سياسة

معارضة جماعة تطوان: ما يحدث غير مسبوق في تاريخ المجلس وعلى المكتب المسير الاستقالة والاعتذار للساكنة

اعتبرت مكونات المعارضة بالمجلس الجماعي لتطوان، أن ما أسمتها “فضائح الفساد وتضارب المصالح” التي هزت الجماعة، تشكل حدثا غير مسبوق في تاريخ التسيير بالجماعة منذ الاستقلال، ودعت المكتب المسير إلى تقديم استقالته والاعتذار للساكنة.

وشدَّت جماعة تطوان الأنظار إليها، مؤخرا، بفعل تواتر ملفات فساد وتضارب مصالح يواجهها عدد من أعضاء جماعة تطوان، ضمنهم نواب للرئيس، وسط مطالب بإلزام مجلس الجماعة بمدونة لأخلاقيات العمل السياسي وتدبير الشأن العام.

فمساء أمس الأربعاء، اعتقلت الشرطة القضائية نائبا لرئيس جماعة تطوان، يعمل مديرا لوكالة بنكية بالمدينة، إلى جانب موظف آخر بنفس البنك، في ملف تلاعب واختلاس مبالغ مالية كبيرة من حسابات زبناء البنك.

وقبلها بيومين فقط، أدانت المحكمة الابتدائية بتطوان، أنس اليملاحي، النائب الرابع لرئيس جماعة تطوان، والمستشار السابق لوزير العدل، محمد بنعبد القادر، بالحبس النافذ 10 أشهر، بتهمة “النصب والاحتيال” في الملف المعروف إعلاميا بـ”التوظيف مقابل المال”.

وقبل ذلك، أدين عضوان من الأغلبية المسيرة للجماعة، بالسجن النافذ، في ملفات تتعلق بالمخدرات، وتزوير محررات رسمية وتزييف أختام الدولة للاستلاء على عقارات، فيما أثار 4 أعضاء آخرين من الأغلبية، ضمنهم نائبين للرئيس وكاتب المجلس، جدلا واسعا بسبب ملفات “تضارب المصالح”.

مطالب بالاستقالة

في هذا الصدد، قال أنس مرزوق، رئيس فريق الحزب الاشتراكي الموحد بجماعة تطوان، إن الوقت قد حان ليقدم المكتب المسير لجماعة تطوان استقالته، مضيفا في تدوينة له: “الله يحد الباس”.

واعتبر عادل بنونة، رئيس فريق العدالة والتنمية بنفس المجلس، أن المكتب المسير مطالب بتقديم إستقالته وتوجيه اعتذار رسمي لساكنة تطوان “على ما لحق بصورتها من خدوش غير مسبوقة في تاريخ التسيير لجماعة تطوان منذ فترة الإستقلال”.

وقال بنونة: “كل الفضائح التي تفجرت وتناسلت خلال السنوات الثلاث من تسيير جماعة تطوان، كنا قد نبهنا عنها مرارا وطالبنا كفريق بضرورة تفعيل محتوى ومضمون المذكرات التوجيهية لوزارة الداخلية الداعية إلى تخليق الحياة السياسية وتنزيل مقتضيات القانون التنظيمي للجماعات المحلية، خصوصا المادتين 64 و65 منه وربط المسؤولية بالمحاسبة والقطع مع كل الممارسات التدبيربة التي يستشف منها أي استغلال للنفوذ أو تسخير لمالية الجماعة لأغراض شخصية بدل المصلحة العامة”.

ملفات “تضارب مصالح” تهز جماعة تطوان وسط تبادل للاتهامات.. هل يفعل العامل مسطرة العزل؟

وأضاف في تدوينة له: “بما أن بعض أعضاء الأغلبية المسيرة لجماعة تطوان لهم منطوق آخر وفهم محرف للمقتضيات القانونية، آخرها فضيحة الأمس التي أضحت قضية رأي عام”، معتبرا أن “هذا الفشل الذريع وعدم القدرة التدبيرية لإيقاف هذا النزيف، يؤثر سلبا على صورة المدينة” وفق تعبيره.

وحمل المستشار المعارض، رئيس جماعة تطوان، “المسؤولية السياسية عن تردي منسوب الثقة في تدبيره للشأن العام المحلي وعجزه على إيقاف هذا النزيف المسترسل رغم تحذيراتنا الكثيرة لكيفية تدبيره لمجموعة من الملفات الحساسة والتي أثارت الكثير من الشبهات”.

وأوضح أن “آخر تلك الشبهات كان ملف التدبير المفوض لملف النظافة، والنقل الحضري، وملف المحطة الطرقية، وملف الباقي استخلاصه، وملف دعم جمعيات المجتمع المدني بجماعة تطوان وما أثير حوله من نقاش عمومي حول كيفية صرف هذا الدعم في غياب دليل للدعم والشراكة”.

افتحاص شامل

في نفس السياق، دعا المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، وزارة الداخلية إلى إرسال لجنة من المفتشية العامة للوزارة، على وجه الاستعجال، قصد إجراء افتحاص شامل ودقيق لمالية وبرامج جماعة تطوان.

واعتبر الغلوسي أنه “لايمكن لمثل هذه الفضائح أن تنفجر دون وجود مناخ يسمح بهكذا ممارسات منافية للقواعد القانونية والأخلاقية”، مضيفا في تدوينة على حسابه بموقع “فيسبوك”: “لا دخان بدون نار”.

وأوضح الحقوقي ذاته في تعليقه على اعتقال نائبين لرئيس الجماعة خلال فترة وجيزة، أن “فضائح جماعة تطوان لا تنتهي”، مشيرا إلى أن بعض مسؤولي الجماعة “راكموا ثروات مشبوهة”، وفق تعبيره.

وأضاف: “بعد إدانة نائب عمدة تطوان بعشرة أشهر حبسا نافذة على خلفية ما عرف بالمال مقابل الوظيفة وأشياء أخرى، تفجرت فضيحة جديدة تتعلق باتهام نائب آخر للعمدة باختلاس ملايير من ودائع الزبناء باعتباره مدير بنك الاتحاد المغربي للأبناك بتطوان”.

إقرأ أيضا: في ملف اختلاس بنك.. اعتقال نائب آخر لرئيس جماعة تطوان وإحالة ملفه على الفرقة الوطنية

وقال الغلوسي: “نائب عمدة تطوان عضو باللجنة المؤقتة المسيرة لنادي المغرب التطواني، وقريب من أنس اليملاحي نائب عمدة تطوان المدان ابتدائيا، بعدما كان في وقت سابق يشغل مهمة عضو المكتب المسير للنادي المذكور”، لافتا إلى أنه “انتمى إلى حزب العدالة والتنمية وعرف بدفاعه الكبير عن القيم والأخلاق وانتقل بعده إلى حزب الاستقلال”.

وتابع قوله: “لم نكن نبالغ حين نقول بأن الفساد شاع وتغول وأن البعض استغل سيادة الإفلات من العقاب وشيوع الرشوة وغيرها، وأصبح البحث عن الثراء بأية طريقة أسلوبا معتادا لدى جزء مهم من نخبنا السياسية والإدارية”.

ويرى الغلوسي أن “قضية نائبي عمدة تطوان تقتضي من النيابة العامة اتخاذ إجراءات قوية وحازمة وطبقا للقانون، بإحالة المسطرة القضائية المنجزة على ذمة قضيتهما إلى وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بالرباط، صاحب الإختصاص، من أجل فتح مسطرة الاشتباه في غسل الأموال وحجز ممتلكاتهما في أفق مصادرتها قضائيا وطبقا للقانون”.

مدير البنك

يُشار إلى أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتطوان قرر، أمس الأربعاء، إيداع مدير البنك ونائب رئيس جماعة تطوان “د.ز”، رهن تدابير الحراسة النظرية، إلى جانب موظف آخر بنفس البنك، وإحالة ملفهما على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

ووفق المعطيات التي توصلت بها الجريدة، فإن الشرطة القضائية فتحت تحقيقا مع مدير البنك والموظف، تحت إشراف النيابة العامة، منذ أيام، فيما خضع المشتبه فيهما لتدابير المراقبة القضائية وسحب جواز السفر الخاص بهما.

إقرأ أيضا: ابتدائية تطوان تدين اليملاحي بالحبس النافذ في ملف “التوظيف مقابل المال”

وكشفت المصادر ذاتها أن الإدارة المركزية لـ”الاتحاد المغربي للأبناك” تلقت شكايات عديدة لزبناء البنك كشفوا فيها تعرض حساباتهم لعمليات تحويل أموال واختفاء مبالغ مالية وإصدار شيكات بدون علمهم، وهو ما دفع إدارة البنك إلى إيفاد لجنة تفتيش إلى وكالة تطوان.

وتشير المعطيات إلى أن الموقوفان كانا يتصرفان في حسابات زبناء البنك بدون إشعارهم، من بينها حسابات شركات وهيئات مهنية ورجال أعمال بمدينة تطوان، حيث يشتبه وقوع اختلاسات وتلاعبات في ملايين الدراهم.

ومدير البنك المذكور، يشغل حاليا منصب نائب لرئيس جماعة تطوان، عن حزب الاستقلال، بعدما كان مستشارا عن حزب العدالة والتنمية بنفس الجماعة خلال الولايتين السابقتين، كما يشغل أيضا عضوية اللجنة المؤقتة لتسيير فريق المغرب التطواني.

ملفات متتالية

وخلال الشهر الجاري، أثار مهرجان تطوان الدولي لمسرح الطفل جدلا سياسيا واسعا بالمدينة، بسبب استفادته من دعم المجلس الجماعي لتطوان، بالرغم من كون كاتب مجلس الجماعة هو نفسه مدير المهرجان وأحد مؤسسي الجمعية المنظمة له.

وبعد أسابيع قليلة من تشكيل مكتب جماعة تطوان عقب انتخابات 8 شتنبر 2021، تفجر ملف إدراج نقطة بجدول أعمال دورة فبراير العادية، يتعلق بفتح طريق عمومية من أجل الولوج لمشروع مدرسة خصوصية يعتزم إقامتها كاتب مجلس الجماعة، ما دفع هيئة حقوقية حينها إلى مراسلة عامل الإقليم لمنع تمرير المشروع، قبل أن تقرر الجماعة إرجاء النقطة إلى وقت لاحق، دون أن تعيد إدراجها مجددا لحد اللحظة.

وشهر ماي من العام الماضي، تفجر ملف آخر بعدما قامت عضوة بمجلس الجماعة ترأس إحدى لجان المجلس “إ.ح”، بتسخير آليات الجماعة لشق مسلك طرقي داخل قطعة أرضية لعائلتها متنازع عليها قضائيا بين الورثة، وبناء سور حولها بدون أي رخصة، قبل أن يتدخل باشا المدينة لهدم السور، لكن دون اتخاذ أي إجراءات بحق المستشارة المذكورة.

إقرأ أيضا: فتح طريق عمومي لصالح مدرسة خاصة يملكها مستشار يثير جدلا بتطوان

وإلى جانب ذلك، تثير عضوية نائبين لرئيس جامعة تطوان (“ز.ر” و”د.ز”)، باللجنة المؤقتة لتسيير نادي المغرب التطواني لكرة القدم، الكثير من التساؤلات حول مدى قانونية عوضيتيهما بفريق رياضي يستفيد من دعم سنوي للجماعة التي يمثلانها أيضا.

بالموازاة مع هذه الملفات التي تثير نقاش “تضارب المصالح”، برزت بجماعة تطوان قضايا أخرى وصلت إلى المحاكم، أبرزها ملف المستشار عن الأغلبية “م.ن.ك” الذي أدانته محكمة الاستنئاف بتطوان، شهر مارس 2023، بالسجن النافذ 5 سنوات في قضية تزوير محررات رسمية وتكوين عصابة إجرامية وتزييف أختام الدولة بهدف الاستلاء على عقارات.

كما أُدينت مستشارة أخرى من الأغلبية “س.ع” بالحبس النافذ 4 أشهر وغرامة مالية، في فبراير 2022، بعد اعتقالها في حالة تلبس بمحاولة إدخال كمية من المخدرات لسجين كان يتلقى العلاج بمستشفى “سانية الرمل” بتطوان، إلى جانب ملف نائب الرئيس أنس اليملاحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *