سياسة

“حصيلة هزيلة”.. مقترحات القوانين تختبر جدية تفاعل الحكومة مع البرلمان

أظهرت حصيلة تفاعل الحكومة مع مقترحات القوانين البرلمانية هيمنة السلطة التنفيذية على التشريع، مقابل ضعف المبادرات البرلمانية المعتمدة خلال النصف الأول من عمر الولاية التشريعية الجارية. فإلى حدود الأسبوع الأخير من شهر يونيو من سنة 2024، بلغ عدد المبادرات التشريعية بمجلس النواب ما مجموعه 284 مقترح قانون، وصل منها ستة مقترحات إلى مرحلة المصادقة بالغرفة الأولى للبرلمان.

وحسب معطيات رسمية حصلت عليها جريدة “العمق المغربي”، فإن 76 في المائة من هذه المبادرات التشريعية تقدمت بها أحزاب المعارضة (216 مقترحًا)، بينما تقدمت أحزاب الأغلبية بـ68 مقترح قانون إلى حدود ما مر من الولاية التشريعية الحادية عشرة، وهو ما يمثل قرابة 24 في المائة.

وكان للفريق الحركي حصة الأسد ضمن هذه المقترحات، إذ تقدم بـ75 مقترحًا (26 %)، متبوعًا بالفريق الاشتراكي، ثم المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فالأصالة والمعاصرة، والتقدم والاشتراكية، والتجمع الوطني للأحرار، والاستقلال، ثم النواب غير المنتمين، فالفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي.

ووافقت الحكومة مبدئيًا، خلال هذا النصف من الولاية التشريعية الحالية، على 12 مقترح قانون قادم من مجلس النواب، بينما تمت المصادقة بالمجلس ذاته على ثمانية مقترحات قوانين، ضمنها مقترح مشترك بين فرق الأغلبية وفرق المعارضة باستثناء العدالة والتنمية، بالإضافة إلى مقترحين تمت إحالتهما من مجلس المستشارين.

هذه الحصيلة تُعد جيدة بالنسبة للحكومة، إذ سبق للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن قال، خلال جلسة عمومية للأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم 11 يونيو الماضي، إن الحكومة أعطت “أهمية بالغة” للمبادرات التشريعية بالبرلمان.

وأوضح، جوابًا على أسئلة آنية طرحها كل من فريق التجمع الوطني للأحرار والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية والفريق الحركي وفريق الأصالة والمعاصرة ومجموعة الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، أن الحكومة تسعى جاهدة لتفعيل التزاماتها الواردة في البرنامج الحكومي، وتعمل على تعزيز التعاون البناء والتواصل المستمر مع البرلمان، في إطار “احترام فصل السلط وتعاونها المثمر”.

في المتوسط

في تعليقه على هذه الحصيلة من حيث المقترحات التي قبلتها الحكومة، قال أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، عبد الحفيظ أدمينو، إنها تدخل ضمن المتوسط، الذي يتراوح بين 12 و24 مقترحًا في الولاية التشريعية الواحدة.

 

واستدرك الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة “العمق”، قائلاً: “لكن على الحكومة أن تبذل مجهودًا أكبر في التفاعل مع مقترحات القوانين”، مشيرًا إلى وجود لجنة تقنية على مستوى الحكومة للبت في هذه القوانين إما بالرفض أو القبول.

وأشار أدمينو أيضًا إلى بعض الحالات التي تتوصل فيها الحكومة بمقترح قانون، في ظل وجود مخطط تشريعي لها، بحيث تخطط لطرح الموضوع ذاته في مشروع قانون. في هذه الحالة، يتم تسجيل المقترح بمكتب المجلس باعتبار أنه تم إيداعه أولاً، وبعد ذلك يتم إدماجه وأخذه بعين الاعتبار في المشروع.

عملية تفاعل الحكومة مع المقترحات، بحسب المتحدث، لا تسير بسلاسة خلال هذه الولاية التشريعية، “لأن هناك جانبًا مرتبطًا بأغلبية عددية مريحة للحكومة، وهناك تمرين ديمقراطي مهم وهو ضرورة مناقشة المقترحات في اللجان، ثم بعد ذلك رفضها أو قبولها”.

وشدد أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس على ضرورة منح المعارضة الفرصة للتعبير عن موقفها السياسي من خلال المقترحات، بغض النظر عن قبول الحكومة للمقترح من عدمه، مشيرًا في هذا الصدد إلى ما نص عليه الفصل 82 من الدستور.

ونص هذا الفصل على أن “يضع مكتب كل من مجلسي البرلمان جدول أعماله. ويتضمن هذا الجدول مشاريع القوانين ومقترحات القوانين، بالأسبقية ووفق الترتيب الذي تحدده الحكومة”، كما حدد الفصل ذاته يوماً واحداً “على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة”.

إفراغ البرلمان من مهامه

من جهته، انتقد رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، “هزالة” حصيلة تفاعل الحكومة مع مقترحات مجلس النواب، خصوصًا المعارضة، منبهًا إلى أنها تجاهلت العديد من المقترحات، خصوصًا “ونحن لا نقدم مقترحات للمزايدة، بل نسعى إلى وضع مقترحات ناجعة يكون لها أثر”.

وأشار حموني، في تصريح لـ”العمق”، إلى مقترح قانون تقدم به فريقه بالمجلس، يرمي إلى ضرورة تسقيف أسعار المواد والسلع المدعومة من المال العام، مشددًا على ضرورة ربط الدعم بالتسقيف.

 

 

وشدد المتحدث على أن التشريع يعد من اختصاصات البرلمان الأصيلة، لكن مع ذلك ترفض الحكومة الكثير من مقترحات القوانين، بل ترفض حتى مناقشتها في اللجنة، وهذا يعتبر “إفراغًا للمؤسسة التشريعية من مهامها”. ودعا رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية الحكومة إلى احترام الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب واحترام المعارضة والتفاعل مع مبادراتها التشريعية.

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *