اقتصاد

لماذا تختار الشركات الإسبانية المغرب وجهة جديدة لتصنيع منتجاتها؟

كشفت معطيات حديثة صادرة عن معهد التجارة الخارجية والاستثمار الإسباني (ICEX)، أن أزيد من 360 شركة إسبانية نقلت إنتاجها إلى المغرب، وهو ما يمثل حوالي 10% من الشركات العاملة في قطاع الصناعات الغذائية، بما في ذلك الكيانات الكبيرة.

وحسب ما نقلته صحيفة “لاراثون” الإسبانية فإن العديد من الشركات الإسبانية “قامت بنقل إنتاجها إلى الخارج، بينما تستعد شركات أخرى للقيام بذلك من خلال فروعها أو من خلال إنشاء شراكات مع شركات مغربية بسبب تبسيط الإجراءات الجمركية”.

يُعزى هذا الإنتقال حسب المصدر ذاته، إلى اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تسمح للمصدرين الأوروبيين بالاستفادة من إعفاء من الرسوم الجمركية على 70% من المنتجات الزراعية والسمكية المستوردة من المغرب.

تكلفة منخفضة

حديثا حول أهم السياسات والعوامل التي تدفع الشركات الإسبانية وغيرها من الكيانات الصناعية إلى نقل إنتاجها بالمغرب، أوضح الخبير والمحلل الاقتصادي ياسين اعليا، أن العامل البشري يعتبر من أهم العناصر التي تساهم في جذب الشركات الأجنبية، بحيث أن قوانين التشغيل بالمغرب أقل تشددا من الجانب الأوروبي.

واعتبر المتحدث أنه لا يوجد اختلاف على مستوى الترويج للمنتوج داخل دول الإتحاد الأوروبي، سواء صنع بداخلها أو داخل المغرب، مسجلا أن اتفاقية التبادل الحر تضع الشركات المنتجة في المغرب في نفس درجة نظيرتها بالاتحاد الأوروبي.

قرب الأسواق

وأشار الخبير الاقتصادي في تصريح لـ “العمق” إلى وجود العديد من العوامل التي تحفز انتقال هذه الشركات للانتقال للمغرب، فإلى جانب التكلفة المنخفضة لليد العاملة، هناك محفزات تقدمها المملكة من خلال تحفيز المنتجات الموجهة نحو التصدير من خلال الإعفاءات الضريبية.

وتابع: “بالإضافة إلى وجود المناطق التجارية الحرة التي تساهم في تخفيف العبء الضريبي على هذه الشركات، سواء الإسبانية أو غيرها، ما يساعد على اندماجها داخل الناتج الاقتصادي”.

القرب من الأسواق وضعف كلفة النقل ما بين المغرب ودول الإتحاد الأوروبي، يعتبر هو الآخر من أهم أسباب هذا الانتقال، حسب اعليا، ما يشير إلى أن ما تكسبه الشركات الإسبانية من استقرارها بالمغرب يكاد يكون أفضل بكثير من استمرارها في بيئة اقتصادية أكثر تشددا، خاصة من الناحية الضريبية بالإضافة إلى كلفة اليد العاملة.

الوعاء العقاري

وأكد المحلل الاقتصادي، أن السياسات الموضوعة من قبل الدولة تبقى مشجعة ولو بشكل نسبي، إلا أنها تعاني من بعض الإشكالات، وعلى رأسها الجانب المتعلق بالسياسات المتعلقة بالجانب العقاري، إذ أن الوعاء العقاري بالمغرب يناهز أو يقارب ثمن الوعاء العقاري الموجه نحو الإنتاج الصناعي في كل من البرتغال، وإسبانيا، وهو رقم كبير يؤدي إلى خلق شكل من أشكال المضاربة داخل الوعاء العقاري.

وتابع المتحدث، “الحكومة أضحت أكثر وعيا بهذه الإشكالية، حيث أنها تحاول استدراكها في برامجها الموجهة للمجال الاقتصادي، علاوة على أنها تحاول تحسين الولوج للوعاء العقاري مع تجنب عمليات المضاربات في هذا المجال”.

وأردف ياسين أعليا أن قوانين التشغيل تعتبر هي الأخرى من ضمن الإشكالات المطروحة، مؤكدا وجوب خضوعها لنوع من إعادة المراجعة، بهدف التخفيف من ضغط قوانين التشغيل بالمغرب، التي تحتاج إلى إصلاحات لتعزيز جاذبية واستقطاب المستثمرين الأجانب.

الاستثمارات الصينية

وفي معرض تصريحه شدد المتحدث على أن توسيع اتفاقيات الشراكات والتبادل الحر تفتح الأسواق أمام المستثمرين الأجانب ولعل الإنتاج الصيني خير مثال، إذ نقلت العديد من الشركات الصينية إنتاجها من الصين إلى المغرب، بهدف تجنب العقوبات الممكن التعرض لها، وخاصة المتعلقة بصناعة السيارات الكهربائية، وصناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

وأكد المتحدث على أن السياسات المعتمدة، تبقى ذات أثر إيجابي رغم الملاحظات الممكن تقديمها والتي تظهر أن هذه السياسات غير جاذبة للاستثمارات ذات الكتلة الكبيرة، والتي تساهم في خلق فرص الشغل، كون أنه من بين العوامل الأكثر إلحاحا في السياسات الاقتصادية القادمة بالنسبة للمغرب.

يذكر أن شركات أوروبية أخرى، مثل Stellantis الهولندية ورينو الفرنسية، قررت نقل إنتاجها إلى المغرب أيضًا، وتيظهر هذه الاتجاه حسب خبراء اقتصاديين جاذبية المغرب المتزايدة كوجهة استثمارية للشركات الأوروبية التي تسعى إلى خفض التكاليف والوصول إلى أسواق جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *