اقتصاد

توقعات رسمية بارتفاعها.. تحويلات الجالية طوق نجاة للحسابات المالية الخارجية للمغرب

تُشير مؤشرات بنك المغرب الأخيرة إلى استمرار الارتفاع الملحوظ في تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، إذ من المتوقع أن تشهد تحسنا نسبته 1.9% خلال هذه السنة، فيما تُشير التوقعات إلى استمرار هذا الارتفاع خلال سنة 2025، لتصل إلى 123.7 مليار درهم، أي بزيادة 5.3%.

تقدم المعطيات المذكورة دليلا واضحا على مدى تشبث مغاربة المهجر بوطنهم الأم، فعلى الرغم من الظروف الدولية الصعبة، يحرص مغاربة العالم على إرسال مدخراتهم لدعم عائلاتهم ما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.

وتُعدّ هذه التحويلات رافعة أساسية للاقتصاد المغربي، حيث تُساهم في تعزيز الاستهلاك، وتنشيط الاستثمار، وتخفيف حدة البطالة، كما تُساهم في دعم الاحتياطيات الأجنبية وتحسين ميزان المدفوعات.

ياسين أعليا، خبير ومحلل اقتصادي، أكد أن ارتفاع تحويلات مغاربة المهجر ليست وليدة اليوم، بل هي امتداد لسيرورة بدأت منذ عام 2022، خاصة خلال الأزمة الصحية، موضحا أنها تشكل طوق نجاة للحسابات المالية الخارجية للمغرب.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه خلال السنوات الأخيرة، تواصل الارتفاع رغم الأزمات الإقتصادية التي تمر منها بلدان إقامة مغاربة المهجر، مسجلا أن الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية للمنطقة لم تؤثر على تحويلات المغاربة، بل واصلوا تحقيق هذا الزخم، ما يبرز مصداقية توقعات بنك المغرب بخصوص هذا الأمر.

واعتبر اعليا، أن بنك المغرب يتمتع بمصداقية عالية، وخاصة وأن خبرائه، يبنون توقعاتهم بناء على مجموعة من المعطيات المتعلقة بأثر التحويلات، وأثره أيضا على مستويات النمو في البلدان الأوروبية والتوجهات العامة للاقتصاد العالمي وخاصة اقتصاد منطقة اليورو حيث يرتكز مغاربة العالم.

وشدد المتحدث في تصريحه لـ”العمق” على أن تحويلات مغاربة المهجر تعد من أهم روافد العملة الصعبة، خاصة وأن الأخيرة تغطي بشكل كبير العجز الهيكلي في الميزان التجاري المتعلق بالبضائع،كما أنها تعزز بشكل كبير العمليات العامة للمغرب.

وأشار، إلى أن هذا المعطى يساهم في خلق العملة الوطنية وتعزيز السوق النقدية مع توفير السيولة من العملة الصعبة للالتزام، ما يساهم في أداء الديون الخارجية ويعزز القدرة على الاستيراد مع ضمان مدة أطول تقارب 6 أشهر ما يؤكد أهمية تحويلات مغاربة الخارج.

وأوضح الخبير الاقتصادي، في معرض تصريحه، أن التحويلات المتحدث عنها تلعب أدوارا اجتماعية متعلقة بتمويلات الأسر المقيمة بالمغرب في إطار ثقافة التضامن، ناهيك عن المساهمة في الاستثمار وتعزيز الطلب على مجموعة من القطاعات، داخل الاقتصاد الوطني، الذي ينتعش بفضل هذه التحولات.

وخلص ياسين اعليا، إلى التأكيد على أن تحويلات المغاربة تشكل طوق نجاة للحسابات المالية الخارجية للمملكة من أجل تحسينها وتخفيض العجز الهيكلي.

جدير بالذكر أن بنك المغرب قرر خفض سعر الفائدة بما قدره 25 نقطة أساس لتصل إلى 2.75%، وهو قرار جاء أخذا بعين الاعتبار النتائج التي حققتها سياسات التشديد النقدية، والتتبع المنتظم لانتقال قراراته، وكذا التدابير المتخذة من طرف الحكومة لدعم القدرة الشرائية للأسر وبعض الأنشطة الاقتصادية.

وحسب ما أكده البنك في بلاغ له عقب اجتماعه الفصلي الثاني برسم 2024، فإن الإجراءات المتخذة مكنت من إحراز تقدم جد ملموس من أجل عودة التضخم إلى مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار مع الحفاظ على انتعاش النشاط الاقتصادي بعد الجائحة وفي ظل هذه الظروف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *