بركة يقر بـ”أزمة ثقة” لدى الشباب في المؤسسات ويحذر من “إعادة ضبط النظام” بحكومة تكنوقراط

أقر نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بوجود “أزمة ثقة عميقة” لدى الشباب المغربي في المؤسسات المنتخبة والحكومة والأحزاب، محذرا في الوقت ذاته من خطورة الدعوات التي تستغل هذا الإحساس بالإحباط للمناداة بحلول راديكالية كإلغاء المؤسسات التمثيلية أو تنصيب حكومة تكنوقراطية.
جاء ذلك خلال لقاء تواصلي ترأسه الأمين العام لحزب الاستقلال، صباح اليوم السبت 4 أكتوبر 2025، بالمركز العام للحزب بالرباط، خُصص لتقديم النتائج الأولية لمبادرة “ميثاق الشباب”، وهي استشارة وطنية واسعة أطلقها الحزب في يناير الماضي لاستشراف رؤى وتطلعات الجيل الجديد.
وفي عرض مفصل، قدم عبد الحافظ أدمينو، منسق برنامج “ميثاق الشباب”، الخلاصات الأولية للدراسة التي شملت آلاف الشباب في أكثر من 500 جماعة عبر المملكة، حيث كشفت النتائج عن وجود “نزعة تشاؤمية” تجاه المستقبل، تغذيها التجارب المعيشية الصعبة، لكنها تقابل بـ”تفاؤل سياسي مشروط” بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير شروط العيش الكريم.
وأظهرت الاستشارة أن أولويات الشباب تتركز بشكل كبير على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها محاربة غلاء الأسعار وتحسين جودة الخدمات العمومية في الصحة والتعليم. كما كشفت عن ضعف حاد في الثقة تجاه النخب السياسية والمؤسسات المنتخبة، وعزوف عن الانخراط الحزبي نتيجة تصور عام بـ”فساد النخب”، مع ميل لحلول بديلة تراوحت بين الهجرة والضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاحتجاج السلمي.
وبناء على هذا التشخيص، اعتبر نزار بركة أن أزمة الثقة يتم استغلالها لترويج “مغالطات خطيرة” تدعو إلى العودة لنقطة الصفر، محذر بشدة بالقول: “الدعوات إلى إلغاء المؤسسات التمثيلية يهدد بنسف كل المكتسبات الديمقراطية، ومن شأنه أن يعيد بلادنا إلى نقطة البداية «RESET»”، منتقدا بشدة المناداة بحكومة تكنوقراطية، معتبرا إياها تهديدا لمبدأي الديمقراطية وربط المسؤولية بالمحاسبة، موضحا أن “البروفايلات التكنوقراطية، مهما بلغت كفاءتها، لا يمكنها أن تتحمل المسؤولية السياسية بنفس درجة الفاعل الحزبي المنتخب”.
نقد ذاتي من داخل الأغلبية
اعترف بركة بأن “نتائج الأداء الحكومي لم ترقَ إلى مستوى تطلعات الشباب”، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، معتبرا انتقاداتهم “مشروعة ومفهومة”، مذكّرا بأن حزبه كان واضحا منذ البداية في تشكيكه بإمكانية تحقيق وعد خلق مليون منصب شغل قبل نهاية الولاية الحكومية.
ورغم هذا النقد، دافع بركة عن منجزات الحكومة، مشيرا إلى أن المقارنة بين المشاريع الضخمة المرتبطة بالمونديال وضعف بعض الخدمات أمر مفهوم، لكنه يستدعي قراءة موضوعية، مستعرضا أوراشا كبرى كمستشفى ابن سينا الجديد (11 مليار درهم) ومشروع الربط المائي، مؤكدا أن الحكومة تخصص سنويا 110 مليارات درهم للصحة والتعليم و100 مليار لتحسين الدخل، وهي أرقام تستدعي، حسب قوله، “ترسيخ ثقافة النجاعة والمحاسبة”.
وفي مواجهة هذه التحديات، قدم حزب الاستقلال حزمة من المبادرات العملية، على رأسها الدعوة إلى إحداث “أكاديمية للشباب” موجهة خصيصا لـ”جيل Z” تعتمد على المنصات الرقمية، والعمل على مقترح قانون خاص بالتطوع يمنح تعويضات تحفيزية للمشاركين.
وأعلن الأمين العام أن المجالس الإقليمية التي سينظمها الحزب ستكون فضاء للحوار المباشر مع الشباب، مشددا على أن مسؤولية الأحزاب اليوم هي تأطير طاقات الشباب وتحفيزهم على المشاركة السياسية والمؤسساتية، باعتبارها المدخل الوحيد لممارسة المواطنة وتجنب الانزلاق نحو “العبث والفوضى”.
اترك تعليقاً