أدب وفنون

على ايقاعات الجاز والفلامنكو..”القصري” و”لاباس” يختتمان مهرجان كناوة بالصويرة

اختتم مهرجان كناوة بالصويرة، فعاليات دورته الخامسة والعشرين، على إيقاعات كناوية وأخرى تحمل موسيقى الجاز والفلامنكو، مودعا جمهوره الذي ملأ أغلب منصات العروض عن آخرها إلى الساعات الأولى من الصباح بعد ثلاثة أيام من التنغُّم بالمزج الموسيقي العابرة للمحيط.

عروض موسيقية تطفح بمعاني السلام والتسامح والتعايش، شدّت اهتمامات زائري مدينة الرياح، من عشاق التراث الكناوي وموسيقى العالم، ومحبي الإيقاعات الملتهبة في حفلات المنصات الكبرى، والمتطلعين لنقاشات حقوق الإنسان التي تنظم موازاة مع الليالي الروحانية بين دروب المدينة العتيقة.

بآلة “الكمبري” الكناوية المتميزة، أطلّ المعلم اسماعيل رحيل، مؤسس فرقة “أولاد بامبارا” على جمهوره العاشق لموسيقى العالم، ممتعا إياه بما جادت به قريحته الغنائية التي تنهل من التراثين العيساوي والكناوي في آن.

كما تميزت هذه الليلة الموسيقية بأداء المغنية الإسبانية من أصول غينية، بويكا، لفقرة موسيقية نثرت على جمهور منصة مولاي الحسن الشهيرة سحر الفلامينكو والجاز والفانك بصوتها الفريد والمفعم بالحياة والتفاؤل.

ففي منصة “مولاي الحسن”، عاش الجمهور، على مدار ساعة ونصف من الزمن، لحظات صوفية كناوية ممزوجة بـ”الجدبة”، بعدما قدم المعلم حميد القصري مجموعة من أعماله كـ”لالة عيشة” و”مولاي أحمد”.

وقبل حفله الختامي بمهرجان كناوة، قال حميد القصري، في تصريح لجريدة “العمق”، إن “المهرجان أصبح لديه صدى عالمي تجاوزت حدوده أسوار الصويرة”، مضيفا أن “المعلمين يحظون بقيمة كبيرة من طرف المنظمين”.

وعلى منصة الشاطئ، غنت فرقة “لاباس” الجزائرية، بقيادة نجيم بويزول، للحرية والسلام وفلسطين، التي كان سيدة المشهد، من خلال هتاف الحاضرين، الذين رفعوا العلم الفلسطيني وتوشحوا بالكوفية.

وأدى نجيم بويزول، باقة من أشهر أعماله على غرار “الكاس يدور” و”يا بابور اللوح” “وفلسطينة”، فضلا عن أغاني أخرى تمزج بين الموسيقى الغجرية والتراثية في شمال أفريقيا والفلامنكو الإسباني.

وقال نجيم بويزول، الذي رافقته الغيثارة طوال السهرة، “سعيد باعتلاء مسرح مهرجان كناوة، لقد تحقق حلم الطفولة، واسترسل في الحديث وهو يتحدث عن المغرب والجزائر: الله يجعلها محبة دايما بيناتنا”.

وعلى إيقاعات “التمازج” العابر للمحيط، زفت الصويرة دورتها الخامسة والعشرين، محتفية بربع قرن من الشغف والالتزام، تكللت بإدراج التراث الكناوي ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي عام 2019.

وقدمت بويكا، وهي إحدى أكثر المطربات تميزا على الساحة الموسيقية الإسبانية، لمحبيها باقة متنوعة من الأنغام والإيقاعات التي تُجاوز الحدود الثقافية واللغوية.

ومن الولايات المتحدة الأمركية وغوادلوب، صدحت حناجر فرقة بوكانطي، بإبداعها الفني الذي يجمع بين أصوات الصحراء والدلتا، وبين البلوز والكالادجا المنتمي لمنطقة الكارايبي.

تشكيلةٌ متنوعة وغنية بالأنغام والإيقاعات غير التقليدية، جادت بها قريحة بوكانطي، التي تعالج في أغانيها مواضيع كالعنصرية واللجوء واللامبالاة تجاه معاناة الإنسان.

ومسك ختام هذه الأمسية، مزجٌ موسيقي جمع أحد أعمدة مهرجان كناوة وموسيقى العالم الذين اعتاد الحضور مشاهدته على منصاته منذ تأسيسه سنة 1998، وهو المعلم حميد القصري، الذي رسخ اسمه من خلال حفلات استثنائية وتاريخية، لا يكل جمهوره من الرقص على إيقاعاتها العابرة للمحيط.

ورفقته، أبدعت فرقة بوكانطي هذه الملحمة الموسيقية الثنائية، التي اخترقت وجدان الجمهور العاشق للموسيقى الكناوية بعمقها الروحي، الحامل للسلام والتعايش والتكامل مع الحفاظ على التنوع.

جدير بالذكر أن الدورة الـ 25 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي يضيء سماء مدينة الرياح، تستضيف 400 فنان يحيون ما مجموعه 53 حفلا موسيقيا، ضمن أجندة مواعيد موسيقية متنوعة، تقترح على الجمهور مجموعة واسعة من الإيقاعات الموسيقية النوعية.

وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية، انعقدت الدورة الـ 11 من منتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، المنظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، لاستكشاف غنى وتشعب العلاقات التي تجمع المغرب وإسبانيا والبرتغال، وذلك قبيل سنوات قليلة من الحدث التاريخي المتمثل في التنظيم المشترك لكأس العالم لكرة القدم 2030.

ووجه المنتدى هذه السنة الدعوة إلى شخصيات بارزة من خلفيات متنوعة للمشاركة في نقاش حر في ثلاث موائد مستديرة حول “ألف عام من التاريخ، ماذا بقي منا؟”، و”الرياضة والفن والثقافة.. مصيرنا المشترك”، و”التنقل البشري والاقتصاد والجاليات… حكايات الجوار؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *