سياسة، مجتمع

فتح طريق عمومي لصالح مدرسة خاصة يملكها مستشار يثير جدلا بتطوان ومطالب بتدخل العامل

أثار قرار رئيس جماعة تطوان بإدراج نقطة ضمن جدول أعمال دورة فبراير العادية، تتعلق بفتح طريق عمومية من أجل الولوج إلى مشروع مدرسة خصوصية يعتزم إقامتها مستشار تابع للأغلبية المسيرة للجماعة، جدلا واسعا على المستوى المحلي والوطني، وسط تساؤلات حول احتمال “تضارب المصالح” في هذا المشروع، فيما راسلت هيئة حقوقية عامل الإقليم من أجل منع تمرير المشروع.

ويتعلق الأمر، بحسب المذكرة التقديمية للمشروع، تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منها، بفتح وتصفيف طريق عمومية على طول 136 مترا وعرض 10 أمتار، بناءً على طلب تقدم به ممثل شركة “أ.ع” بتاريخ 28 يناير 2020، من أجل فتح طريق بحي السواني خلف المركز التجاري “مرجان”، من أجل الولوج إلى مشروع بناء مؤسسة تعليمية حاصلة على الموافقة المبدئية من طرف الأكاديمية الجهوية للتعليم.

غير أن المعطيات التي توصلت بها جريدة “العمق”، تشير إلى أن مشروع شق وتصفيف الطريق المذكورة يتطلب قبل ذلك، شق طريق رئيسية بعرض 70 متر، وأخرى متفرعة عنها بعرض 30 مترا، وتشييد مدارة تربطهما، وكلها مُتضمَّنة في تصميم التهيئة لكنها غير مُنجزَة، ثم بعد ذلك شق الطريق الثانوية المعنية بهذا الجدل، والتي تصل إلى المدرسة الخصوصية.

وتفجر الملف خلال أشغال لجنة التعمير وإعداد التراب والبيئة والممتلكات بجماعة تطوان، يوم الإثنين المنصرم، حين عرض رئيس اللجنة هذا المشروع للمُدارسة، قبل أن يتبين، بعد مطالبة عدد من المستشارين بكشف هوية صاحب المؤسسة، أنه لم يكن سوى مستشارا بالجماعة، والذي كان حاضرا خلال هذا الاجتماع واعترف بأنه صاحب المشروع.

ووفق ما كشفه مصدر حضر هذا الاجتماع، لجريدة “العمق”، فإن المشروع الذي دافع عنه صاحبه باستماثة خلال اللقاء، لقي معارضة شرسة من طرف مستشارين ينتمون للمعارضة والأغلبية على حد السواء، حيث حذروا من كون هذا المشروع ينطوي على “تضارب المصالح” ويهدد بفقدان ثقة الساكنة في الجماعة، وفق تعبيرهم.

“خارج تراب الجماعة”

المعطيات التي تتوفر عليها جريدة “العمق”، تكشف أن المكان الذي تمت برمجة الطريق فيه، يقع ضمن منطقة فلاحية خالية من السكان، بينما القطعة الأرضية التي يعتزم المستشار الجماعي المعني تشييد مؤسسة تعليمية خصوصية فوقها، مسجلة في الرسم العقاري ومحفظة في محافظة عمالة المضيق الفنيدق وليس تطوان.

كما يكشف التصميم الطوبوغرافي لمشروع فتح الطريق، تتوفر “العمق” على نسخة منه، أن المؤسسة الخصوصية تقع داخل تراب جماعة مرتيل على الحدود الإدارية مع جماعة تطوان، حيث تتوقف الطريق المقترحة عند الحدود بين الجماعتين، ما يعني أن المؤسسة الخصوصية تحتاج إلى إتمام شق الطريق من طرف مجلس جماعة مرتيل.

وأفاد مصدر خاص لجريدة “العمق”، بأن صاحب المؤسسة وضع طلبا لدى جماعة مرتيل من أجل برمجة الطريق المؤدية إلى مدرسته ضمن تصميم التهيئة، وهو ما جعل رئيس الجماعة يدرج هذه النقطة، أيضا، ضمن جدول أعمال دورة فبراير.

ويتعلق الأمر بالنقطة السابعة في جدول أعمال دورة 7 فبراير المقبلة لجماعة مرتيل، اطلعت عليه “العمق”، والتي تخص “الدراسة والتصويت على مشروع قرار تخطيط الطرق العامة والتخلي قصد شق جزء من الطريق، عرض 10 أمتار غير مرقمة حسب تصميم التهيئة، بين الطريق رقم 7 ومشروع بناء مدرسة خاصة، وبتعين نزع ملكية الأراضي اللازمة لهذا الغرض”.

وبحسب مصدر الجريدة، فإن لجنة التعمير بجماعة مرتيل كانت قد اشترطت على المستشار الجماعي بتطوان الذي تقدم بالطلب، الحصول على تنازل الخواص على أراضيهم، مع الالتزام بالتكلف بشق الطريق بنفسه وعلى نفقته، غير أن النقطة 7 من جدول أعمال دورة فبراير يشير إلى أن الجماعة هي من ستشق الطريق.

تكلفة “باهضة”

وتشير المعطيات التي توصلت بها “العمق” إلى أن الكلفة الإجمالية لمشروع شق وتصفيف الطريق المذكورة، قد تصل إلى حوالي 29 مليار سنتيم بالنسبة لجماعة تطوان، تتضمن شق طريق رئيسية بعرض 70 مترا، وأخرى متفرعة عنها بعرض 30 مترا، وتشييد مدارة تربطهما، ثم شق الطريق الثانوية التي تصل إلى المدرسة الخصوصية بعرض 10 أمتار.

ويشمل المبلغ المذكور، أيضا، نزع ملكية مجموعة من القطع الأرضية المملوكة للخواص، ومد قنوات الصرف الصحي تنجزه شركة “أمانديس”، وتزويد تلك الطرق بالإنارة وشبكة الماء والأنترنت، فيما يبقى على جماعة مرتيل إصدار قرار بإتمام شق وتصفيف الطريقة الثانوية على طول 100 متر لربط المؤسسة الخصوصية بجماعة تطوان.

وتثير التكلفة الباهضة المقدرة لإنجاز هذه الطريق، تساؤلات حول مدى علاقتها بـ”المنفعة العامة” كما جاء في المذكرة التقديمية للمشروع، بالنظر إلى كونها تقع في منطقة فلاحية خالية من السكان، وتهم تيسير الولوج إلى مؤسسة خصوصية ربحية، كما أن المشروع يأتي في وقت تعيش فيه الجماعة على وقع مديونية ثقيلة موروثة من العهد السابق.

بالمقابل، فإن سكان حي السواني المجاور للمنطقة، كانوا قد أودعوا عريضة لدى مجلس جماعة تطوان، وقعها المئات منذ حوالي عام، من أجل ربط حيهم بمركب “الضحى” عبر طريق لا يتجاوز طولها 300 متر، قد تصل كلفتها إلى 2 مليار سنتيم، لكن لم يتم التفاعل مع طلبهم.

هذا وحاولت جريدة “العمق” أخذ وجهة نظر رئيس جماعة تطوان حول الموضوع، إلا أن هاتفه كان خارج التغطية، فيما أورد مصدر من داخل الأغلبية، أن إدراج هذا المشروع ضمن جدول الأعمال أملته المزايا الاقتصادية لتشييد مؤسسة تعليمية خصوصية، باعتبارها ستوفر مناصب شغل وستمنح دينامية اقتصادية واجتماعية للحي المذكور.

مطالب بتدخل العامل

وفي أولى ردود الفعل، وجهت جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان، مراسلة إلى عامل إقليم تطوان، اليوم الخميس، تلتمس منه التدخل من أجل منع تمرير مشروع شق الطريق المذكورة، معتبرة أن هذه الخطوة “لا تخدم الصالح العام بقدر ما تخدم مصالح المستشار صاحب المؤسسة التعليمية الخصوصية”.

وترى الجمعية في مراسلتها، اطلعت عليها جريدة “العمق”، أن هذا المشروع “لا يتماشى مع روح القانون المنظم لعمل الجماعات، خاصة أن المنطقة المعنية بالدراسة “تتواجد بها أراضي فلاحية وخالية من السكان، كما تقع خارج النفوذ الترابي لجماعة تطوان”.

وأشار المصدر ذاته إلى أن جماعة تطوان “لا زالت ترزخ تحت ثقل المديونية التي خلفها سوء تدبير الرئيس السابق، بلغت مستوى يفوق قدرتها على الإنفاق الاعتيادي، وبالتالي لا تتحمل ضخ مبلغ ضخم في مشروع لا يمثل أي مصلحة عامة”، وفق تعبير الهيئة الحقوقية.

وأضافت جمعية “الكرامة” أن “المصلحة العامة كانت تقتضي من الجماعة، التفاعل مع عريضة سابقة لمواطنين في جانب آخر لنفس المنطقة، كانوا قد تقدموا بطلب شق طريق عمومية تسهل عليهم الولوج إلى مساكنهم، ولم تتم الاستجابة لهم”.

والتمست اللجنة المركزية لجمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان، من عامل تطوان التدخل “لفرض احترام القانون، وضبط التجاوزات الحاصلة في هذا الملف الشائك، حرصا على مصالح العامة، وتطبيقا لروح القانون”، وفق تعبير المراسلة.

وفي نفس السياق، وجهت الهيئة الحقوقية ذاتها، مراسلة ثانية إلى رئيس جماعة تطوان، اطلعت عليها جريدة “العمق”، اعتبرت فيها أن هذه الخطوة “تُفقد الجماعة المصداقية التي يجب أن تتحلى بها، وتدخلها في خانة التعاطي وفق مبدأ المحسوبية والزبونية”، مطالبة بتوضيح دواعي إدراج هذه النقطة ضمن جدول الأعمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *