مجتمع

في‭ ‬رحاب‭ ‬زاكورة‭ ‬والزاوية‭ ‬الناصرية‭ ‬‮: حين‭ ‬كانت‭ ‬تامكروت‭ ‬محطة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الله‮!‬‭

ربورتاج أعده الزميل ومدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي عبد الحميد جماهري، عن الزاوية الناصرية ومكتبتها بتامكروت، خلال زيارته لزاكورة مؤخرا.

في ما يلي نص الربورتاج:

ما‭ ‬تعلمته‭ ‬الأيادي،‭ ‬احتفظ‭ ‬به‭ ‬الورق،‭ ‬جلد‭ ‬الغزال،‭ ‬أو‭ ‬البردي،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬الذهن‮.‬‭ ‬كيف‭ ‬فكرت‭ ‬الرؤوس‭ ‬ولكن‭ ‬الأيادي‭ ‬تُرى،‭ ‬هنا،‭ ‬في‭ ‬الجلد‭ ‬والورق‭ ‬‮.‬‭ ‬هي‭ ‬نظرة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السادس ‬مازالت‭ ‬تحتفظ‭ ‬بطراوتها‭ ‬‮: ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الروح‭ ‬على‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الغزالة..‬‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬قارة‭ ‬جاء‭ ‬الغزال‮:‬‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬إفريقيا‭ ‬ولا‭ ‬آسيا،‭ ‬إنها‭ ‬قارة‭ ‬صارت‭ ‬مكتبة

‭ ‬وجدت‭ ‬زاكورة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬ذاكرتي،‭ ‬وجه‭ ‬خوخة،‭ ‬ينضح‭ ‬وسط‭ ‬التماع‭ ‬سراب‭ ‬القيلولة‭ ‬والسحر‭ ‬الصحراوي‮..‬ ‬وقد‭ ‬تغذت‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬العاطفة‭ ‬ووجوه‭ ‬الذين‭ ‬أحببتهم. ‬على‭ ‬تخوم‭ ‬الصحراء،‭ ‬كان‭ ‬التراب‭ ‬والشمس‭ ‬والهواء‭ ‬والمخيال‭ ‬يتقاسمون‭ ‬مشاعري،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬حرارة‭ ‬تلفح‭ ‬الجسد،‭ ‬وسعف‭ ‬النخيل‭ ‬الذي‭ ‬يلوح‭ ‬كظاهر‭ ‬اليد،‭ ‬بالوعود‭ ‬المنعشة‮.‬

وصلنا‭ ‬المطار‭ ‬الصغير،‭ ‬نزلنا‭ ‬أدراج‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقل‭ ‬سياحا‭ ‬أغلبهم‭ ‬فرنسيون‭ ‬بأطفالهم،‭ ‬مما‭ ‬لم‭ ‬اعتده‭ ‬في‭ ‬الوفود‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬مطارات‭ ‬أخرى‭ ‬للمملكة‮. ‬كان‭ ‬الجو‭ ‬حارا،‭ ‬والنسيم‭ ‬عليلا،‭ ‬لعله‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلينا‭ ‬عرج‭ ‬على‭ ‬واحة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تغالب‭ ‬الجفاف‭ ‬بقدرتها‭ ‬الخاصة‭ ‬‮!‬‭ ‬في‭ ‬تركيبة‭ ‬موسمية‮.‬‭ ‬كان‭ ‬شهر‭ ‬ماي،‭ ‬يفرش‭ ‬الصيف‭ ‬للقادمين‮.

‬وصلنا‭ ‬الفندق‭ ‬المبني‭ ‬بالمواد‭ ‬الأرضية‭ ‬للمدينة‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬مسحة‭ ‬الطين‭ ‬في‭ ‬تركيب‭ ‬الهندسة. ‬الطين،‭ ‬وحده‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يبقي‭ ‬لمدينة‭ ‬زاكورة‭ ‬على‭ ‬مشهديتها‭ ‬اللامعة‮..‬التقيت‭ ‬صباحي،‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬زاكورة،‭ ‬كان‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتناول‭ ‬فطورنا‭ ‬ونستكمل‭ ‬النعاس،‭ ‬الذي‭ ‬تركناه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬جذبنا‭ ‬فجر‭ ‬السفر‮…

‬في‭ ‬الفندق‭ ‬سياح‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأعمار،‭ ‬من‭ ‬الأطفال‮‬‭ ‬الرضع‭ ‬إلى‭ ‬الشيوخ‭ ‬الذين‭ ‬جروا‭ ‬سنوات‭ ‬العمر‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬تخوم‭ ‬درعة‭ ‬‮…‬ارتحنا‭ ‬بعد‭ ‬الفطور،‭ ‬ونمنا‭ ‬لاسترجاع‭ ‬ما‭ ‬فاتنا. ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬المسجد،‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الجمعة‭ ‬الحارق،‭ ‬كانت‭ ‬تبدو‭ ‬المدينة‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬الصحراء،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬الفارهة‭ ‬التي‭ ‬تمرق‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى،‭ ‬والشباب‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬دراجات‭ ‬التجوال‭ ‬الصحراوي،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنني‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬مسجد‭ ‬قباء‭ ‬الأول.

‬في‭ ‬المسجد‭ ‬ظل‭ ‬وملابس‭ ‬تعود‭ ‬بالتاريخ‭ ‬العتيق‭ ‬إلى‭ ‬ماي‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين. ‬شعرت‭ ‬بالفعل،‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬الذي‭ ‬يدخل‭ ‬إليه‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬نفسه،‭ ‬ببساطة‭ ‬البدايات‮ ‬عبرت‭ ‬لأحمد‭ ‬شهيد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الإحساس‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬الغذاء، ‬قلت:‭ ‬شعرت‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنني‭ ‬أصلي‭ ‬مع‭ ‬المؤمنين‭ ‬الأوائل،‭ ‬وشعرت‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الإيمان‭ ‬مجسد‭ ‬في‭ ‬لون‭ ‬اللباس‭ ‬وحركات‭ ‬الناس‮.‬

‬سنكتشف‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬أنه،‭ ‬غير‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬المسجد،‭ ‬يوجد‭ ‬حي‭ ‬الملاح‭ ‬الذي‭ ‬غادره‭ ‬أهله‭ ‬اليهود‭ ‬من‭ ‬زمان،‭ ‬بقيت‭ ‬نوافذ‭ ‬صغيرة،‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬بحجم‭ ‬العين،‭ ‬على‭ ‬أسوار‭ ‬من‭ ‬طين‭ ‬عالية‭ ‬نوعا‭ ‬ما، تذكرك‭ ‬بعمارات‭ ‬الطين‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬السيرة‮‬‭ ‬النبوية‭ ‬الأولى‮..

‬كان‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬الأصيل‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬زيارة‭ ‬الزاوية‭ ‬الناصرية‮:‬ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬زاكورة‭ ‬تعد‭ ‬الناصرية‭ ‬مرتع‭ ‬الروحانيات‭ ‬العلوي،‭ ‬التي‭ ‬صهرت‭ ‬وجدانا‭ ‬عاما‭ ‬شاع‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمصار،‭ ‬لكنه‭ ‬ظل‭ ‬مرتبطا‭ ‬بأرضه‭ ‬الأولى‭ ‬حيث‭ ‬نما‭ ‬وانتمى‮..‬

قطعنا‭ ‬الطريق‭ ‬من‭ ‬زاكورة‭ ‬إلى‭ ‬تامكروت‭ ‬حيث‭ ‬اختار‭ ‬لها‭ ‬الشيوخ‭ ‬الناصريون،‭ ‬وكانوا‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬شيوخا‭ ‬أنصاريين،‭ ‬أن‭ ‬تصير‭ ‬مقاما‭ ‬عليا‭ ‬يحتضن‭ ‬رحلتهم‭ ‬الصوفية‮. ‬‭‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬تامكروت،‭ ‬حضرت‭ ‬محاميد‭ ‬الغزلان. ‬راعية‭ ‬لوطنية‭ ‬المحاربين‭ ‬البدائية،‭ ‬الفطرية‭ ‬أكاد‭ ‬أقول،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬التواريخ‭ ‬الخالدة‭ ‬وحدها‭ ‬تحيل‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬الطول‭ ‬وخطوط‭ ‬العرض‭ ‬التي‭ ‬تحد‭ ‬المكان‭ ‬في‭ ‬جغرافيا‭ ‬البلاد،‭ ‬ولا‭ ‬الزيارات‭ ‬الميمونة،‭ ‬كما‭ ‬تقتضي‭ ‬البلاغة‭ ‬الوطنية‭ ‬المهيبة‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬زيارة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬وإطلاق‭ ‬نداء‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‮..‬

وجدنا‭ ‬الرجل‭ ‬البسيط‭ ‬مريد‭ ‬الزاوية‭ ‬وسادتها‭ ‬الذي‭ ‬حدثنا‭ ‬عنه‭ ‬إدريس‭ ‬لشكر‭ ‬قبل‭ ‬اللقاء‭ ‬به،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬التقاه‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬ماضية‮. ‬‭ ‬وكان‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬بالفعل‭ ‬رجلا‭ ‬يسرد‭ ‬شفهيا‭ ‬سيرة‭ ‬متعددة‭ ‬الشخوص‭ ‬والتواريخ،‭ ‬لا‭ ‬يضيع‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬لمستعمليه‭ ‬وهم‭ ‬يحاولون‭ ‬التركيز‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬أسماء‭ ‬الأسياد‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬التراب‭ ‬والأماني‭ ‬ويسهرون‭ ‬على‭ ‬تلطيف‭ ‬النوائب‭ ‬التي‭ ‬صادفت‭ ‬كل‭ ‬شيخ‭ ‬من‭ ‬شيوخ‭ ‬الناصرية‮.‬

قال‭ ‬إن‭ ‬شيوخها‭ ‬الأوائل‭ ‬من‭ ‬الأنصار‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهم‮.‬‭ ‬ وكفى،‭ ‬لم‭ ‬يحدثنا‭ ‬بالتفصيل‭ ‬عن‭ ‬سيرتهم‭ ‬البرية‭ ‬من‭ ‬أقاصي‭ ‬الحجاز‭ ‬إلى‭ ‬الصحراء‭ ‬الجنوبية‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬مغرب‭ ‬الإسلام‭ ‬الأقصى. ولا‭ ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬مسيرتهم‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬منذ‭ ‬احتضنوا‭ ‬نبي‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حطت‭ ‬بهم‭ ‬رحالها‭ ‬فوقها‭ ‬وجمالهم‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬زاكورة‮…‬

والواضح‭ ‬من‭ ‬السيرة‭ ‬أن‭ ‬الزاوية‭ ‬الناصرية‭ ‬سبقت‭ ‬حاملة‭ ‬اسمها، محمد‭ ‬ابن‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬ابن‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬الحسين،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬زاوية‭ ‬أنصارية،‭ ‬تحولت‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تولى‭ ‬قدرها‭ ‬هو‭ ‬إلى‭ ‬زاوية‭ ‬ناصرية‮. ‬وتقول‭ ‬سيرته‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬رمضان في 1602 بقصر‭ ‬الآن،‭ ‬بخميس‭ ‬ترناتة‭ ‬من‭ ‬وادي‭ ‬درعة‭ ‬المتوسط. وتشاء‭ ‬سيرته‭ ‬المقدسة‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬نسبه‭ ‬إلى‭ ‬جعفر‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب. وقد‭ ‬عاش‭ ‬وسط‭ ‬عائلة‭ ‬متدينة،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬حكم‭ ‬السملاليين،‭ ‬المخزن‭ ‬وقتها‮.‬

 

ولما تاقت‭ ‬نفس‭ ‬محمد‭ ‬ابن‭ ‬ناصر‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬القوم‭ ‬انطلق‭ ‬باحثا‭ ‬عن‭ ‬شيخ‭ ‬للتربية. ‬وكما‭ ‬تقول‭ ‬الصوفية ‬‮ (من‭ ‬لا‭ ‬شيخ‭ ‬له‭ ‬شيخه‭ ‬الشيطان)‬،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الراحل‭ ‬باداوود‭ ‬يرددها‭ ‬على‭ ‬مسامعنا‭ ‬في‭ ‬الجريدة. ‬وكان‭ ‬الراحل‭ ‬الزرقاوي‭ ‬يردده‭ ‬على‭ ‬مسامع‭ ‬رفاقه‭ ‬ممن‭ ‬يبيتون‭ ‬في‭ ‬الزاوية‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‮ ‬أيامها،‭ ‬وعمره‭ ‬27‭ ‬سنة‭ ‬فقط،‭ ‬كان‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬يمر‭ ‬حتما.. ‬بتامكروت‮!..‬‭ ‬ ومنها‭ ‬كانت‭ ‬إقامته‭ ‬في‭ ‬الزاوية ‬التي‭ ‬سندخلها‭ ‬بعد‭ ‬قليل‮!‬

‬المكتبة‭ ‬الناصرية:صيد‭ ‬النسر‭ ‬الكاسر

في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الزاوية‭ ‬الناصرية،‭ ‬بنايات‭ ‬تحمل‭ ‬روح‭ ‬التربة‭ ‬والهندسة‭ ‬العتيقة،‭ ‬وفي‭ ‬وسط‭ ‬أجود‭ ‬اختار‭ ‬الناصري‭ ‬الأول‭ ‬مقاما‭ ‬له‭ ‬لتولد‭ ‬أكبر‭ ‬زاوية‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الأخيرة‭ ‬بتامكورت‮.‬‭

‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬التي‭ ‬دخلناها‭ ‬في‭ ‬الجناح‭ ‬الأيسر‭ ‬للزاوية‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬4‭ ‬آلاف‭ ‬مجلد،‭ ‬ومخطوط‭ ‬قد‭ ‬جمعها‭ ‬نسر‭ ‬الكتب‭ ‬الكاسر،‭ ‬كما‭ ‬يكنَّي‭ ‬الولي‭ ‬الصوفي‭ ‬وهي‭ ‬كناية‭ ‬عن‭ ‬اصطياده‭ ‬نفائس‭ ‬المخطوطات‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬نسخة‭ ‬قرطبة‭ ‬لآيات‭ ‬من‭ ‬المصحف‭ ‬الكريم‮.‬‭ ‬وبجواره‭ ‬موطأ‭ ‬الإمام‭ ‬مالك‮.‬‭ ‬وقد‭ ‬كتبت‭ ‬بخط‭ ‬بهي،‭ ‬تقر‭ ‬له‭ ‬العين‭ ‬التي‭ ‬اعتلتها‭ ‬نظارات‭ ‬ضعف‭ ‬البصر،‭ ‬بعد‭ ‬قرون‭ ‬من‭ ‬ذلك‮.‬‭ ‬هكذا‭ ‬حدثت‭ ‬نفسي‮:‬‭ ‬مخطوط‭ ‬بخط‭ ‬اليد،‭ ‬بحروف‭ ‬دقيقة،‭ ‬قابلة‭ ‬للقراءة‭ ‬من‭ ‬عينين‭ ‬فتحتهما‭ ‬منذ‭ ‬62‭ ‬سنة‭ ‬وقد‭ ‬أصابهما‭ ‬الوهن‭ ‬اليوم‮..‬‭ ‬ومن‭ ‬حظي‭ ‬أنه‭ ‬انتظرنا‭ ‬حتى‭ ‬جئت‭ ‬لقراءته،‭ ‬يا‭ ‬للحظ،‭ ‬ويا‭ ‬للحظ‭ ‬الذي‭ ‬يصحبه‮!‬

في‭ ‬رحاب‭ ‬المكتبة‭ ‬الناصرية،‭ ‬يهْجع‭ ‬العلم،‭ ‬الذي‭ ‬جمعه‭ ‬الشيخ‭ ‬الناصري‭ ‬من‭ ‬أصقاع‭ ‬الضاد،‭ ‬من‭ ‬تومبوكتو‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‮.‬‭ ‬وأول‭ ‬ما‭ ‬بادرتنا‭ ‬به‭ ‬المكتبة،‭ ‬ولها‭ ‬روح‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬هو‭ ‬نسخ‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬لها‭ ‬تاريخ‮.‬‭ ‬ومنها‭ ‬نسخة‭ ‬وحيدة‭ ‬نوعها‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬‮(‬انظر‭ ‬الصورة‮)‬،‭ ‬كتبت‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬الغزال،‭ ‬عمرها‭ ‬أربعة‭ ‬مائة‭ ‬سنة‭ ‬‮(‬1063‭ ‬هجرية‮)‬‭ ‬كتبت‭ ‬بالسمخ،‭ ‬والصوف‭ ‬المحروقة،‭ ‬والأزرق‭ ‬النيلي‭ ‬ومخطوط‭ ‬الفيرز‭ ‬آبادي‮.

‬قال‭ ‬لي‭ ‬إدريس‭ ‬لشكر‭ ‬إن‭ ‬له‭ ‬نسخة‭ ‬مثلها‭ ‬توصل‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬ناصري‭ ‬معروف‮.‬‭ ‬غبطته‭ ‬عليها‭ ‬والحق‭ ‬أقول‮.‬‭ ‬كانت‭ ‬العين‭ ‬تشهد‭ ‬وتشاهد،‭ ‬والشاب‭ ‬الذي‭ ‬يتولي‭ ‬الشرح،‭ ‬يستجيب‭ ‬لندائها‭ ‬الخفي،‭ ‬ولا‭ ‬يترك‭ ‬من‭ ‬علمه‭ ‬شيء‭ ‬يطلعنا‭ ‬عليه‮:‬‭ ‬تواريخ‭ ‬ومواد‭ ‬تصنيع‭ ‬الرقوق،‭ ‬ومسارات‭ ‬كل‭ ‬مخطوط.. ‬تمعن‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬القرآن،‭ ‬هيبة‭ ‬وإجلالا،‭ ‬فتقفز‭ ‬إلى‭ ‬أعماقك‭ ‬وعود‭ ‬الجمالية‭ ‬التي‭ ‬نقشت‭ ‬بها‭ ‬الكلمات‮.‬‭ ‬يقفز‭ ‬الغزال‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬وهب‭ ‬جلده‭ ‬كي‭ ‬تكتب‭ ‬به‭ ‬السماء‭ ‬المباركة‭ ‬والكلمات‭ ‬النورانية‮.‬‭ ‬هكذا‭ ‬يخيل‭ ‬إليك‭ ‬،‭ ‬بغير‭ ‬تجن‭ ‬ولا‭ ‬خبل‮!‬

‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الكلمة‭ ‬قطرت‭ ‬من‭ ‬مدونة‭ ‬من‭ ‬ذهب،‭ ‬كل‭ ‬حرف‭ ‬قطرة‭ ‬من‭ ‬معدن‭ ‬شفاف‭ ‬وبراق‮:‬‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬،‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تقرأ‭ ‬نفسها‮…‬ااااه‭ ‬نعم،‭ ‬هنا‭ ‬تهمس‭ ‬المخطوطة‭ ‬بصوت‭ ‬الكلمة‭ ‬وهي‭ ‬تقرأ‭ ‬نفسها‭ ‬كما‭ ‬دارت‭ ‬في‭ ‬خلد‭ ‬كاتبها،‭ ‬بتكوينها‭ ‬وتلحينها‭ ‬ونحلتها‭ ‬‮..‬‭ ‬وخشوعه‮!.‬

ما‭ ‬تعلمته‭ ‬الأيادي،‭ ‬احتفظ‭ ‬به‭ ‬الورق،‭ ‬جلد‭ ‬الغزال،‭ ‬أو‭ ‬البردي،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬الذهن‮.‬‭ ‬كيف‭ ‬فكرت‭ ‬الرؤوس‭ ‬و‭ ‬لكن‭ ‬الأيادي‭ ‬تُرى،‭ ‬هنا،‭ ‬في‭ ‬الجلد‭ ‬والورق‭ ‬‮.‬‭ ‬هي‭ ‬نظرة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬6‭ ‬مازالت‭ ‬تحتفظ‭ ‬بطراوتها‭ ‬‮:‬‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الروح‭ ‬على‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الغزالة‭ ‬‮..‬‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬قارة‭ ‬جاء‭ ‬الغزال‮:‬‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬إفريقيا‭ ‬ولا‭ ‬آسيا،‭ ‬إنها‭ ‬قارة‭ ‬صارت‭ ‬مكتبة‮.‬

والحميمية‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬الخطاط‭ ‬بين‭ ‬الحرف‭ ‬المقدس‭ ‬وجلد‭ ‬الغزال‭ ‬والمخطوط‭، ‬ليست‭ ‬صناعةً‭ ‬يدوية‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬نحت‭ ‬للروحيِّ،‭ ‬ليست‭ ‬مخطوطآ‭ ‬أمامنا،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬يستدرج‭ ‬السماويَّ‭ ‬إلى‭ ‬الكتابيِّ‮.‬ ماهو‭ ‬جمالي‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬ماي‭ ‬2024،‭ ‬تشكَّل‭ ‬أولا، ‬كعقيدة،‭ ‬ثم‭ ‬كتشكَّلٍ‭ ‬للروح‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬المقدس،‭ ‬باعتباره‭ ‬مادة‭ ‬صوف‭ ‬وصوفية‮..‬

‬ربما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬حركة‭ ‬اليد،‭ ‬في‭ ‬تصور‭ ‬صاحبها‭ ‬الخطاط،‭ ‬لتخْلُق‭ ‬ردة‭ ‬فعلٍ‭ ‬شعريٍّ‮.:‬‭ ‬تتجسد‭ ‬اللغة‭ ‬فتغيب‭ ‬الصورة‮.‬‭ ‬‮..‬‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حصل،‭ ‬وينظر‭ ‬إليه‭ ‬اليوم‭ ‬طريا‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬نزل‭ ‬للتو‭ ‬من‭ ‬طبقات‭ ‬المقدس‮!‬

في‭ ‬المصنفات‭ ‬السيرية‭ ‬الذي‭ ‬محضنا‭ ‬إياها‭ ‬السادة‭ ‬أهل‭ ‬الزاوية‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬علاقة‭ ‬الزاوية‭ ‬وشيخها‭ ‬بالكتاب‮.‬ وفيها‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬‮«‬مشيخة‭ ‬سيدي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬شهدت‭ ‬تامكروت‭ ‬النواة‭ ‬الأولى‭ ‬لخزانة‭ ‬الكتب،‭ ‬حيث‭ ‬ينقل‭ ‬صاحب‭ ‬الدرر‭ ‬المرصعة‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬الهشتوكي،‭ ‬أنه‭ ‬‮”‬جمع‭ ‬الكتب‭ ‬نسخا‭ ‬وشراءً،‭ ‬فنسخ‭ ‬بخط‭ ‬يده‭ ‬الكريمة‭ ‬عدة‭ ‬كتب‭ ‬منها‭ ‬القاموس‭ ‬المحيط‭ ‬والقاموس‭ ‬الوسيط‭ ‬والمرادي‭ ‬على‭ ‬التسهيل،‭ ‬وأمالي‭ ‬أبي‭ ‬علي‭ ‬القالي،‭ ‬وبعض‭ ‬العقد‭ ‬الفريد،‭ ‬لابن‭ ‬عبد‭ ‬ربه،‭ ‬وفي‭ ‬تصحيح‭ ‬الكتب‭ ‬ومقابلتها،‭ ‬وكتب‭ ‬الفوائد‭ ‬على‭ ‬حواشيها‭ ‬وطررها،‭ ‬وخصوصا‭ ‬نسخ‭ ‬الصحيحين،‭ ‬وقد‭ ‬رأيت‭ ‬كراريس‭ ‬عديدة‭ ‬لدى‭ ‬ولده‭ ‬وخليفته‭ ‬الشيخ‭ ‬مولانا‭ ‬أبي‭ ‬العباس‭ ‬‮…‬‭ ‬على‭ ‬صحيح‭ ‬البخاري،‭ ‬نافعة‭ ‬جدا‭ ‬لو‭ ‬أتمها‮…».‬‭ ‬

وقد‭ ‬احتلت‭ ‬تلك‭ ‬الكتب‭ ‬مكانة‭ ‬رفيعة‭ ‬لديه،‭ ‬حتى‭ ‬آثرها‭ ‬بالحصير‭ ‬الذي‭ ‬أهداه‭ ‬إليه‭ ‬تلميذه،‭ ‬المدعو‭ ‬منصور‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬التايرسوتي،‭ ‬ليقيها‭ ‬من‭ ‬التلف،‭ ‬فقدمها‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬وحشمه‭ ‬الذين‭ ‬ظلوا‭ ‬يفترشون‭ ‬جريد‭ ‬النخل‮.‬

واعتنى‭ ‬الشيخ‭ ‬باستنساخ‭ ‬الكتب‭ ‬لصالح‭ ‬خزانة‭ ‬تامكروت،‭ ‬فكان‭ ‬يبذل‭ ‬في‭ ‬سبيلها‭ ‬البيضاء‭ ‬والصفراء‮.‬‭ ‬فقد‭ ‬بذل‭ ‬لمحمد‭ ‬المهدي‭ ‬الفاسي‭ ‬‮(‬ت‮.‬‭ ‬1109‮)‬ ‬مقابل‭ ‬نسخ‭ ‬كتاب‭ ‬الحلية،‭ ‬لأبي‭ ‬نعيم،‭ ‬ثمانمائة‭ ‬مثقال‮.‬‭ ‬ وقد‭ ‬علق‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬المنوني‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فقال‮:‬‭ ‬‮”‬وهذه‭ ‬القصة‭ ‬تعطينا‭ ‬مثالا‭ ‬كبيرا‭ ‬عن‭ ‬اهتمام‭ ‬الشيخ‭ ‬ابن‭ ‬ناصر‭ ‬بتصحيح‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬يدخلها‭ ‬لمكتبته،‭ ‬واعتنائه‭ ‬بغرائبها،‭ ‬ومغالاته‭ ‬في‭ ‬تحصيلها،‭ ‬فرحم‭ ‬الله‭ ‬تلك‭ ‬الروح‭ ‬الطيبة‭ ‬وروحها‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬الجنان‮”. ‬‭ ‬فقد‭ ‬أفادتنا‭ ‬الملخصات‭ ‬بأن‭ ‬تلاميذ‭ ‬الشيخ‭ ‬كانوا‭ ‬يتنافسون‭ ‬في‭ ‬نسخ‭ ‬الكتب‭ ‬له‭ ‬‮”‬اعترافا‭ ‬منهم‭ ‬بالجميل،‭ ‬واستدرارا‭ ‬لدعواته‭ ‬الصالحة‮”.‬‭ ‬ منهم‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬السويدي‭ ‬المكناسي‭ ‬الذي‭ ‬أهداه‭ ‬نسخة‭ ‬عتيقة‭ ‬رباعية‭ ‬من‭ ‬الجامع‭ ‬الصحيح،‭ ‬رواية‭ ‬أبي‭ ‬ذر‭ ‬الهروي،‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬عشر‭ ‬جزءاً،‭ ‬ومنهم‭ ‬‮”‬أبو‭ ‬علي‭ ‬اليوسي‭ ‬وعبد‭ ‬الملك‭ ‬التاجموعتي‭ ‬وأبو‭ ‬سالم‭ ‬العياشي‭ ‬وأبو‭ ‬الحسن‭ ‬المراكشي،‭ ‬فجاء‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬للشيخ‭ ‬بنسخة‭ ‬جيدة‭ ‬مقروءة‮”.‬

ولم‭ ‬يقف‭ ‬شغف‭ ‬الشيخ‭ ‬سيدي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬واهتباله‭ ‬بالكتب‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬بل‭ ‬لقد‭ ‬سعى‭ ‬بوسائل‭ ‬أخرى،‭ ‬فضلا‭ ‬عما‭ ‬ذكر،‭ ‬فعمد‭ ‬إلى‭ ‬الاستعارة‮.‬‭ ‬ومما‭ ‬يذكر،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام،‭ ‬أنه‭ ‬كتب‭ ‬إلى‭ ‬ابن‭ ‬العالم‭ ‬أحمد‭ ‬آدفال‭ ‬يطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يعيره‭ ‬السفرين‭ ‬الأولين‭ ‬من‭ ‬شرح‭ ‬المرادي‭ ‬على‭ ‬التسهيل،‭ ‬وشرح‭ ‬الثمني‭ ‬على‭ ‬مغني‭ ‬اللبيب‭ ‬لابن‭ ‬هشام‮.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬الناصريون،‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬قريب،‭ ‬يتداولون‭ ‬رواية‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الشيخ‭ ‬سيدي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬ناصر،‭ ‬قد‭ ‬اصطحب‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬رحلتين‭ ‬اثنتين‭ ‬له،‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬التلاميذ،‭ ‬اعتاد‭ ‬على‭ ‬تكليفهم‭ ‬بنسخ‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعثر‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬نفيسة،‭ ‬عند‭ ‬نزول‭ ‬الركب‭ ‬ببعض‭ ‬البلدان،‭ ‬مثل‭ ‬القاهرة. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬تقسيم‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬كراريس‭ ‬فيوزعها‭ ‬على‭ ‬أولئك‭ ‬التلاميذ‭ ‬لينسخوها‭ ‬بسرعة‭ ‬فائقة. ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬تلك‭ ‬الوسيلة‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يزود‭ ‬خزانة‭ ‬تامكروت،‭ ‬أو‭ ‬دار‭ ‬الكتب،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يحلو‭ ‬للناصريين‭ ‬أن‭ ‬يسموها،‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬النفائس‮.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *