سياسة

المغرب يسعى لتحقيق اكتفائه الذاتي من الأسلحة بإحداث منطقتين للصناعات الدفاعية

تسير المملكة المغربية بخطى متسارعة في اتجاه الانضمام لنادي الدول المصنعة للأسلحة والعتاد العسكري، ولعل آخر هذا الخطى مصادقة المجلس الوزاري، الذي ترأسه الملك محمد السادس، نهاية الأسبوع الماضي على مشروع مرسوم بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع.

وحسب بلاغ الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، فإن المرسوم يهدف إلى توفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة.

مشروع يأتي استكمالا لخطة المغرب لبناء مناطق صناعية متخصصة في مجال الصناعات الدفاعية، خاصة بعد تلقي المملكة عروضا أجنبية للاستثمار في هذا المجال، فضلا عن دخول القانون المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة حيز التنفيذ.

عن دلالات هذه الخطوة وأبعادها، أوضح خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، أن إحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع هو جزء من مخطط إستراتيجي تقوم المملكة بتنزيله من أجل دعم قطاعها العسكري بمحور صناعي قادر على الإستجابة لجزء من تموينها المتعلق بالمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة.

واعتبر معتضد، أن جهود الدولة السياسية في تطوير قطاعها الحربي يحتم عليها وضع تصور متكامل للنهوض بهياكلها العسكرية والأمنية، وبالتالي فإن إنشاء مناطق للتسريع الصناعي الدفاعي، هدفه خلق رافعة صناعية داعمة للقطاع العسكري والأمني من أجل تقليص تبعية التموين من الخارج وبناء ثقافة عسكرية محلية قادرة على خلق قيمة مضافة للصناعات الاستراتيجية المغربية.

وأشار الخبير المغربي، إلى أن إحداث هذا النوع من المناطق المتعلقة بالصناعة الدفاعية سيدفع العديد من شركاء المغرب التقليديين والجدد إلى التنافس على الظفر بصفقات تشييد هذا الورش الإستراتيجي خاصة وأن التموقع سريعا ضمن إحداث مناطق الصناعات الدفاعية سيعطي امتيازات حيوية للشركاء من أجل ضمان عقود على المدى المتوسط والطويل لمواكبة إنزال هذه المشاريع بالمملكة.

وأضاف معتضد أن المغرب يعد وجهة تحت مجهر العديد من المستثمرين العسكريين الدوليين، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى الصين وتركيا والهند وإسرائيل، وبالتالي فمشروع هذا المرسوم الذي صادق عليه المجلس الوزاري سيضيف العديد من المستثمرين في المجال الحربي والدفاعي إلى جداول أعمالهم من أجل المداولة في التفكير عن المقاربات والمناهج التي ستساعدهم في الظفر بصفقة من صفقات هذه المناطق الصناعية للدفاع.

وشدد المختص على أن التوجه نحو إحداث هذا النوع من المناطق الصناعية ليس إختيارا سياسا أو توجه إستراتيجي تقليدي محض، لكن هو ضرورة حيوية بالنسبة لاستمرار الدولة في الحفاظ على مكانتها في ميزان القوى على مستوى فضائها الإقليمي ومواكبة توسيع نفوذها قاريا بالإضافة إلى مواجهة التطورات والتحولات في منطقة الساحل والصحراء.

وخلص خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد بالقول إن “العديد من التقارير العسكرية الدولية والأبحاث الإستراتيجية والسياسية توصي الدول الإفريقية، وخاصة تلك الواقعة في شمال وغرب الساحل والصحراء للإستعداد عسكريًا وأمنيا إلى الكثير من التحديات والتحولات التي تهدد استقرار المنطقة، وعلى الدول التي تحترم نفسها وتريد الحفاظ على توازناتها أن تستثمر في تطوير قطاعاتها الدفاعية لتجنب أي مفاجآت، في المستقبل القريب والمتوسط، والتي تهدد إستقرار وأمن الفضاء الإفريقي والمتوسطي.

جدير بالذكر أن محمد لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، أكد خلال مناقشة ميزانية الدفاع بمجلس النواب، نونبر 2023، أن المغرب بدأ العمل على إعداد تصور لإحداث مناطق صناعية مختصة لإنجاز المشاريع الاستثمارية في مجال الصناعة الدفاعية، والتي ستأوي مجموعة من الأنشطة الصناعية والخدمات المرتبطة بها.

وأشار لوديي إلى أن إرساء المغرب لأسس صناعة دفاعية متطورة من شأنه أن يلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية والتجارية التحقيق التدريجي للاستقلالية في مجال الصناعة الدفاعية والاستفادة من نقل التكنولوجيا المتطورة، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتوفير مناصب شغل جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *