ام آي” على صحيفة “ذي تلغراف” ذات الميول اليمينية ومجلة “سبكتاتور” السياسية، وأعرب المشرعون في رسالتهم عن مخاوفهم من إمكانية تعرض الصحيفة والمجلة للرقابة والتدخل في سياستهما التحريرية بعد الاستحواذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *