سياسة، مجتمع

ملفات حارقة تنتظر الحكومة وسيناريوهات إصلاح التقاعد تقلق النقابات

تواجه الحكومة المغربية تحديات كبيرة في سبيل إصلاح أنظمة التقاعد، وهو ملف يثير قلق النقابات العمالية ويفتح باب النقاش على مصراعيه حول مستقبل المتقاعدين وحماية حقوق العمال. تأتي هذه التحركات في ظل ضغوط اقتصادية واجتماعية تعصف بالبلاد، مما يجعل من إصلاح التقاعد ضرورة حتمية، ولكنها محفوفة بالتحديات والمخاوف.

وتلعب أنظمة التقاعد دورًا حيويًا في حماية المتقاعدين من الفقر وتأمين مستقبلهم المالي بعد انتهاء حياتهم المهنية، لتشكل هذه الأنظمة ضمانًا للعيش الكريم من خلال مساهمتها في توفير احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية، فضلاً عن تخفيف العبء عن الدولة من خلال تحسين مستوى معيشة المتقاعدين وتحفيز الادخار وزيادة الاستثمارات، مما يعزز التنمية الاقتصادية الشاملة.

ووفقًا لمحضر الاتفاق الموقع بين الحكومة والنقابات بتاريخ 29 أبريل المنصرم، فستتم مواصلة دراسة تفاصيل إصلاح التقاعد وكيفيات تنزيله، باعتماد منهجية الحوار مع السعي إلى التوافق مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وذلك في أفق وضع تصور موحد لهذا الإصلاح وعرضه خلال الجولة المقبلة للحوار الاجتماعي في شتنبر 2024، على أن يتم عرضه على المصادقة التشريعية خلال دورة أكتوبر 2024 للبرلمان.

وتعتزم الحكومة المغربية، بقيادة رئيسها عزيز أخنوش، إطلاق ورش إصلاح أنظمة التقاعد خلال السنة الجارية. فقد بدأت جلسات العمل المخصصة لهذا الغرض بمشاركة وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، ورئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي عبد الرحيم الشافعي، حيث تم تقديم عرض مفصل حول الوضعية الحالية لصناديق التقاعد وسيناريوهات الإصلاح الممكنة الهادفة إلى ضمان ديمومة صناديق التقاعد وتحقيق مصلحة جميع الأجراء ضمن أسس الدولة الاجتماعية.

في هذا السياق، اعتبر عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يونس فراشين، أن هناك تأخيرًا في الملف، لأنه كان من المفترض بعد توقيع الاتفاق مباشرة أن يتم إعداد لجنة لأجل تقديم مقترحات الحكومة على أن تبدي النقابات رأيها في هذه المقترحات، مشيرًا إلى أن الاجتماعات لم تُعقد لحدود الساعة.

وأضاف فراشين في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، “مبدئيًا نحن ضد أي إصلاح سيكون على حساب الأجراء، سواء على حساب أعمارهم أو جيوبهم، وبالتالي نرفض الزيادة في الاقتطاعات ونرفض الزيادة الإجبارية في سن الإحالة على المعاش، وكذا أي مس بالمعاشات الحالية.”

ولفت المتحدث إلى أنه ينبغي أيضًا الزيادة في معاشات المتقاعدين الحاليين، مشددًا على ضرورة إصلاح حكامة الصناديق على اعتبار أن مدخرات مجموعة من الصناديق التي تعد بالملايير، يتم تدبيرها بشكل سيئ لما له من انعكاسات سلبية، وفقًا لفراشين.

وتواجه خطط الإصلاح الحكومية لإصلاح أنظمة التقاعد معارضة شديدة من قطاعات نقابية أخرى، فقد تأسست الأسبوع الماضي “الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد” من قبل مجموعة من الهيئات النقابية لمعارضة ما يعتبرونه تشريعات تراجعية تهدف إلى تقويض حقوق الطبقة العاملة.

وتعارض الجبهة ما تصفه بـ “تخريب/إصلاح” أنظمة التقاعد، معتبرة أن هذه الإصلاحات تخفي تملص الدولة من مسؤولياتها تجاه اختلالات أنظمة التقاعد البنيوية، وتسعى إلى استخدام أموال الأجراء والعمال لتغذية صناديق التقاعد الخاصة. كما تعترض الجبهة على الشروط التي يقترحها مشروع قانون الإضراب، معتبرةً أنها تسعى إلى تقييد هذا الحق وجعله مستحيلاً خاصة في الحالات المستعجلة.

ذات الأمر قالته أحزاب المعارضة، ففي أول تعليق له على مخرجات الاتفاق الاجتماعي الموقع بين الحكومة والنقابات والمفضي إلى إقرار زيادة عامة في أجور الموظفين، أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أن الحكومة تخلط بين الحوار والمقايضة، معتبرًا أنها “تقايض الزيادة في الأجور بإصلاح أنظمة التقاعد”.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *