وجهة نظر

في معنى السيادة

تشكل السيادة أحد الأركان الأساسية لمفهوم الدولة الوطنية، حيث من خلالها يتجسد واقعيا الوجود القانوني والسياسي للدولة كعضو في المجتمع الدولي، كما يتجسد أيضا بموجبها الاستقلال الوطني، وهي تمثل ما للدولة من سلطان تواجه به الأفراد داخل إقليمها أي أن سلطة الدولة في الداخل والخارج لا تعلوها أي سلطة وهي لا تتجزأ ولا تقبل التصرف.

إنها كما عرفها بودان «السلطة العليا على المواطنين والرعايا» كما أن تصريف محكمة العدل الدولية في قضية مضيق «كورفو» سنة 1949 يسير في هذا الاتجاه، السيادة بحكم الضرورة هي ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية ومطلقة وأن احترام السيادة الإقليمية في ما بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهريا من أسس العلاقات الدولية».

لقد تعرض مفهوم السيادة لعدة تأويلات عبر التاريخ وصلت إلى حد الإساءة في استخدامها لتبرير الفوضى الدولية حيث تهدف بعض الدول إلى المساس بسلامة التراب الوطني لدولة مجاورة وضرب الوحدة الوطنية عبر كيانات انفصالية مدعية أن ذلك يدخل في إطار تثبيت دعائم سيادتها وأمنها القومي وتوازنها الاستراتيجي.

إن ذلك يتمثل كما يشير Harry Gelber في توخي بعض الدول تدبير أمورها في إطار علاقتها بالدول الأخرى على النحو الذي يكفل لها Capacity to manage حماية مصالحها، وهي بذلك تخضع مفهوم السيادة لازدواجية الرؤى والمعايير وفقا لرغباتها ومصالحها.

التطبيق الأبرز على ذلك في الواقع العربي والإفريقي يتجسد في دولة الجزائر التي تحلم بالهيمنة إقليميا على منطقة شمال إفريقيا حيث تحرك أجندتها وفق شعارها المزعوم «تقرير المصير»، وهي بذلك تتجاوز المرجعيات والضوابط التي يسنها القانون الدولي في احترام سيادة الدول وحسن الجوار.

في المقابل، تتغاضى عن مطمح شعب القبائل مثلا في الاستقلال والحرية وتقرير المصير! إنها تتجاهل أحكام القانون التي تحظر المس بحقوق الإنسان وارتكاب جرائم الحرب وجرائم إبادة الجنس البشري وحرمان مناطق بعينها من التنمية مما يفرض تدخلا للقانون الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل التنظيم والحماية على أساس المصلحة الدولية الشاملة.

ترى إلى أي مدى يستطيع حكام الجزائر الالتزام باحترام القوانين والأعراف الدولية، سيما وأن مفهوم السيادة قد عرف نقلة نوعية في ظل المتغيرات الدولية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد الله ب.
    منذ 3 أسابيع

    الانحراف بمعنى السيادة بالكيان الجزائري مؤخرا لم يكن طبعا يستند إلى معرفة أو بصيرة سياسية (أو رياضية !) أو منطق، كان "السند" دكتاتورية العسكر، بمعنى دكتاتورية القتل أو الاختطاف أو التهم الملفقة/ الجاهزة.. نعم، لذلك انبرى كل من لديه "قلم أو لسان" ليتحدث - في الواقع باسم دكتاتورية الحذاء العسكري - عن السيادة الوطنية، والقانون الدولي، وهيمنة لقجع على الاتحاد القاري... ليأمن من بطش حكم الكابرانات..! هذه هي الحقيقة. وكان الله في عون إخوتنا الجزائريين، وكان الله في عون عقولهم.