مجتمع

عيد الأضحى مناسبة دينية لم تسلم من طقوس الشعوذة

في صورة متناقضة يلجأ بعض المغاربة لممارسة طقوس الشعوذة والسحر في المناسبات الدينية التي تعرف بقداستها، وينتهز بعض الأشخاص عيد الأضحى المبارك للقيام ببعض الطقوس الغريبة التي تتخذ منحى الأعمال الشيطانية، منجرفين بذلك وراء أوهام وخرافات توارثوها منذ زمن بعيد، والتي تمكن الفرد، في اعتقادهم، من جلب المنافع أو الأضرار لنفسه أو لغيره حسب الطلب.

وتحيى تلك الطقوس في أيام عيد الأضحى في الأضرحة و في منازل “الشوافات” الذين يعتبرون أن دم أضحية العيد يمكن أن يقدم قربانا لملوك الجن، والتقرب منهم أكثر ليحققوا رغبات الإنسان.

وتتعدد قصص الشعوذة ويختلف سبب اللجوء للسحر من شخص لأخر، ونذكر منها استعمال دم الأضحية مباشرة بعد عملية النحر، كما تقوم بذلك سمية 36 سنة، القاطنة بمدينة تارودانت، وأخواتها الثلاث العازبات للتخلص من شبح العنوسة وطرد كل عمل شيطاني يقف أمام زواجهن.

تقول مريم، الحاصلة على إجازة في الأدب العربي، ” في كل عيد تقوم أمي بملأ إناء من دم الأضحية بعد ذبحها وتمسح به على رقبتي وثديي ووجهي وتردد أدعية وعبارات لجلب زوج وطرد النحس”، معتبرة هذه الأعمال “سحرا حلالا” لأنه لا يؤدي شخصا أخر.

وتؤمن مريم وأمها وأخواتها بهذه الخرافات رغم كونها إنسانة متعلمة ورغم استعمالها لدم الأضحية منذ 10 سنوات، “المرأة فوق 30 سنة “بايرة” و فاتها قطار الزواج وكون البنت غير متزوجة في تقاليدنا عيب و”مصيبة” ويجب أن نستخدم جميع الطرق المشروعة وغير المشروعة لتخطي الوضع”، تقول مريم.

وفي نفس الإقليم وتحديدا جماعة حد إيمولاس، تقطن خديجة 29 سنة التي زج بها هي الأخرى في طوابير العنوسة والتي تستخدم أضحية العيد لجلب الحبيب والزواج به، حيث تقوم بوضع الحناء التي زينت منها يديها على أطراف الخروف ورأسه قبل نحره.

خديجة، التي غادرت المدرسة في السادس ابتدائي، لا تقف عند تزيين الخروف بالحناء بل تشرب أولى قطرات دمه، صبيحة العيد، اعتقادا منها أن الدماء لها قدرة على منع الحسد وفك السحر، كما تقوم جدتها بمسح كميات من الدماء في إزار ليلتحف به جارهم الذي يعاني من “مس الجن”.

واعتبرت أم خديجة، في تصريح لـ”العمق”، أنهم ” لا يقومون بأضرار لأحد ما بتلك الأعمال ولا تتناقض مع الإسلام لأن الله يقول “سبب أعبدي وأنا نعاونك”، مشيرة أن النساء في عدد من المناطق المجاورة يستخدمن الدم على الوجه لضمان نضارته وجماله وليس فقط لأغراض السحر بل لأغراض تزينية كذلك.

الركوب فوق ظهر الكبش شكل أخر من أشكال الخرافات التي تعتقد (س.ك) المنحدرة من مدينة أكادير، 45 سنة، أنه يساعد على إسكات الزوج والتحكم فيه وكسب محبته، وقالت ” الرجال داكشي لي كايليق ليهوم اللهم أنا لي مرتو نتسمى سحرت ليه ولا تجي وحدة أخرى وتحسر ليا ليه”.

وتعلل (س.ك) كون مثل هذه الأعمال تكثر في عيد الأضحى وعاشوراء والعشر الأواخر من رمضان لأنها مناسبات يكون فيها العبد أقرب إلى الله والأضحية تعد تقربا إلى الرب، على حد تعبيرها.

وفي عدد من مناطق المملكة وخاصة بـ”دكالة” و”سوس” تكثر ممارسات أخرى صبيحة العيد، كرش الملح على دماء الأضحية لطرد الأرواح الشريرة أو يتم وضح الملح في فم الخروف ليلة العيد.

لكن طقوس السحر ليست دائما لأعمال الخير بل كذلك لأعمال الشر، كتفريق الزوجين أو تفريق الأم عن ولدها أو الأب عن ولده، حيث يتم استخدام بعض أعضاء الأضحية مع بعض الخلطات لأغراض شيطانية لا يقبلها العقل وتنتج غالبا عن الجهل.

كان الحسد والحقد تجاه صديقتها المتزوجة من رجل طيب وميسور الحال يغيب عقلها، لتبدأ رشيدة بالبحث عن طريقة لتفريق صديقتها العدو على شريك حياتها ونصحتها إحدى “الشوافات” بأن أفضل توقيت هو عيد الأضحى، لتستغل رشيدة علاقتها بصديقتها لتسرق مرارة خروف العيد وأخذ القليل من شعرها وملابسها الداخلية لتنفذ عملها الشيطاني.

وتروي رشيدة قصتها مع المشعوذة لـ”العمق” دون تحسر أو ندم بل تفتخر بفعلتها كونها كانت الأجدر بذلك الزوج وأنه كان في نصيبها لكن صديقتها قامت بعمل سحري مماثل لسرقته منها، على حد قولها.

ومن بين الأشكال الأخرى للدجل التي تقترن بالعيد، حسب رشيدة، استخدام “الكديد” لجعل عروس جديدة عاقما، حيث يتم جمع “كديد” من بعض النساء فوق سن الأربعين غير المتزوجات أو العقيمات ويتم تقديمها للعروس في طبق كسكس مع بعض الأعشاب التي تستعمل لأغراض السحر.

قصص وأخرى تجعل تفسير تعايش التقاليد والمعتقدات السحرية مع تطور العلم في الزمن الذي نعيشه أمرا صعبا وأكثر تعقيدا، كما أن اقتران ممارسة الدجل بالمناسبات الدينية تضع عدة علامات استفهام لواقع يتسم بالتضاد.